syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
وعد بلفور...بقلم : سامر عوض

في 19 مارس 1930 وقف قلب (جيمس آرثر بلفور) عن الخفقان، فإضطره ذلك للإنتقال من هذه الدنيا إلى مكان آخر مختلف نهائيًا عن هنا.

هو اسكتلندي المولد، مسيحي الإعتقاد، صهيوني الإيديولوجية، سياسي المهنة. شغل العديد من المناصب في المملكة  التي لا تغرب عنها الشمس.   وقد كان وزير خارجية بريطانيا، عندما أصدر وعده الشهير والمشؤوم (وعد بلفور).


درس العهد القديم في المدارس، والمعاهد، والجامعات ربما. لكنه في الوقت عينه خالف ما تعلمه، عندما إعتبر أن بريطانيا تنظر بعين العطف، تجاه الشعب اليهودي، وترى أن من حقهم أن يكون لهم وطنهم القومي، وإختار فلسطين، كونه إعتبر أن بلاده تملك الأراضي التي إنتدبتها، ناسيًا بأن الإنتداب (وعلى الأغلب متناسيًا ذلك) هو حق قانوني، مخوَّلًا من قبل الأمم المتحدة، وليس إستعمارًا أو إستيطانًا، بتسمية مختلفة. إن ما جاء بالصهاينة لفلسطين، على حد تعبير البابا شنودة، عندما زار سوريا: (ليس وعد الله، بل وعد بلفور).  

 

فهو وجَّه رسالة، من حيث الشكل، وتصريح من حيث المضمون من الناحية البريطانية، ووعد من حيث المضمون من الناحية العربية عمومًا، والفلسطينية خصوصًا. وقد وجَّه هذه الرسالة الى اللورد والمليونير اليهودي المعروف (روتشيلد). أعطى مما لا يملك، أباح الإحتلال للأرض المنتَدَبة من قِبَل مملكته. تنازل عن حق الإنتداب، الذي إستمر إحدى وثلاثين عامًا، وهو يهيئ الأرضية الملائمة، لإنشاء الكيان الصهيوني في فلسطين، وهي الفترة بين الإنتداب البريطاني، والإحتلال الصهيوني. لم يكن بشخصه يعمل ذلك، بل بحسب نهج بريطانيا. فقد زار فلسطين سنة 1925 للمرة الأولى، حيث شارك في إفتتاح جامعة عبرية في فلسطين، هو أعطى ما لايعرف، إسوة بأنه لا يملك.

 

لماذا فلسطين وليس أي زاوية من اوروبا؟!

 

الرجل فكَّر بمصالح بلاده وهذا حقه، لا بل واجبه، ولكن بما لا يتناقض ومصالح الشعوب الآخرى خُلُقيًّا فإعتبر أن: الشعب الذي يعد نفسه مختارًا، انتمائه سيكون مزدوجًا؛ لزعامته الدينية أولًا، والتي تتبلور من خلال القيادات الصهيونية، والإنتماء السياسي ثانيًا، أي لحكومة الكيان الصهيوني، ومن جهة ثانية ربما سيتحول هذا الإنتماء المزدوج، للاإنتماء، ولن يستطيع السيطرة على هذا الشعب، فكم بالحري هذا الكيان؛ وقد سعى لإرضاء اليهود، كي يشكلوا أداة ضغط على الرئيس الأميركي (ولسن)، كي يشارك إلى جانب بريطانيا في الحرب العالمية الأولى، فأعطاهم ما يريدون، وبالأخص بعد أن إلتقى بالزعيم الصهيوني (حاييم وايزمان) واقتنع بالفكر الصهيوني.

 

عند زيارة بطريرك العرب الياس (الرابع) معوَّض راعي الكنيسة الأرثوذكسية في أنطاكية، للولايات المتحدة سنة 1979؛ قام بإقناع الرئيس الأميركي (جيمي كارتر) قائلًا: بأن مزاعم اليهود بإنشاء وطن قومي لهم في فلسطين، هي مزاعم زائفة وزائلة، وليست مستندة لأساس كتابي واضح وصحيح. فقد عمل هذا الرجل من مكانه ومكانته، ما يمليه عليه ضميره.

 

 أسس المستوطنين الصهاينة مزرعة تعاونية بالكيان اسمها (بلفوريا)، كما وأسسوا العديد من المزارع، والمنشآت على أسمه، كما وأطلقوا أسمه على شوارع عدة في (تل أبيب) وغيرها من الأماكن. فكلُ يعمل بحسب وحي ضميره، وهل نحن العرب من المحيط للخليج، نعمل بوحي ضميرنا، أي هل نعمل ضد وعد بلفور،كما يعمل الصهاينة بمؤازرته وموازاته؟ هو سؤال ليس للإجابة، بل للمراجعة والتفكير.

 

2012-07-19
التعليقات