مرت سنة وثلاثة أشهر على أزمتنا وكل يوم يفجعنا خبر و تقتلنا رشاشات وتدوي في مسامعنا أصوات قنابل وانفجارات و ترافق أشلاء من كانوا ضحايا ساعات الأرق الذي أجهدنا ويهزمنا الغلاء الفاحش للأسعار ونودّ لو أن التجار يكونوا أناساً حقاً و يشعروا بالإنسان فلا يحتكرون ولا يتلاعبون بالمواد كيفما أرادوا
وتحرق أعصابنا الكهرباء و يتسعنا نقص الغاز و يوترنا وقوف الشاحنات والسرافيس أمام محطات الوقود بانتظار المازوت وسوريتنا تكفن أبنائها و تزفهم إلى جنانهم و أعراسهم كل دقيقة وأطفالنا أضحوا يتامى و ترملت الزوجات والأمهات ثكلى و وووو وووووو......
كثرت الأعراس فيك يا وطني وتعالى قرع الطبول و أزداد الراقصون على أوتار بقائك فبعضهم من يسكن أقاصي البلاد ولا يشعر إلا بذاته ويريد عدلاً للعباد ومنهم من يتحذلق و يعتبر نفسه ملاكاً أُرسل لرحمة الناس يرتدي ثوب الوقار ويتقنع بطيبة النُسّاك ...كَثُرت الأقنعة و ماتت الوجوه و الألسنة لا تهدأ فكل يوم تتطاول على من لم تسطع الوصول إليه يوماً وتشتم وتدمي و تلعن من بقبورهم ذهبوا وكأنهم ألهة العدل الذين انتظرنا مجيئهم ليحكموا بيننا ويقّيموا إيماننا و يحرقوا الكفرة كأنهم لا يعرفون بأن الله سبحانه وتعالى الله يُمهل ولا يُهمل...
تُدهشنا سلاطة الألسنة التي لا تحترم ولا تخجل حين تكتب وتنطق مخارج حروف لتصنع كلمات ليتنا ما سمعناها وليتها ظلت نائمة حيث كانت.... لماذا هكذا فجأة تحولنا ونسينا بأننا للإنسانية ننتمي ! لماذا ساد الكره في حين أن الأزمة يجب أن تجمعنا! لماذا نُخّون بعضنا وكل يعتبر ذاته الأحق بالعيش لوحده في هذا الوطن ..
ألم يخلقنا الله جميعاً لنقطن أرض واحدة و نتقاسم خيرها و قحطها ! ألسنا من بني آدم عليه السلام !ألا تجمعنا الأدمية! إذن لماذا كل هذا الجنون الهستيري يحشو العقول ويخمدها من رؤية المنطق ولِما التشبث برأي واحد يمنعنا من رؤية الآخر و احترام وجوده....لست أقوم بتقييم أحد ولكن نكاد نفشل في الاختبارات التي يختبرنا الله فيها ...نكاد جميعنا ننسلخ عن آدميتنا ونرتدي ثياب وحوش الغابات ..ما زال أمامنا متسعاً ضيقاً من الوقت علّنا نصحو من سباتنا الذي عشناه في كل الفصول وليس فصلاً واحداً فحسب علّنا نعود ونحيا فالموت أوشك على قتل أخر رمق للحياة و لانريد رصاصة رحمة لتنقذنا من ضعفنا فالموت النفسي للضعفاء والجبناء ...علّنا نشحذ كل هذه الطاقات والحقد و الكره ضد عدونا الواضح الذي أحتل أراضينا ....
اعذروني يا أبناء وطني فقد سئمنا من اللغو الذي تضجون به كل يوم لتتكشف معادنكم .....اعذروني فإنا متعبون من تطرفكم و عبثيتكم واستخفافكم ببعضكم...أصحوا فالخلاف أعماكم و الغفلة طالت بكم أمدا والشر وصل إلى عتبات قلوبكم فانثروا عنكم غبار الحقد واتشحوا بإنسانيتكم فلقد اشتقنا للسلام والتسامح فوطننا لم تسكنه يوما إلا الألفة والمحبة.......
مريم 9 حزيــــــــــران 2012
اشكرك مريم على كل مقالاتك لقد قرأت بعضاها وشعرت بالخجل أن هناك رجالا تعبث بامن الوطن وانت تدافع عن كل حبت تراب في سوري
شكرا لمرورك هنا و لقراءتك بعضا من خواطري فيسعدني أن تلقى حروفي هذا الصدى لديك ....ستبقى سوريتنا من تجمعنا دوما بكل المحبة......