وقفت على أطلال دمــار أحيــاء و لم أســمع إلا صوت نحيب الريــح بين الأبنية المهدمة والجــدران المتصدعــة نظرت هنــا و هنــاك عســاي أن أرى أحــداً حتى يطلعني بمــا جرى ممن سبب هذا الدمــار وأكوام الحجــارة المتراكمة...
فإذا بــهرم يجلس قبــالة باب حديدي صدئ مما بــقي من دار بلا سقف و لا جدران و أمامه قطــع أثاث بيته المتكســرة إقتــربت منه متردداً ســلائلاً "ياعــم كيف حــالك"؟ فرمقنــي بمقــلة عين جامدة جف فيها الدمع و قال "
هل تســألني عن حالي المنكســرة"؟ أم تســـألني عن أحــوال أهــل الحــي الذين فــروا من منــازلهم و تركـوا وراءهــم ذكريــات عيشــهم في هذه الشــوارع المتقطعــة؟ أم تســألني عن أطفــال كانــوا يضحكون و يلعبون بين الأزقة و صــاروا بعد هذا الدمــار دمــى أحجــار نسفت براءتهم المتوقــدة ؟ أم تســألني عن أمهات صرن في عيدهــن ثــكالى لأب أو زوج أو إبــن أو أخ أو قريب و أضحوا بعد هذا أرامــل المجازر المروعة؟
و طــأطـأ هذا الكهل رأســه متمتاً "لا تســألني يا ولدي عن حــالي و كفــاك أن تنظــر ما حولك لتعرف هذه الحــال المتكدرة" العيــن تــدمع و القلب يخشــع على ما صــارت إليــه بلادنــا من دمــار و تهجيــر لأهلنــا من أحيــائهم و مدنهم هرباً من غدر العصابات الغادرة هل هذه ســوريا حقاً التي بــارك الله فيها و مــاحولــها و بأهــلها ، مهــد الديــانات الحضــارات والرســالات الســماوية الخــالدة؟ أم أنا أجول بأرض غيــرها بكــابوس مهــد قد آويت له في عتمــة ليــل أحــاط بأحلامي برؤى دموية مشــيطنة المخيــلة؟
أعمــة ســوداء ترتفــع فوق منابر نار جهنمي لم تكن بأي شـريعة سوى قوافل قتل وإجرام و إغتصاب بإفتاء الكفرة و أعراض تستباح بلا رادع بذئــاب هيئتها بشــرية و لكن فتكها تخطى قوانين الغاب و مبرراته المقدرة من رب السموات و الأراضي محاسباً البهائم بعدله قبل البشــر في يوم يقول فيه الكافر ياليتني كنت تراباً، و لكن أين المغفرة؟
لمن عاثوا في أرضنا فســاداً و تخريباً بتشريع هم سنوه لأنفسهم و السماء براءة من أفعــالهم الدنيئة القذرة التي دنسوا بهــا أمن البلاد و هدئتها و نــادوا بسفك الدماء و قتل النفس التي حرم الله، و زهق الأرواح الطــاهرة الذين خطفوا البسمة من ثغر طفل، و قتلوا الفرحة في رحم أم و دمروا الحلم في مخيلة كهل كالذي رأيته بين ركام الأبنية هل من حر أبي يرضــى لبلده أن تكون مطية للغدر و الخيانة ممن كانوا على مر الزمان قتلة العروبة المسجونة المكبلة؟ الذين قايضونا برصاص غدر يقتلون به شعبنا و من على منابرهم ينددون بجرائم مرتزقتهم المأجورة المستعبدة
هل لي أن أنتظر هذا الكهل ليوقظني من كابوس مرير أم هي حقيقة نعيشها على أرضنا السورية المحترقة؟ بعد أن كانت بلد الأمــان و تعايش مشترك بين كل الأديان، شهادة ناصرِ قال عنها قلب العروبة النابض المنورة ستبقى سوريا كما عهدناها لنا عصية على الغادرين الذين أرادوا بهــا تدميراً وهم مندثرين في أضغاث أحلامهم الغابرة حقيقة لا يستطيع أحد أن يغايرها بأننا شــعب متلاحم نـزود عن أرضنــا بأرواحنا حتى نستعيد أمان سوريا المتوحدة.
تسأل ( هل من حر أبي يرضــى لبلده أن تكون مطية للغدر و الخيانة ) الحر الأبي لايرضى بهذا إلا الذي أمتهن الخيانة وهانت عليه شرفه وبلده وباع نفسه للشيطان ب25 ليرة فهل هذا حر أبي ؟ لقد صدمت عندما شاهدت الفيديو وأحد الخونة يقول للمتظاهرين ( يللي جاي على مئة ليرة يرجع نحنا مو بحاجة إلو وأكتر من 25 عالراس مارح ندفع ) تصور رجل يطالب بالكرامة والحرية ويبعهم 25 ليرة , والله أكثر منظر تأثرت به وتمنيت لو فتحت الأرض وخفست بهم جميعا ياحيف ياعيبشوم .............