أنا لست ضد التغير ..لا بل على العكس فإذا كان المقصود بالتغير هو الارتقاء بالبلد نحو الأفضل فهو أمر ضروري وملزم وعلى جميع السوريين دعمه ،ولكن التغير لا يكون بالتدمير ،ولا يكون إلا بطريقة صحيّة عقلانية بعيداً عن الغوغائية ومنطق الأبيض والأسود ، لأن ما بُني على الخطأ لا يمكن إلا أن يؤدي إلى خطأ حسب قواعد المنطق الرياضي ، وإن انجرار بعض أطراف المعارضة نحو العنف ،هو بمثابة شهادة وفاة للمعارضة كمعارضة وطنية من جهة ، وكمواطنين سوريين من جهة ثانية .
فالمعارضة الوطنية هي جزء لا يتجزأ من أي منظومة سياسية أو اجتماعية صحيّة ، والبلد في أمس الحاجة إلى معارضة وطنيّة حقيقيّة تنتقد الأخطاء الموجودة نقداً إيجابياَ بهدف التحسين والارتقاء نحو الأفضل ،فالمعارضة الوطنية تعكس رغبة التغير والتحسين التي تُولد في الداخل كنتيجة تطور طبيعي انطلاقا من حاجات الداخل ، ولا يمكن لمعارضة تصف نفسها بأنها وطنية أن تعكس ما يمليه عليها الخارج ،أياً كان ما يمليه وأياً كان ذاك الخارج ،بل تعمل مع الحكومة والشعب انطلاقاً من مشترك سامٍ وهو رغبة بناء وتحسين الوطن كالمنظومة كلية مشتركة نحو الأفضل.
لابد في البداية لكي نجيب على سؤالنا ،أن نطرح على أنفسنا عدة أسئلة ....هل ما يجري
في الشرق الأوسط ولاسيما في الفترة الأخيرة ، أمر عفوي ؟ هل تقسيم السودان على أساس
طائفي إلى دولتين ، وتقسيم العراق وليبيا إلى فدراليات شبه مستقلة ، كان من قبيل
الصدفة ؟ وهل يمكن للولايات المتحدة أن تترك مجالاً للصدف في منطقة الشرق الأوسط
ذات الأهمية الاقتصادية والإستراتيجية الكبيرة؟ وكيف تم اختيار عرّابي
"الثورات العربية " وهل يمكن "لربيع العربي "أن ينشر الديمقراطية على
أيدي من يفتقدها ؟
وكيف تم التلاعب بالمصطلحات، بهدف التحكم بالرأي العالم العربي والدولي وحشده
وتسخيره لصالح ما يريده الخارج ، وما هو دور معارضة "المجلس الوطني " في كل
ذلك ؟ وهل يمكن أن نصف تلك المعارضة بالوطنية؟
فإذا كانت معارضة وطنية حقاُ لماذا استخدموا اسما براقًا .... "الجيش الحر " الذي
ضم تحت جناحه شُذَّاذ الأفق وقطاع الطرق ليمارس عربدته ويعيث فسادا في البلاد
والعباد ، فعملية خطف هنا وقتل هناك ، وتفجير هنا وتهريب هناك ، ليكرس عنف الغوغائي
ممنهج يمهد لمرحلة جديدة من "الفوضى الخلّاقة " والتي لن تخلق طبعاً إلا ما
تريده إسرائيل !
إذا كانت معارضة وطنية حقاُ لماذا استخدموا اسما براقاً .... "مؤتمر أصدقاء سوريا
" الذي ضم تحت جناحه كل الدول المعادية لسوريا ...والذي دعا لتسليح "الجيش
الحر " وهو يعلم تماماً ما ينطوي عليه ذلك الفعل من مخاطر من شأنها قتل المزيد
والمزيد من الأبرياء، وكيف أصبحت الولايلات المتحدة الأمريكية بين يومِ وليلة
"صديق " لسوريا، وكيف نجح الإعلام –المردوخي*- في تحويل الأنظار خلال فترة قياسية
عن الغزو الصهيوني الأمريكي للمنطقة ، إلى "ربيع عربي " ما هو إلا إمتداد
لمخطط جورج بوش القديم الذي ظاهره نشر الديمقراطية في العالم ، وباطنه الله أعلم !
