syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
إن التنويم المغناطيسي حقيقي , ولكن من ينوّم الآخر (1)...بقلم : نبيل حاجي نائف

كلنا سمعنا بغسيل الدماغ ( والتنويم المغناطيسي هو غسيل دماغ مؤقت ) , فهو تغيير أفكار ومبادئ وعقائد وقيم الشخص , ووضع أفكار وقيم جديدة مختلفة عن التي كانت موجودة لديه .


إن الإيحاءات تشمل كافة مناحي حياتنا الثقافة والفكرية والعملية, والإيحاء هو أساس التنويم المغناطيسي . فنحن نوحي لبعضنا بالأفكار والمفاهيم والقيم التي نعتمدهم ونؤمن بهم , وهذا بمثابة تنويم مغناطيسي ( أو غسيل دماغ الآخر ) نقوم به فنؤثر به على الآخرين وندفعهم لتبني أفكارنا قيمنا وأهدافنا وثقافتنا.

 

التنويم المغناطيسي صحيح (وسنوضح ذلك لاحقا ) , و كل منا يسعى لتنويم الآخر عندما يوحي إليه بأن أفكاره ومعارفه وقيميه هي الأفضل . ولكن من ينوّم الآخر ؟
إن كافة أشكال الإعلام هي إيحاءات فكرية  , أي هي نوع من التنويم المغناطيسي .


ومفهوم غسيل المخ أو برمجة العقول , والذي يستخدم في نشر الأفكاروالعقائد والمبادئ وبالتالي دفع الناس لتبني أهداف ودوافع وغايات معين  عن طريق الإيحاءات باستخدام كافة أشكال الإعلام , هو شكل من أشكال التنويم المغناطيسي .
وهذا أدركه الإنسان منذ قديم الزمان ( ودون أن يعرفه بشكل واضح ) وهو يستخدمه دوما وبفاعلية كبيرة  .

 

إن استعمال اللغة هو طريقة الدخول إلى عقل الآخر والتأثير على هذا العقل .
إننا نستطيع إدخال أفكار وتصورات وأوامر إلى عقل الآخر عن طريق اللغة , إن هذه المدخلات مهما كانت طبيعتها تفرض تأثيراتها (صغيرة أو كبيرة)على هذا العقل فهو مجبر على التعامل معها ومعالجتها والقيام باستجابات لها , وهذا يمكننا من التأثير على هذا العقل والتحكم في الكثير من استجاباته وبالتالي تصرفاته .
إن هذه الظاهرة أو هذه القدرة التي تملكها اللغة كان يستخدمها الإنسان منذ القديم عندما أدرك فاعليتها وجدواها .
وكل منا لاحظ تأثير اللغة على الآخرين وخلق الإيحاءات والاستجابات لديهم وبالتالي التحكم بتصرفاتهم , وذلك عن طريق التكلم معهم بأسلوب وطريقة مناسبة .


وقد كان للقصص أو الحكايا و للخطابة والأمثال والشعر ( والآن الإعلام ) تأثيرهم الكبير, وكانت الخطابة أشد تأثيراً لأنها كانت تستغل ظاهرة القطيع (أو الجمهرة ) التي تعتمد على المحاكاة والتقليد الغريزي للآخرين , وكلنا لاحظنا " هتلر" وغيره كيف كانوا يفرضون أفكارهم ودوافعهم وأهدافهم على الآخرين بواسطة الخطابة .


وتأثير الإيحاء يمكن أن يكون ذاتي , " يكذب كذبة ويصدقها "
مثل جحا عندما قال للأولاد الذين يضايقونه : أن هناك وليمة في المكان الفلاني فركض الأولاد إلى هناك , وعندما فكر حجا بما قال , وجد أنه ربما يكون هناك فعلاً وليمة فركض خافهم . والوسوسة والتردد والتوهم . ., هم ناتج تأثير أفكار وإيحاءات دخلت الدماغ وأعطت تأثيراتها .

 

إن الأفكار بعد أن تولد في أحد العقول , نتيجة تفاعلات الحياة , أو نتيجة تفاعل أفكار سابقة كانت قد دخلت إليه . تسعى للخروج والتوضع في العقول الأخرى , نتيجة لأمور عديدة , ذاتية واجتماعية , فإذا وجدت العقل الذي يسمح لها بدخوله , دخلته وسعت لكي تتوضع فيه , وهي سوف تجابه بمقاومة وممانعة من قبل الأفكار المتوضعة فيه وتسعى لمنعها من التوضع فيه . فإذا استطاعت أن تجد لها مكاناً , احتلته وأقامت فيه .


وكلما كانت هذه الأفكار الداخلة أكثر اختلافاً أو متناقضة وغير منسجمة مع الأفكار الموجودة , كان احتمال توضعها أصعب , فهي تجابه بممانعة ورفض قوي وحتى تحارب وتمنع من التوضع , أي تسعى الأفكار الموجودة سابقاً في العقل للقضاء عليها ,ومنعها من الانتشار في العقول الأخرى .


فالأفكار الموجودة في العقول تحافظ على وجودها وتسعى لزيادة انتشارها في العقول الأخرى , وبشكل عام تقاوم الأفكار الجديدة من قبل الأفكار الموجودة , وهذا أساس المحافظة وعدم التجديد .


إن هذا يحدث وبغض النظر عن أي الأفكار أدق أو أصح , فالموجود هو الأساس , والجديد هو دخيل ويجب أن يقاوم مهما كان , ولكن دوماً هناك احتمال بأن تستطيع بعض الأفكار الجديدة التوضع والانتشار في العقول , وهذا يكون نتيجة عدة عوامل وهي :


1- تكون العقول المستقبلة فارغة من الأفكار في هذا المجال, وعندها لا تجد من يقاومها فتتوضع بسهولة .
2- تكون الأفكار الجديدة قريبة من الأفكار الموجودة , أوهي تدعمها أو تنسجم معها .
3 - نتيجة تكرار نشرها , فهناك دور أساسي وهام جداً للتكرار في نشر الأفكار , فقد كان يقول " غوبلز " المسؤول عن الإعلام لدى " هتلر " لمساعيه كرروا وكرروا ما تنشروه فالابد أن يصدقكم الشعب , وهذا ما تمارسه كافة وسائل الإعلام بهدف نشر سلع أو أفكار أو خلق رغبات ودوافع أو استجابات وتصرفات لدى المتلقين.وإن للمحاكاة والتقليد دور أساسي وكبير في انتشار الأفكار في العقول .

 

2012-07-31
التعليقات
نبيل حاجي نائف
2012-07-31 10:38:50
ملاحظة هامة
هناك فرق بين التنويم المغناطيسي وغسيل الدماغ فالتنويم المعناطيسي كان له دورإيجابي هام في معالجة بعض الأمراض النفسية , وكذلك في مجال الجراحة أو الولادة دون ألم , وحالات أخرى . أما غسيل الدماغ إنسان فهو أعادة برمجة دماغه بهدف السيطرة علية والتحكم بإرادته وتصرفاته لغايات متعددة , في مجال الخير وفي مجال الشر . وأسليبه متعددة ومتنوعة تستخدم الترغيب والترهيب . وتستخدمه الجماعات والدول بالأضافة للأفرد وأهم فرق وهو : التنويم المغناطيسي يتم بمعرفة وموافقة الذي يجري تنويمه , ودون خداعه . أما في غسسي

سوريا