تزحلقت أفكاري من رأسي في هذا الصباح، وأنا أشرب القهوة وأتابع المواقع الإلكترونية الكاذبة التي تشوه الحقائق اليومية، على مستوى الفرد والجماعة والدول.
ومن الصعب التحليق كطائر جريح في سماء العرب، أو العبور إلى المدن والمناطق العربية دون جواز سفر فتزحلقت أفكاري من رأسي وصمت الوجع، بعد أن تناولتُ حبَّتي سيتامول. ولم يهجم وجع الرأس بسبب ارتفاع الأسعار وأزمة المازوت، بل بسبب فيضان نهر السعادة الذي غسل رأسي ونظفه من (المبادرات القطرية- السعودية). وأُصبت بخوف شديد على (الأمير سعود الفيصل) وهو ينقّل بصره يميناً ويساراً ويقرأ وتتراقص عيناه ويداه..وطبعاً لست من الشامتين ولا من العاتبين على العربان الذين يسوّقون السياسة الأمريكية والإمبريالية، فهم منذ قرن لم يتغيروا، إذ هم يستوردون السياسة والإرشادات، ويصدِّرون النفط والتخلّف والفتاوى! وظلَّت عشرات الأسئلة ترسو في ذاكرتي، ولم تقدر سيول السياسة الرجعية العربية أن تزيحها أو تحرّكها شبراً من مكانها، فهي ثابتة لم تتغير، وأجوبتها واضحة وجاهزة، ولا تحتاج إلى تفكير كثير! ذلك أن ملايين الأشقاء العرب المخلصين الوطنيين الغيورين يتساءلون أيضاً:
ماذا يريد التحالف الخليجي العربي الرجعي- التركي- الأمريكي- الأوربي من سورية؟ فشلت محاولاتي المتعددة في إزاحة هذه المتراكمات من هواجسي الملحاحة، وفتح ثغرة في جدار السدّ، وقطع هذا النزف في السياسة العربية (المعاصرة) التي لبست ثوب الأفعى، وخرجت من تحت رمال الصحارى العربية! قلت بعد أن أنهيت متابعاتي الصباحية للأخبار الجيدة والفاسدة وتقليب وجوهها المتآلفة والمتغايرة المناصرة والمعادية: لماذا أُتعب نفسي وأجهد أفكاري وأخلصها من نداوتها وصفائها، فكل شيء أصبح مقلوباً!فتمزَّقت الكوفية العربية إلى نتف وأشلاء، وملوك النفط وأمراء الغاز والموز يمشون بالمقلوب. رؤوسهم تحت، على أسفلت الشارع، وأقدامهم تنفرج نحو الأعلى، ترسم إشارات النصر. وفتحتْ لهم الولايات المتحدة مصانع جديدة للأمشاط، لتمشيط ذقون مشايخ الفتاوى الغارقين في لتحليل والتحريم، وتنظيفها من الشرور والخطايا وتبديل ألوانها بالصباغ الحداثي. وتزحلق كثيرون بقشور الموز القطري والصومالي، وداهمهم العشا الليلي، وبدؤوا يرون النساء بلا رؤوس، بل عبارة عن أكياس سوداء، تسير بأقدام مصنَّعة على الطريقة الخليجية. كل شيء أصبح بالمقلوب، حتى (أكلة المقلوبة) تغير مذاقها، وذلك لتغير البهارات الهندية، وإبدال البهارات الأمريكية والتركية بها.
وأكَّد رجل مسنّ عارك الحياة بالتجربة الطويلة، وعاش دهراً في بلاد النفط والنخيل والكثبان، فقال وهو يصغي إلى تلاوة البيانات السياسة: لقد تبدَّلت الاتجاهات الأصلية والفرعية، وأصبح الشمال الأمريكي بديلاً من الشمال المغناطيسي. وهبَّت علينا رياح (تسوناميات السلفيين) من الجهات الأربع وعبرت حدودنا، محمَّلة برمال الربع الخالي. وغطَّت فضاءنا بالأتربة الحمراء والدكناء، أو كما يسمى (بالعجاج أو الطّوز). وانكشفت سياسة التزحلق وتلاشى بريقها، ويبست قشور الموز، واهترأت نعال الأحذية المصنوعة من جلد الكذب والحقد الأسود. وتمزق ثوب الأفعى، بعد التقرير الذي قدمه الفريق (الدابي)بصدقه وواقعيته، لكن أصحاب العيون الصفراء التي تقدح شرراً أزرق وغضباً ضبابياً ، هؤلاء المتزحلقون على أدراج البيت الأبيض، هددوا وتوعدوا في طيات تقاريرهم وتصريحاتهم وبين ثنايا سطورهم، ما يحمل من دلالات، ويشير بأن القادم الأعظم ينتظرنا..! هكذا يبدو المنظر، والثنائي يتجه نحو مجلس الأمن، لكنَّ الروسي يقف لهما ولغيرهما بالمرصاد! ويظهر في المشهد أيضاً، أن الردّ سيكون أقسى وأقوى مما يتصورون..!