عندما نرى الشعوب العربية تتهافت على المؤسسات التموينية لِتنال القدر الكافي و الكمية الموعودة من السكَّر المشمول بالدعم المحلي الحكومي بتخفيض السعر و كثير الكمية خاصة ً في العائلات المُعدمة و المفعمة بالأشخاص الكثر نبدأ حملات توعيةٍ محلَّاة بكلماتٍ تنبض بهمومهم و تنقط بأخبار العظيم من صمودهم و تملأ سطور لثم جراحهم .
و بعد هذه الحملات النوعية التوعوية لا بدَّ مِن بدء الحوار البنَّاء بين الشعوب و رؤوس الفكر في كلِّ حيٍّ و في كلِّ مدينة لِنزاوج بين مفاهيم الحياة المطلبية وخيوط الوطن السياسية.
فكما قلنا أنَّ الغالبية الشعبية تركِّز على متطلبات الحياة اليومية ولكنْ بالمقابل
لها الدور المحوري في صنع قطر الحريَّة؛ إِذْ أفرزت نخباً فكرية انطلقت مِنْ سكَّر
الآراء الكثيرة و الأفكار المنيرة و وضعتها في قالبٍ وطني خلق فيها حالةً مِن
التمازج و النقاش البنَّاء حتَّى إذا ما وصلت حالة الغليان و النضوج نتج عنها ما
يسمَّى قطر الحريَّة المنتظر.
و بعد أنْ نتج قطرُ الحريَّةِ المنتظر بدأ الناس يتهافتون لِيروا النتاج البديع و
لِيتذوقوا عظيم الصنع مِن هذا القطر الفريد في العالم العربي.
و بما أنَّ التجربة جديدة لم يخلُ الأمر مِن حالات تقيؤٍ وغثيان و تسمم نتيجة عدم
التآلف الآني فكان لا بدَّ لهم مِنْ ملاعقَ عديدة و بشكلٍ يومي بلْ على مدار
الدقائق والساعات حتى يألفوا المنتج الوطنيَّ الجديد الذي أُبدعَ محليَّاً لِيكونَ
ترياقاً للعقولِ و الأجساد و يعود بالخير على الأرض والعباد.
و هنا ازدهرت زراعة الشوندر السكري المتمثل لدينا ببراعمنا الطفولية التي أضحت
محور اهتمامنا بل المواد الخام لصناعتنا المزدهرة على صعيد الناس في الداخل ، كما
ازدهرت حركة السياحة متمثلة ً بالوفود العربية والعالمية لِيَروا نتاج صناعتنا
العصرية التي أضحت محطَّ الأنظار و صار وطننا بمنزلة الشَّمس يشع إشراقاً في العالم
أجمع و يصدِّر قطر الحريَّة بمفاهيمه الشعبية و بقطراته الخصوصية لكلِّ مَنْ هبَّ
ودب على أرض البسيطة و في كلِّ الأقطار.
و لكنْ بالمقابل و على النقيض مما ذكرناه سابقاً و ما ينشط لدينا من صناعاتٍ عصرية
متمثلة بِقَطر ٍ خاص نال إعجاب المحيط من حولنا و شقَّ عُباب الأمواج العالمية
لِيجد له مكاناً متقدماً و مرموقاً في سلَّم الأولويات الدولية .
كما قلنا توجد محاولاتٌ مشبوهة لاستهداف صناعتنا على الصعيدين الداخلي و الخارجي ؛
فَمِن جهةٍ يحاولون خلطَ قَطْرنا بمرِّ السموم الفتَّاكة المتمثلة بِنَسبِ المنتج
القَطري لفكرٍ معيَّن أو لطرف ٍ دون آخر ناسين أو متناسين أنَّ المنتج صُنع و ما
كان لِيرى النور لولا التمازج الحضاري الذي أَعلى مِنْ شأننا و وحَّد كلمتنا و هنا
كان الردُّ الداخلي بمثابة صفعةٍ كبرى لِمحتكري الصناعات العالمية حيث أنَّ
القائمين على صناعة قَطرِ الحريّة في أرضنا لَمْ ينحازوا لِطرفٍ دون آخر و لم
يحتكروا الصناعة لمصالحهم الشخصية بل أصدروا بياناتهم و وزَّعوا نشراتهم أنَّ
المنتج لِيصنع لا بدَّ له من كمياتٍ نوعية من السكر المستحضر و من كلِّ شبرٍ مِن
أرضنا ما أعطاه ميزات و مقومات الحماية الذاتية.
و مِن جهةٍ أخرى يمارسون سياسة الحصار الممنهج على صناعاتنا و على رأسها الصناعة
المعنية بِقَطر الحرية فيريدون منَّا أن نقف عند حدٍّ معين لِيغلبوا مصالحهم
الاستعمارية و رؤيتهم لحماية كياناتهم المصنَّعة التي تعمل بوقودٍ تجريبي أَلا و هو
الدماء العربية.
و لكنْ آن للأحرار أَنْ يكونوا سفراء الحرية في عالم المصالح و تغييب اللغة
الإنسانية و آن لصانعي القرارات العربية أَنْ يعودوا لضمير شعوبهم و أَنْ يدخلوا
في قالب التمازج الفكري مع الصناعيين الشرفاء ليكونوا جزءاً لا يتجزأ مِن المساهمين
في صناعةٍ نتاجها قَطر الحرية صارت سائدةً في كلِّ أرجاء المعمورة و آذنت بإشراق
فجرِ الشباب و أفول عصر التخلف والفساد والكهولة.