من منحه الله عقلاً ولكن حرمه من التفكير العميق و سعة الافق يقيس مستوى فهم الآخرين بناءاً على المقومات التي يمتلكها...
ومن أغدق عليه الخالق من نعمة وافترض أن كل الناس تملك ربما أكثر ما يملك يلوم الجائع مثلما فعلت ابنة القيصر مع المتظاهرين لماذا لا يأكل كورن فليكس او بسكويت او حتى شوكولاته بدل أن يتضور جوعاً لانه يفترض ان ما في جيب الفقير يوازي ما في جيبه , وعندما يقارن الانسان مكان سكنه في بيت واسع يلوم من يسكن في مربع لا يتسع لأكثر من مكان النوم ويلومه لماذا لا يسكن فيلا وهل هناك سوى البخلاء من يحرم نفسه من حياة مريحة والقضية هي قدرات ومقومات وإمكانيات وفيما يتعلق بالإمكانيات ونفسيات البخل وعدم ارتباطها بالقدرات المالية
كان تاجر من المدينة يذهب على الدوام إلى الأرياف لشراء محاصيل وبنى علاقة مع احد المزارعين الذي كان يشوي له خاروف كلما زار الضيعة ومن باب المجاملة يناشد التاجر المزارع أثناء مدة الضيافة على الحضور لزيارته في المدينة حتى يتمكن من رد الجميل , وفي احد الأيام وبعد عدة سنوات توجه المزارع إلى المدينة وكان التاجر يجلس على كرسي أمام محله وعندما رأى المزارع واقفاً أمامه أشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى ومرة اخرى تحرك المزارع ووقف في مواجهة التاجر ظناً منه انه لم يتعرف عليه وكرر التاجر نفس الحركة حيث اشاح بوجهه إلى الجهة الأخرى وتعجب المزارع وقال له أنا فلان الا تعرفني فأجابه التاجر والله لو خرجت من ملابسك ما عرفتك ولا أريد ان أعرفك وطبعاً خيبة المزارع كانت لا توصف من كرم التاجر وأسلوب رده للجميل فالمزارع البسيط كان في منتهى الكرم والتاجر الثري كان في منتهى البخل ونكران الجميل
وفي نفس الوقت نجد من الناس من إذا زارهم ثري او قوي فرشوا له الأرض ريش نعام وإذا ذهب هو لزيارتهم فرشوا له ممسحة البلاط ويكون سعيداً بالممسحه في بيت القوي او الثري وهذا التعامل لا يمكن إلا وصفه بالقطرسه الاختيارية والتنازل عن الكرامة الشخصية ومنح الطرف الآخر نفح او جرعة استعلاء وغرور وتكبر إضافية في كلا المشهدين أي أنهم أسياد في بيتك وأنت عبد في بيتهم والفقر مقارنة بالثري او الحاجة الى القوي لا يبرر التضحية بالكرامة وعزة النفس التي هي جوهر من يحترم ذاته لان الموت البيولوجي أهون مليون مره من الموت المعنوي