تزايدت البطالة في سورية، ووصلت إلى مستويات قياسية ، وبلغت 14.9 بالمئة حسب المكتب المركزي للإحصاء، بينما شهدت ارتفاعات مذهلة في أوساط الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و24 عاماً وسجلت أعلى معدل بنسبة 35.8 بالمئة.
والبطالة واحدة من أخطر التحديات التي تواجه
الاقتصاد الوطني، ولم تنفع معها الحلول السابقة التي يمكن وصفها بأنها (ترقيعية،
وتجميلية)، بدءاً من إحداث مكاتب التشغيل التي أطلق عليها لاحقاً، مكاتب التعطيل من
باب التندر، وصولاً إلى اعتبار القطاع الخاص شريكاً أساسياً في التنمية، من مهامه
المشاركة في خلق فرص العمل، والفشل الذريع الذي مني به أصحاب هذا الرأي والاتجاه.
وقد التهمت البطالة المرتفعة، معدلات النمو التي كانت تعلنها الحكومات السابقة، بل في الغرق في تصنيفات وأنواع البطالة ما يثير الدهشة والتساؤل في آن واحد، حول هدر الوقت في الدراسة وتشخيص المشكلة، ومن ثم المرور كالكرام على الحلول، وعدم إيجاد برامج تشغيلية حقيقية تهدف إلى استيعاب الداخلين الجدد في سوق العمل، والمقدر عددهم سنوياً 250 ألف عامل، ينضمون إلى نحو 800 ألف عاطل عن العمل.
لم تبخل عبقريات الباحثين والمفكرين في هذا المجال، عن اقتراح حلول فعالة في مواجهة
شبح البطالة، وأولها قضية ربط الجامعة بالمجتمع، التي وجدت كإطار نظري ولم يتم
الارتقاء بها لتكون برنامج عمل لواحدة من الجامعات السورية، بل إن في طرائق القبول
الجامعي ما ينسف هذه الفكرة ويجعلها أثراً بعد عين. وعلى مدى عشرات السنين، لم
يتحول ربط الجامعة بالمجتمع من شعار إلى حقيقة على أرض الواقع، بفعل تجاهل الحكومات
والجامعات ايضاً التي اكتفت بدورها في تخريج الطلبة، وتخلت عن مهامها الأخرى،
وأولها معالجة قضايا المجتمع.
كما ساهمت حكومة محمد مصطفى ميرو الثانية في القضاء على طموح الشباب الراغبين في تأسيس عمل خاص لهم من خلال البرنامج المهم الذي طرحه الدكتور عصام الزعيم عندما كان وزيراً للتخطيط، وهو برنامج مكافحة البطالة. ثم أتت قرارات وزيرة الشؤون الاجتماعية و العمل السابقة ديالا الحاج عارف لتكمل القضاء على ذلك الحلم الشبابي ولتتحول هيئة البطالة إلى هيئة عاطلة عن العمل وغير قادرة، رغم الكثير من برامجها، على تلبية احتياجات سوق العمل ومطالب العاطلين على النحو الأمثل.
الطامة الكبرى التي كانت كفيلة من بين جملة العوامل الأخرى التي ساعدت في رفع نسب
البطالة، دور حكومة محمد ناجي عطري، وفريقها الاقتصادي، وإجراءاتها الليبرالية،
وتعزيزها لمناخ الاحباط لدى العاطلين عن العمل، ومحاولاتها رفضهم وتحميلهم مسؤولية
عدم حصولهم على عمل، بينما يشهد الجميع بكفاءة العمالة الوطنية وقدراتها، بدليل تلك
الأجيال المختلفة التي تخرجت في الجامعات السورية وكانت دول الخليج العربي أول
المستفيدين منها.
حكومة عطري، قررت أن تخلق 625 ألف فرصة عمل جديدة خلال النصف الأول من عمر الخطة
الخمسية العاشرة، لكنها لم توفر سوى 277 ألف فرصة، حسب تقرير نقابي نشر مؤخراً.
