syria.jpg
مساهمات القراء
شعر
وزيرٌ ولكنْ ...بالأمسِ كان مشرَّداً...بقلم : مصطفى قاسم عباس

هو ذلك الطفلُ الفقيرْ

عجبي !

أما بالأمس كان مشرَّداً

بين الأزقّة والمقابرِ حافياً دوماً يسيرْ ؟!


لا كوخَ يُؤْويه مسا

 أو مِنْ لظى حَرِّ الهجيرْ

مُتَدَثِّراً بالشمسِ تلفحُ جِسْمَهُ

مُتجرِّعاً غُصصَ الأسى

متضمِّخاً بالبؤس والألم الكبيرْ

والعينُ تلفظُهُ مآقيها

ترنو إليه بنظرةٍ عُلويَّةٍ شَزْراً

كما ترنو عيونُ القيدِ والسَّجان في الحرِّ الأسيرْ

...حقاً ...نعمْ ...

 

هو ذاتُهُ من كان يأكل كِسرةً

هو ذاته من كان يمشي مُطرقاً في ليله متفكِّراً

وكم ارتوت حتى الثُّمالةِ عينُهُ

وتقرّحت أجفانُهُ من نبع ذاك السُّهدِ والوَسَنِ المريرْ !

...لكنه رغم الأسى

رغمَ القساوة والشقا

 لم يدرِ ما لغةُ الكروبِ ولم يعشْ ليلَ الهمومْ

وله الترابُ وسادةٌ وحصى التُّراب لهُ حصيرْ

فكم انتشى مُترنِّحاً !

مُتَمَدِّداً فوقَ الثرى

 

والرأسُ لا تُضنيه آهاتُ الضميرْ !

كم سافرت أحلامُه ببراءةٍ ! وشراعُها :

شَهْدٌ بِيَمِّ سعادةٍ

طُهْرٌ بأجملِ غادةٍ

دَمْعٌ كَدُرِّ قِلادةٍ

نَبعٌ من الحبِّ النميرْ

 

أحلامُهُ.. هي مهجةٌ بيضاءُ ذاتُ دمٍ نقيٍّ كالأثيرْ

هي لم يسودْها ظلامُ الغدرِ والكِبْرِ الحقيرْ

أعجبتُمُ مِما أقولْ ؟!

لا تعجبوا ...فاليمُّ والدَّمُ والرُّؤَى

والطُّهرُ والأحلامُ والأنوارُ في بحر الهنا

وشَغافُ قلبٍ ليس يدري ما تباريحُ الضميرْ

هي أنْجُمٌ نرنو لها في عالم الطفلِ الصغيرْ

...لكنها غابتْ وصارتْ ماضياً

 

نسيانُهُ فرضٌ عليهْ

ذكراهُ موجِعَةٌ لديْهْ

ولكم أتاها بعد دهرٍ كي يُبعثرَ تُربَها !

يَجتثُّها من جَذرها

...لكنَّ مِعوَل فِكْرِهِ

 يرتدُّ في أفكارهِ

مُضْنىً ويرجعُ خاسئاً

وَجِلاً وذا طَرْفٍ حسيرْ

...ستظلُّ تلكَ الذكرياتُ علامةً

 

في هامةِ الأيامْ

وعلى مدى الأزمانْ

لا لا تحاولْ قلعَهَا

من بعد ما أمسيت تُدْعى : يا سيادةَ الوزيرْ

 

وارجع لماضيك المريرْ

لِتَظَلَّ في عين الورى

رغم المرارة والأسى

 رمزَ الأمانة والتُّقى

 

متجلبباً ببراءة الطفل الصغير

لتظل فينا نجمة وشعاعها طهرا ينير

ارجعْ لأيامِ الصِّبا وتعلَّمِ الدرسَ الكبير ْ

فلأَنتَ نفسُكَ ذلكَ الطفلُ الفقيرْ

2012-07-11
التعليقات