ان العلاقة بين الاب وابنائه يجب ان تبدأ من مراحل مبكرة أي مرحلة الاستعداد للزواج فهو سوف يختار الام المنتظرة فيجب ان تكون متوافقة في السلوك والتعليم والمشاعر مع متطلبات الاب الذي يريد ان يبدأ بتشكيل العائلة الجديدة المرتكزة على الحب والتوافق العاطفي والنفسي .....
ان الدافع الاول وهو الحاجة الفطرية والغريزية لوجود الشريك الملائم والمناسب الذي يقوم على الود والتعاون والتفاهم البناء فالرجل منذ الوهلة الأولى يبحث عن المرأة المخلصة له والتي تحفزه إلى بذل النشاط وتعينه على دوام العمل كما أن المرأة أيضا تبحث عن الرجل الذي يؤمن بها وبرسالتها وتطمئن أليه في معاشرته أليها وتمنحه القوة والثقة في مواجهة أعباء الحياة .
والدافع الثاني هو حاجة الإنسان (الرجل والمرأة) إلى من يحقق له
التوازن بين القوى المختلفة بصفة عامة في هذا المجتمع فالرجل والمرأة لديهم نزوع
ورغبة في تلقي العناية من الغير ففي الزواج إشباع لهذه الغريزة تماما فحينما تهتم
المرأة بشؤون الرجل ( الزوج) والأشراف على أموره الشخصية ففي هذه الحالة تشبع رغبة
الزوج في إحساسه وشعوره بالاهتمام كذلك ما نراه من ميل الرجل إلى أن تكون له امرأة
يحميها ويرعاها ويغار عليها في الوقت الذي هو فيه مستعد تمام الاستعداد لتلقي
رعايتها وحبها وهذا يتفق تماما مع الآية الكريمة ( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم
أزواجا لتسكنوا اليها وجعل بينكم مودة ورحمة ). فللولد حق على أبيه في اختيار أمه،
وله حق على أمه في قضية اختيار أبيه.
ان النضج الجنسي للزوجين وحده غير كاف لاقامة وبناء أسرة سعيدة ، ومن ثم فأن الحياة الزوجية لا تتأسس على الدوافع الجنسية وحدها وانما تعتمد على دعامته الأساسية والرئيسية ألا وهي النضج النفسي للزوجين فيجب التمهل والتريث قبل الأقدام على هذه الخطوة المصيرية فأن الآراء الخاصة بعلماء النفس لا تتعارض مع وجهة النظر الدينية لأن الزواج ليس هو القدرة الجنسية فحسب بل يهتم الدين ويحرص كل الحرص على النضج النفسي للزوجين لاقامة وبناء حياة أسرية مستقرة فأن هذا وحده لا يكفي أيضا فلا بد من وجود القدرة المادية لشبابنا على تكاليف الزواج والنهوض بأعبائه ومسئولياته وهذه أمور تستلزم إلى جانب القدرة المادية وجود أيضا الخبرة
الشخصية والثقافية وهذه أمور نسبيه تختلف من شخص لآخر وذلك لان العمر العقلي وهو الخبرة الشخصية والنضج النفسي أولى بالاعتبار فقد تتوافر هذه القدرات لدى شخص ما دون الآخر فعندما تتوافر كل هذه القدرات لدى شخص ما فحينئذ يكون كل من الفتى والفتاة أهلا للزواج. ولذلك يؤكد علماء النفس والمجتمع على ان عمر الزواج المثالي هو مابين العشرين عاما والخمسة وعشرين عاما.
ان علماء النفس يؤكدون على إلا يكون بين الطرفين فرق كبير في تكامل الشخصية أو تفاوت كبير في المستويات الاجتماعية والثقافية والعقلية لان هذا التفاوت قد يؤدي فيما بعد إلى التنافر فلا بد من أن يتم الزواج بناء على اختيار ديني وثقافي واجتماعي فلا بد من التريث والتبصر في الاختيار المناسب للزيجة فالزواج الذي لا يراعى فيه ذلك يكون محكوما عليه بالفشل ولذلك فأني أوصى شبابنا وأخواتنا بصحة الاختيار على الأساس الديني أولا والثقافي والاجتماعي ثانيا وفقا لقول رسول الله صلى الله عليه واله وسلم ( تنكح المرأة لاربع : لمالها ولجمالها ولحسبها ولدينها فأظفر بذات الدين تربت يداك ). وقال ايضا (تخيروا لنطفكم فانكحوا الأكفاء وانكحوا إليهم).
ومن الأمور المهمة التي تتكفل بنجاح دور الأب في وظيفة الأبوة بعد الاحساس بها والإيمان بدوره الفعال مسألة «الحب»، فالأب الذي لا يحب أولاده فإنه سوف يعيش دوره كأب من دون معنى، أي يعيش دوراً خالياً من أي حياة أو روح، والأبناء إنما جلّ ما يريدونه من الأب اهتماماً ممزوجاً بالحب والحياة، هم يريدون اهتماماً مع حب وإلا كان اهتماماً من رجل عادي مثله مثل أي رجل وليس بوصفه أباً، والصحيح القول بأن الاهتمام القليل مع الحب بالنسبة لنجاح وظيفة الأب أفضل وانجح من الاهتمام من دون حب لماذا؟؟ لأن الأبناء يعيشون أكثر من شعور في ظل الاهتمام الأبوي مع الحب فهم يعيشون حالة الاهتمام جنباً إلى جنب مع حالة الأبوة الحنونة.