بمعنى آخر لم تتمكن من توفير الحد الأدنى من الفرص المطلوبة، بالاستناد إلى معيار
عدد الداخلين الجدد لسوق العمل. وأمام هذا الواقع من الطبيعي أن تصبح فرصة العمل
أثمن ما يبحث عنه الشباب. والمفاجئ أنه رغم إدراك الحكومات لأهمية وضرورة خلق فرص
العمل، لكنها لم تبذل الجهود المطلوبة في هذا المجال، وبالتالي ذهبت كل الجهود
الرامية إلى تحقيق التنمية هباء منثوراً، وكانت انعكاساتها على أرض الواقع كالسراب،
فالتهليل الكبير والدعم اللامحدود لقطاعات المصارف وشركات التأمين الخاصة والعقارات
وإيهام الناس بأنها كفيلة بخلق تنمية، وبالتالي إيجاد فرص عمل وحل العديد من
المشكلات الاقتصادية، كان الوهم والسم الذي تجرعناه جميعاً.
البطالة في سورية وليدة أخطاء تنموية هائلة، إنها مشكلة خلقتها الحكومات، بل هي
صنيعة الفساد، وباتت اليوم قضية من واجب الحكومات أيضاً حلها، وإيجاد طرق مناسبة
لجعل سوق العمل المحلية تسد حاجتها بنفسها، وإغلاق باب هجرة العمالة. وهذا الموضوع
أخطر من تركه يسير وفق التوجهات، وأصعب من تركه يحل المشكلة بالتقادم، وأبلغ من
الاعتماد على باب الهجرة والوقوف أمام السفارات للحصول على تأشيرة فرصة العمل.
من سخريات القدر أن مسؤولاً في الحكومة السابقة، كان يؤكد أن سورية ستكون بعد سنوات
قليلة دولة مستوردة للعمالة، في معرض تدليله على صوابية النهج، ودقة التوجهات،
وصوابية الإجراءات، وكنا نصدق ذلك لأنه لم يك أمامنا إلاه خياراً. والحديث عن
المستقبل دائماً مفعم بالتفاؤل والانتظار. ها هي ذي بطالتنا التي اختلف الباحثون
والأكاديميون والقوى السياسية مع الفريق الاقتصادي والحكومة السابقة حول أبسط
المبادىء، تعريف العاطل عن العمل، فحصدنا كل هذه النتائج المخيبة، لينفتح الجرح على
تساؤل: ماذا ننتظر من عاطل عن العمل؟
عندما ينتشر الاستبداد والفساد تهرب الاستثمارات الحقيقية وعندما تهرب تلك الاستثمارات تقل المشاريع وبالتالي تزيد البطالة وعندما تزيد البطالة وخاصة بين الشباب فإنهم يلجؤون إلى طرق غير مشروعة مما يعني تزايد الفساد أو أنهم سيهربون خارج البلد مما يعني الغربة ومشاكلها الكثيرة , بكلا الحالتين سينتج عن ذلك مشكلة الزواج والعنوسة مما سيدخلنا مرة أخرى في دوامة الفساد الاقتصادي أو الأخلاقي مما ينعكس سلبا على قيم المجتمع وتفقد الثقة ويتفكك المجتمع ,
لماذا لا ندرس البطالة المقنعة في القطاع العام ؟؟؟؟ عبد الرحمن تيشوري ليس غريبا وخافيا على احد ماتعانيه مؤسسات القطاع العام والاجهزة الحكومية من انتشار ظاهرة البطالة المقنعة والتي تتمثل بوجود اعداد من اليد العاملة تزيد عن الحاجة الفعلية مما يؤدي الى تدني مستوى الانتاجية للعاملين وضعف الكفاءة في تشغيل هؤلاء العاملين الامر الذي ينعكس سلبا على ربحية المؤسسات المشغلة ويحول دون امكانية زيادة دخول العاملين فيها وبالتالي استمرار التأثير السلبي ع