syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
مزيد من العنف وندرة في المواطنة...بقلم : رهادة عبدوش

 قليلة هي لحظات المواطنة التي يعيشها مجتمعنا، بل هي تمتزج في صورتها الموجودة مع العمل الإنساني، فلا يفرق بينهما كثيراً، وهذا فيما يتعلق بأعمال الإغاثة التي لمسها من يعيش في سورية.


 ففي الأيام الماضية والحالية لا تزال فرق الإغاثة التطوعية من الشباب والشابات ومن كل الأعمار والأماكن في سورية فرقاً وأفراداً ينضمون تارةً في مدرسة وتارة في جامع أو كنيسة وتارة أخرى في الأحياء المنكوبة، كلهم ليساندوا بعضهم بعضاً في شعور يمزج ما بين المواطنة والإنسانية، حتى لا يكاد يفرق بينهما، لا بل تميل الكفّة نحو العمل الإنساني، ليبقى مفهوم المواطنة الأبعد في بلاد تفتقر إلى شكل للمواطنة الحقيقية، فتزداد بالمقابل أعمال العنف، ليبدو واضحاً ذلك الذي كان متستراً لعقود طوال  خلف عباءات كثيرة، منها الدين والأمان والخصوصية.


 

 ومع الأزمة وتفاقمها ينكشف كم هو مخيف هذا العنف المتخفي في مجتمعاتنا والذي لم تعد العباءات والكلمات والشعارات قادرة على إخفائه، فهاهو ذا يسيطر على الساحة، ليبدو بوضوح افتقارنا إلى مفهوم المواطنة، وتماهينا مع العنف القاسي الذي لم يعد خافياً. فهذا المجتمع الذي كان يبدو محافظاً كان بالحقيقة يحافظ على انتهاكات لا تحصى بالاعتداء على حقوق الطفل يتسرب من المدرسة ليخرج فيبيع على أرصفة الطرقات، أو يعمل في أعمال مجهدة. أو لتتزوج تلك الطفلة، وبعد كل هذا يتعرض لعنف جسدي ولا يحق لأحد أن يتدخل. فلا موضوع الأسرة البديلة خرج إلى العلن، ولا يحق لأحد انتزاع الطفل من أولياء أمره مهما كانوا ظالمين له. وهذا العنف ينطبق على المرأة وعلى المسنين وينعكس في كل مجريات الحياة.

 

 وكل ذلك يبدو تحت ستار الخصوصية والمحافظة، فلا يمكن الاقتراب منه، فهي العادات والتقاليد.  ويتوالد ذلك العنف لتكبر البؤر وتتوسع لتشكل بؤراً إجرامية تتماهى معها مراكز الشرطة والقضاء، فتغض الطرف عنها وتكبر وتتوسع وتتشكل حلقات إجرامية أكبر لا تقف عند الأفراد والجماعات بل تتشكل أحياء وبلدات لا يمكن الوصول إليها والاقتراب منها....وهي كلها لا تتبع للوطن بل تتبع للأقوى من يعطي المال ومن في يده رقاب الناس، فيخضعون لسلطته، ويتقلص دور الدولة ويمحى مفهوم المواطنة في ظل غياب مفهوم الحقوق والواجبات. في ظل تغيُّر مفاهيم الأخلاق وتبدُّلها بمفاهيم تتعلق (بالحيط الحيط ويا رب السترة)، و(الذي يتزوج أمي أسميه عمي)، و(أنا ومن بعدي الطوفان)....إلخ.


 ويغيب الوطن ويطفو على السطح العنف بجميع أشكاله لتظهر تلك الصور البشعة الإجرامية التي نشهدها اليوم، والتي لا يمكن تبريرها بمبرر آخر سوى أننا مواطنون لم ندرك بعد معنى المواطنة، ولم نعشها بصيغتها الحقيقية المنهجية المؤسساتية. قانون صارم وقضاء عادل، وتربية وتعليم وممارسة يومية. لم نعش كل ذلك فكان العنف وسيلتنا الوحيدة للتعبير، وكانت النتيجة المؤلمة التي لن تذهب آثارها بسهولة، بل ستبقى لسنوات مقبلة نتجرّع الألم والحزن والبغض والكراهية.... ويبقى الأمل بشبابنا الذين بيدهم التغيير، بعلمهم وإدراكهم للواقع وإرادتهم بتكريس مفهوم المواطنة وممارستها في تفاصيل حياتنا اليومية، هذه المواطنة هي الكفيلة بالقضاء على العنف، وبالتغيير نحو مجتمع بحقيقته آمن لا محتمٍ بسواتر مهترئة.

رهادة عبدوش

2012-08-15
التعليقات
نور محمد
2012-08-17 10:00:52
وطني:(
نعم صدقت..كانت هاتيك المواطنة الزائفة تتعلق على جدران الوطن ظنناً منّابأنها مووجودة..كانت تختبيء في سطور ضائعة غابت عنها المعاني في تلك السطور..كنا نجيد التصفيق لها ولمعانيها ونبجّل ونمدح بتلك المواطنة العمياء..إلى أن أفقنا من ذاك الكابوس ووجدناها فقط على الجدران التي هاهي اليوم دُمرت ولم تبقى المواطنةحتى على الجدران..

سوريا
مواطنة سورية
2012-08-16 20:54:35
اه
اه يا وجعي اه يا وطني اه يا وجعي على وطني اه

سوريا