كان الدمج بين القومية والأشتراكية هو التطور الأيديولوجي في النظرة السياسية والأجتماعية العربية التي الذي سادت خلال فترة الأربعينات و الخمسينات من القرن الماضي وأرتبطت بنضال الشعوب العربية في التخلص من الأستعمار وعملائه من البرجوازية والأقطاع وتجلى ذلك من خلال تحول القوميون العرب نحو الأشتراكية كما في فكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر أو جماعة زكي الأرسوزي من الدكتور وهيب الغانم وغيره
وكان الجمع بين مفهومين متناقضين من حيث المبدأ هو المشكلة الأبرز التي جمعت بين القوميين والأشتراكيين فالأشتراكية هي مفهوم أممي اجتماعي يجمع بين كافة الأمم والشعوب بغض النظر عن اختلافها القومي والعرقي على أساس نظام اجتماعي يكفل سيطرة الدولة على الأراضي الزراعية والمعامل وتوزيعها على الفلاحين والعمال مع ضمان سيطرتها التامة على الأسواق التجارية في الداخل والخارج بينما القومية هي مفهوم اجتماعي يعبر عن وجود شعب أو أمة ما ذو تاريخ مشترك وحضارة واحدة ولغة واحدة ومصالح مشتركة
هذه المقومات هي التي تدفع هذه الأمة أو الشعب إلى التوحد تحت راية دولة واحدة وهذا هو المفهوم الأيديولوجي للقومية الذي يتناقض في مبدأه مع الأشتراكية التي تدعو للأتحاد بين الأمم والشعوب بغض النظر عن أختلاف قومياتهم وأعراقهم وفي الحقيقة أن القوميين العرب في البداية لم يكونوا أشتراكيين ولم يطرحوا حتى فكرة الأشتراكية ففكر الشهيد عبد الحميد الزهراوي مثلاً أو حتى زكي الأرسوزي بعيد كل البعد عن النظرة الأشتراكية الأممية ولكن من الملاحظ أن ميشيل عفلق مثلاً أو صلاح الدين البيطار الذين أسسا حزب البعث كانا في الحزب الشيوعي ثم فيما بعد أنفصلا عنه وأرادوا تأسيس حزب يجمع بين القومية والأشتراكية سيما أن أغلب عملاء الأستعمار الفرنسي كانوا من الأقطاعيين والبرجوازيين
كما أن أغلب الشيوعيين حسب رأيهم هم موالين للأتحاد السوفياتي الذي لا يمت للأمة العربية بصلة وكانت محاربة الاستعمار وعملائه هي السمة الرئيسية التي جمعت بين القوميين والاشتراكيين في الماضي وتطورت هذه النظرة القومية الأشتراكية بعد أن تحول القوميون العرب من جماعة زكي الأرسوزي سيما الدكتور وهيب الغانم إلى الأشتراكية ثم أنضمامهم فيما بعد إلى البعثيين من جماعة عفلق والبيطار وهكذا نمت هذه النظرة الأيديولوجية الجديدة نتيجة التزاوج بين القومية والأشتراكية فالأشتراكية في فكر حزب البعث لم تعد أممية بل أصبحت تجمع بين العرب في كل الأقطار العربية على أساس نظام أجتماعي يكفل القضاء على البيروجوازية والأقطاع اللذان كانا عملاء الأستعمار في الماضي ويضمن سيطرة الدولة على كافة مواردها وتسخيرها لخدمة أهداف الأمة العربية
وهكذا نشأت الفكرة القومية الاشتراكية وأنتقلت هذه الفكرة إلى مصر وتجلت في فكر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والذي أدى بالتالي إلى الوحدة بين سورية ومصر ورغم فشلها إلا أنها كانت النموذج الأمثل للوحدة العربية تحت هذا النظام القومي الأشتراكي ورغم أتهامات الأحزاب الأخرى لهذا الحزب القومي الناشئ بالعنصرية أو بالألحاد أو بالديكتاتورية تمكن هذا الاتجاه القومي من قيادة الدولة في سورية ومصر وتأسيس حلف عربي معادي للأستعمار والصهيونية بقي أكثر من 15 سنة في مصر وما زال في سورية قائماً حتى اليوم رغم كل محاولات الدول الأستعمارية لتقويض هذا الأتجاه القومي وفرض الديمقراطية الغربية التي تقوم على مبدأ أحتلال البلاد العربية والسيطرة على ثرواتها
وإذا هذا الأتجاه في الماضي قد ضم الملايين من الشعب العربي في سورية ومصر بفضل أهدافه القومية في معاداة الأستعمار والرجعية وتحقيق الوحدة العربية فأن هذا الأتجاه قادر على النمو من جديد والتطور مع روح العصر وخوض أمتحان الديمقراطية بكل ثقة وشفافية مما يفوت على الدول الأستعمارية فرصة محاولة القضاء على هذا الأتجاه الذي يمثل ضمير الشعب العربي وأهدافه من المحيط إلى الخليج ومن خلال دعم حركات المقاومة العربية في فلسطين ولبنان بما يحقق أهداف الأمة العربية في التحرر من الأستعمار والرجعية وبناء الدولة العربية الكبرى التي هي حلم كل عربي شريف في هذه الأمة العربية
كله حكي فاضي بلا قومية بلا اشتراكية شبعونا كلام تافه مثل الذي يقوله
قومية اشتراكية فتنا بالحيط .