syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
لا تقتلوها... بقلم : زهير شيخ تراب

في أهدابها نبتت سنابل المجد الذهبية, وبين جفونها رقدت أيقونة الخلود وجرت في غدرانها مواسم الحبّ والعطاء, جداولاَ تبعث الروح في مرابعها الندية. تخضوضر في طياتها الأقاحي, وتتفتح على بساطها السندسي شقائق النعمان.


لا تقتلوها ..

فالأم الثكلى تقتل مرتين مرة حين يقتل ابنها ومرة أخرى حين يكون ابنها الآخر هو القاتل.

 

لا تؤلموها فجراحها إن نزفت لن تغفر لكم, وألمها سوف يصيب كبد السماء, فيطفئ أنوار النجوم, وتضطرب الكواكب في أفلاكها, وتمور الأجرام في عليائها, لأنها بذرة الكون التي أنبتت هذه الدنيا. هي بدء الخليقة ومنتهاها , إليها يجتبي الله الخيرة من عباده. ومن نبذته عن ترابها فبسخط من الرحمن, لأنه عقَّ وخان, ومن دخلها فبرحمة ورضى من الله.

 

مباركة فيها حجارة المعابد, مقدسة فيها أضرحة الزهّاد والعباد, تحتضن في ثراها الطاهر أنبياء وأولياء وشهداء. مقامات النساك تقول: محفوظة من غدر العدى, مرهوبة من كلِّ طامع, بها مرت مواكب الانتصارات, وعليها تكالب الغزاة العتاة, فما استقر فيها إلا الخير والعزّ والكبرياء. باقية إلى ما شاء الله, إليها يحشر الناس يوم تخرج الأرض أثقالها, ومنها تعود الخليقة ويوم تبدل الأرض غير الأرض.

 

أنت يا أرض المحشر والمنشر ملائكة الرحمن تبسط أجنحتها لتحمي فيك مهبط الوحي ومسرى النبي ومهاجر إبراهيم ومأوى ابن مريم, ومآذن عيسى. ليشع عمود النور المنسل من تحت رأس الرسول ليستقر في الشام. ليسطع من جديد بالإيمان ليعود إليك ألق  العنفوان وكرامة الإنسان ورسالة الخلود.

 

لأمر قد قُدِر كنت أنت . أنت التي تنفضين عن جبينك تعب السنين وغبار عواصف الجهل العقوق. لك الله يا سوريا , يا من كنت ملاذاً لكلّ المقهورين. ومأمن كل الفزعين, تمسحين جراحاتهم وتلملمين شتاتهم, في حضن دافئ..

ولأن مثلك لا يضام. حماية الله ستمنعك من كلّ بغي, ترد عنك سهام الجحود, وخناجر الغدر ولن تكوني إلا كما أنت, سوريا العزيزة على عداها, الشامخة في وجه الدسائس, فسطاط الحقّ ورايات النصر ومرتع الحرية, وجنة الله على الأرض...

 

2012-06-05
التعليقات