طلب منّي أحد الأصدقاء و هو زميل لي في كلية الاقتصاد, بأن أقدم شرحاً مبسطاً و مقتضباً عن تعويم العملة   بلغة بسيطة و غير اقتصادية و أكاديمية, تحاكي فهم معظم الأفراد من الاختصاصات العملية و غير العلمية .

بعض الأسئلة كمفاتيح للموضوع :

1-   ماذا يعني تعويم العملة ؟

2-   من يقوم بتعويم العملة ؟

3-   هل تعويم العملة جيد أم سيء ؟ أي هل يفيد الليرة السورية أم يضرّها؟

4-   هل تعويم العملة هو دليل على إفلاس الدولة ( كما يُشاع بين الناس) , أم هو آلية اقتصادية تقوم بها الدولة للتأثير على منحى حركة عملتها في سوق الصرف.

الأجوبة:

1-   ماذا يعني تعويم العملة؟

تعويم العملة , هو آلية اقتصادية , تقوم على جعل سعر صرف العملة المحلية أمام باقي العملات , عائماً على أمواج تقلبات العرض و الطلب في السوق

و بمعنى أوضح , هو ترك مسألة تحديد سعر الصرف العملة المحلية للبلد أمام العملات الأخرى بيد السوق , أي بحسب كميات الطلب و العرض على هذه العملة , و هي آلية بسيطة جداً ومن أسس و مبادئ الإقتصاد.

مثال على ذلك : لنفرض أن علاقة العملة السورية مع الدولار هي : (1دولار=65 ل.س)

فإذا ازداد الطلب على العملة السورية بمقدار أكبر من العرض في السوق, سيؤدي إلى ارتفاع قيمة العملة السورية, ( مثلها مثل أي منتج يرتفع سعره عندما يزداد الطلب عليه و يكون الطلب أكثر من الكمية المعروضة في السوق) , و هذا يعني بأن الناس ستقوم بطرح دولار بالسوق للحصول على الكمية المطلوبة من العملة السورية, مما سيؤدي إلى ازدياد العرض من الدولار أكثر من الطلب عليه, مما يعني بأنه سينخفض سعر صرفه أمام العملة السورية, و سيصبح سعر الصرف على سبيل المثال (1 دولار= 63 ل.س) , و هكذا دواليك,

و العكس صحيح, في حال قل الطلب على العملة السورية, وكان الطلب أقل من العرض, و هذا يعني طلب السوق لعملات أخرى ( كالدولار مثلاً ) , مما يعني بأن العرض من العملة السورية سيزداد, مما سيخفض سعر صرفه, ليصبح على سبيل المثال (1دولار=67 ل.س) .

- بهذا أكون قد وضّحت بطريقة مبسّطة ما معنى التعويم وما هي آلية العرض و الطلب على العملة .

2-    من يقوم بتعويم العملة ؟

الجهة المسؤولة ع تحديد آلية تعويم العملة و طريقته ( حر أو مدار ) هي المصرف المركزي للدولة, و ذلك بالتعاون و التشاور مع وزارتي المالية و الاقتصاد, و يتحدد بقرار من مجلس الوزراء .

3-    تعويم العملة جيد أم سيء ؟ أي هل يفيد الليرة السورية أم يضرّها؟

التعويم ليس بأمرٍ جيد أو سيء , و إنما هو آلية يستخدمها المصرف المركزي للحد من تضخم العملة, و انخفاض سعر صرفها , أو لتخفيض سعر صرفها. و ذلك بحسب سياستها الاقتصادية و الصناعية ( إنتاج وصناعة, تجارة و ترانزيت, استيراد وتصدير) ..

و لكن بحسب حالة الوضع في سوريا الآن, تعويم العملة هو خطوة إيجابية, بسبب تحكم تجار و رؤوس أموال بالسوق النقدي و تحكموا و استطالوا في تحكّمهم , وهذا التعويم أشبه بما يسمى ( التعويم المدار) , أي تبدأ الدولة بالتعويم ولكن بإدارتها, و تدخل للسوق طارحة نقداً من العملات الصعبة (الدولار , اليورو , الإسترليني ,, الخ)  , و بمساعدة بعض أصحاب رؤوس الأموال. و بنفس الوقت يستطيع بأي وقت العودة لتحديد سعر الصرف بقرارٍ آخر. و ذلك لإدارة الأزمة و الخروج بأقل الخسائر, و محاولة العودة لسعر الصرف المنطقي.

و في النهاية , الحركة الاقتصادية في السوق, من صناعة و تجارة و ترانزيت و عمليات مصرفية هو الحكم و الفيصل و هو الذي سيدفع بحركة الطلب على العملة السورية في حال كانت الحركة إيجابية في السوق, و أما في حال كانت الحركة الاقتصادية مشلولة و بطيئة و مثبطة, سيؤدي لتراجع الطلب على العملة السورية و انخفاض سعر صرفها بالسوق.

4-   هل تعويم العملة هو دليل على إفلاس الدولة ( كما يُشاع بين الناس) , أم هو آلية اقتصادية تقوم بها الدولة للتأثير على منحى حركة عملتها في سوق الصرف.

تعويم العملة ليس دليل على إفلاس الدولة , و إنما هو آلية اقتصادية بحتة

إذ تستطيع الآن الدولة, بالدخول للسوق كبائعاً للعملات الصعبة, و تساهم في إعادة التوازن للسوق عن طريق مصارفها الحكومية.

 إعداد: فادي مروان سكاف  , اقتصاد و تخطيط / جامعة تشرين