أثناء سيرك على الرمال تشاهد الكثير من الصدف الفارغ والمكسر الذي قذفته أمواج البحر إلى الشاطئ واختلط برمل البحر والأصداف ذات القيمه والتي تحوي اللآليء الثمينة في قاع البحر...
ومن الأصداف ما يجذب انتباه الغواصين الهواة وليس المحترفين بمنظره الخارجي ولكنه يكون فارغ ومنها ما لا يجذب الانتباه ويحوي أثمن اللآليء وأكثرها جمالا ولو قارنا البشر بالأصداف لوجدنا أكثر الناس انتماءا لأوطانهم ولمصالح شعوبهم هم من عاش المعاناة واقعا ولم يقرأ عنه أو يشاهده على شاشات الفضائيات ولم يسمع عنه في الأخبار ولم يقرأ عنه في القصص والصحف والمجلات إلا من رحم ربي ويكون جوهرهم فارغا أو يغلفون أنانيتهم وانتهازيتهم ووصوليتهم مرحليا لغاية الوصول للهدف وبعد أن يطيشوا فوق رؤوس الشعوب تدفعهم مصالحهم الشخصية وأنانيتهم إلى الانحراف والانفصال عن المصالح الحقيقية للأوطان والشعوب والانحراف الذي يمارسه هؤلاء لا يكون وليد اللحظة ولا ردة فعل انفعاليه أو ضغط الظرف والمرحلة بل يكون كامنا في جوهرهم ينتظر الفرصة لتجسيده انحرافا عن الخط السوي
ومن يتاجر بما يملك فهذا حقه آما أن يتاجر الإنسان بما لا يملك فهو أمر فيه اعتداء على حقوق الآخرين وكيف الحال إذا كان المعتدى عليه وطن وحقوق شعب والمعتدي هو من طاش على جراح وآلام ومعاناة وأرواح وعذابات شعب بكامله واستغل الثقة التي منحوها له للتلاعب بمصالحهم ومصائرهم ومصير وطن بتاريخه الماضي وحاضره ومستقبله الذي يعني كل من انتمى إلى هذا التراب وهناك من اللآليء التي تحتفظ بقيمتها حتى لو غيبهم الموت أجسادا ولكنهم كانوا ولا زالوا وسيبقون منارات خالدة للأجيال القادمة وأمثال غسان كنفاني وناجي العلي وعمر المختار وغيرهم الكثيرين ممن برزوا ونبغوا من قلب المعاناة وحافظوا على شرف الانتماء للوطن و صواب الموقف ودفعوا أرواحهم رخيصة ولم يورثوا عائلاتهم سوى ذكرى عطره تنحني لها الهامات
وباختصار يمكن التأكيد لكل من شكلت الأنانية والمصلحة وحب الذات وخيال الكرسي العزيز غشاوة على بصيرتهم وأعمى بريق المال أبصارهم أن الأوطان أغلى من أن تعرض في أسواق النخاسين ليست سلعة في مزاد وليس من حق أي كان اعتبار نفسه وصيا على وطن أزلي ابدي ولا على حقوق شعب لم يذق من طعم الحرية إلا لسعات نار محاولة تحقيقها واقعا لوطن وشعب ودماء الشهداء وعذابات الجرحى ومعاناة الأسرى هي شموع تضيء طريق الأجيال ومهما تأخر بزوغ شعاع شمس الحرية فلا بد انه سيأتي يوما مهما طال الزمن المرهون بقدرتنا على عدم الركض وراء نماذج فارغة المضمون أو مشروخة الجوهر وفاقده للانتماء الحقيقي ممن يشبهون الأصداف الخاوية حتى لو كانت جذابة الغلاف