نحيا لنموت . . . يا ليتنا . . . نموت لنحيا
محكومون بما ؟. . . متهمون بما؟ . . . لما لا نحافظ على حسناتنا مع علمنا إلى أين تهوي بنا عيوبنا و أخطائنا ؟
نحن المخلوقون بشراً . . . بما ندعي أننا نملك من العقل . . . وبما نحاول إظهاره من القدرة على الصمود في وجه الغرائز والرغبات والخطايا . . . وبما ندرك من مأساتنا عند سقوطنا في الهاوية
نحن الذين لطالما تجاهلنا عن عمدٍ وأغفلنا عن قصدٍ معايير الخير والطيبة وانسقنا تدفعنا مصالحنا وراء معايير الزيف والسطحية
ما أن تسكن بعض تلافيف دماغنا أي معرفةٍ حتى نفكر كيف سنستغلها في الوصول إلى غاية ما وهي على الأغلب غاية شريرة تنطوي فيما تنطوي في أحسن أحوالها على الأنانية
لما تُرانا نتسابق مع أنفسنا للوقوع في مستنقعات الرذيلة وكأن لا هم لنا إلا أن نثبت دناءتنا
نحن من نولد من ضعفٍ . . . لنقوى . . . وما إن نقوى حتى نندفع لتسيير حياتنا بناء على الحسابات المادية القائمة على الربح والخسارة بلا أي التفاتٍ للمعاني القيمية والأخلاقية والمعنوية
من منّا . . . من أولئك الذين يغمضون أعينهم الإغماضة الأخيرة وهم قادرون على إقناع أنفسهم قبل إقناع غيرهم بأنهم عاشوا الحياة كما يجب أن تعاش واضعين الصلاح نصب أعينهم ومحققين أهدافهم بالمحافظة على روحهم صافية نقية غير آيسة من الرحمة
ويبقى الاختلاف الوحيد بيننا . . . نحن الضالون التائهون هو كيفية الوقوع في مستنقع الخطيئة فمنّا من لا يفكر ولا يريد حتى أن يتوقف ليفكر بأي معنىً من معاني الخير طالما أنها على حساب استفادته فتراه يركب أول قطار للرذيلة ومنّا من يحاول التظاهر بأنه يريد زرع الفضيلة ولكن – حسب زعمه -
متطلبات الحياة وقسوتها على المرتدين ثياب الطهر هي من حرفته عن مساره المستقيم ومنّا من يحاول فعلاً الصمود والمقاومة إلى أن يتخطى الامتحان قدرته على التحمل فيهوي بعد إسكات ضميره بحجة أنه سيعود إلى معسكر الخير ما إن يتجاوز أزماته كي يتمكن من العودة إلى خندق الصمود ولكن رمال الترف المتحركة تغرقه في مستنقع الرذيلة ومنّا من يصمد كثيراً وما أن تحين لحظة إعلان نجاته حتى نراه يسقط السقطة الكبرى ويضيع في أفكاره متقوقعاً في خندقه لدرجة تجعله يشكل سداً منيعاً لكل منتجات الحياة فيصعب عليه التأقلم ليصبح تغريده خارج سرب الواقعية منتقلاً من خندق الصمود في وجه الرذيلة إلى خندق المواجهة مع كل الحياة بكل ما تحويه من جميل القيم والمعاني
ولعل أكثر ما يظهر الغباء فينا هي علاقتنا بالوطن
فما إنْ نرتدي ثوب الوطنية حتى نمزقه بسكاكين وسواطير المصالح الخاصة أو نحرقه بنيران النزعات والغرائز والتطرف. . . بلا أي مبالاة بتمزيق الثوب الذي يدفئنا ولا أي اكتراث لحرق الرداء الذي يستر عرينا
فإنْ كنّا من أفراد الشعب بلا ميزةٍ أو مرتبةٍ . . . فإنّ جل اهتمامنا هو تأمين مصالحنا على حساب الوطن . . . أن نحلل لأنفسنا ولمن يقف معنا على ذات الحجر أو ذات الضفة أو ذات الجهة سرقة خيراته ونهب ممتلكاته طالما أننا بمأمنٍ من الحساب والمحاسبة
فإنْ علونا مرتبة على سلّم الوظيفة الإدارية سنحسب أن الوطن قائم علينا وهو بكل مكوناته لا يمكنه البقاء من دوننا
أما إن كانت تلك الترقية سياسية فسينصب همنا على الاعتناء بمظهرنا " بالطقم والكرافه " لنبني حاجزا منيعاً بيننا وبين من أوصلنا
فكيف لنا . . . نحن الساقطون عن صراط الوطنية في مستنقع الضعف أو مستنقع الجهل أو مستنقع التطرف أو مستنقع التأمر أو مستنقع النزعات بكل أشكالها القبلية أو العشائرية أو الطائفية أن نحمي الوطن ؟؟
كي نحمي الوطن . . . لا بد لنا . . .من أن ننتصر على ذاتنا أولاً . . .
فتعالوا نحيا . . . فإن متنا فإنا . . . نموت لنحيا . . . من أجل الوطن