إذا كانت معارضة وطنية حقاُ لماذا استخدموا اسما براقا.... "الإعلام الحُر " لوصف
الإعلام الطائفي التحريضي المنحاز ....والذي أمعن في الاستغلال السياسي لدماء
السوريين من خلال ضخ إعلامي مكثّف يكرّس منطق الأبيض والأسود،هذا عدا التهويل
والمبالغة ونشر الأكاذيب مستغلين ضعف الإعلام الحكومي وترهله في سبيل التغطية على
جرائمهم وجعلها بطولات من ناحية ، وشيطنة الجيش السوري وإحباط كل محاولات الإصلاح
التي قامت بها الحكومة السورية كل ذلك بهدف الترويج لتدخل خارجي ،فلماذا تتبجح
المعارضة وتدعو لتدخل عسكري ولحظر جوي و...و.... وهي تعلم ما جره غزو العراق من
نتائج كارثية دفع ثمنها العراقيون من دمائهم .
إذا كانت معارضة وطنية حقاُ لماذا استخدموا اسما براقا.... "الربيع العربي " من أجل
التغطية على مشروع صهيو-أمريكي يهدف لإدخال المنطقة العربية في صراعات مذهبية تهدف
لتطبيق سايكس بيكو جديد من جهة وغلق ملف الصراع العربي الإسرائيلي من جهة ثانية.
إذا كانت معارضة وطنية حقاُ بمعنى أنها تضع انتمائها الوطني فوق أي اعتبار أخر،
فلماذا تعج صفحات "الثورة " بالتعليقات الطائفية والمذهبية والتحريض على
العنف الذي لن يخدم إلا إسرائيل وعملائها في المنطقة ، فطالما الهدف هو تحسين البلد
والارتقاء به نحو المستقبل -والذي هو هدف الجميع- فلماذا قبلت أن تكون جزءاً ممن
يسعون لتدمير سوريا ؟
إن أي متأمل فيما يجري في الشرق الأوسط يدرك بسهولة حجم أوهام المعارضة أصحاب الفكر
"الدون كيشوتي "** الذين يعتقدون أن الفردوس هو في إسقاط النظام ،والذين يقودون
المنطقة نحو المجهول ، وليتهم علموا أنهم ليسو سوى بيادق في لعبة شطرنج قذرة لا
تخدم إلا مصالح أمريكا وإسرائيل وهنا أتذكر ما قاله وزير الدفاع الصهيوني موشي
دايان بعد نكسة حزيران: "العرب أمة لا تقر " .....
ولا يزال العرب أمة لا تقرأ وطالما بقي العرب أمة لا تقرأ سيبقى مصيرهم بيد
الأخرين.
بقلم : عبدالله دبدوب نيسان 2012
هوامش :
* نسبة إلى روبرت مردوخ وهو رجل أعمال ذو فكر متصهين يمتلك عدد ضخم من وسائل الإعلام
**نسبة إلى رواية "الدون كيشوت " للكاتب الإسباني ميجيل دي سيرفانتس.
صدقني يا صاحبي ان المعارضة لو بقيت مئة عام اخرى على هذا الوصف -مع انه لايشبه الواقع في شيء- لما استطاعت ان تغطي على الجرائم التي ارتكبت خلال عام واحد من قبل الطرف الاخر والذي لم تاتي على ذكره لانك لا تتابع الاعلام الحر
يادبدوب الم يفرح النظام بالربيع العربي عتدما كان بعيدا اذا لم تكن مستفيدا بشكل غير شرعي من النظام هل تعتفد ان حكم النظام كان رشيدا الا يجب على الشعب تغيير الفاسدين والفاشلين
المقاومة الممانعة ومن قبله الصمود والتصدي ضد من عمليا! للأسف ضد الشعب السوري والعربي والفلسطيني واللبناني الذين ذاقوا الويلات على يد عصابات الفأر
وهل تسمي ما يجري بايد النظام وطنيا