تواجه المجتمعات المعاصرة تحديًا كبيرًا يتجلى في تعقد واضطراب في إمكانية التطور او البقاء والاستمرار وسط متغيرات بيئية تمتاز بالسرعة والاستمرارية، أهم ما نتج عنها اشتداد سرعة التغيير ليس فقط على المستوى المحلي، بل حتى على المستوى الدولي، وبالتالي السبيل الوحيد لتتمكن هذه المجتمعات من التعايش في ظل هذه الظروف هو القيام بالتغيرات المناسبة في عناصرها حتى تحقق التوازن مابين أوضاعها الداخلية والأوضاع الخارجية أو البيئية.
ويعتبر التغيير حتمية تعترض حياة المجتمعات في الظروف الراهنة، إذ لا مفر منه وإلا لن يتمكن المجتمع من الصمود والاستمرار. ويأخذ التغيير المجتمعي أشكالا مختلفة حسب المجال الذي يتم فيه وحسب العناصر التي يمسها،كما يعتبر التطوير المجتمعي أحد أشكال التغيير الهادفة إلى نمو الفرد وتحسين معيشته.
إن التغيير عامة هو التحول من حال إلى حال، والتغيير في المجتمع أو التغيير المجتمعي يعني التحول أو التنقل أو التعديل من حال إلى حال أخر.
حيث ان التغيير يمثل تحركًا ديناميكيا بإتباع طرق و أساليب مستحدثة ناجمة عن الابتكارات المادية، والفكرية ليحمل بين طياته وعود وأحلام للبعض، وندم وآلام للبعض الآخر، وفق الاستعداد النفسي والإنساني. وفي جميع الأحوال نجد أن التغيير ظاهرة يصعب تجنبها، وهو لا يخرج عن كونه استجابة مخططة، أو غير مخططة من قبل المجتمع للضغوط التي يتركها التقدم والتطور الملموس وغير الملموس في الماديات والأفكار.
بل أن التغيير المجتمعي هو عملية تحسين وتطوير وإدخال تعديلات على كل ما يخص المجنمع من أهداف، سياسات وعناصر بغرض استحداث أوضاع داخلية تحقق الانسجام والتوافق بينها وبين الأوضاع الخارجية.
إن حتمية وضرورة التغيير في المجتمعات تنجم عن عوامل مختلفة منها ما يمكن للمجتمع التحكم والسيطرة عليها، وبهذا تقوم بتغييرها لصالحه ومنها ما لا يمكن السيطرة عليها، ولهذا وجب إحداث تغييرات على المجتمع للتأقلم والاستمرار، ومجمل هذه العوامل يطلق عليها "القوى الدافعة للتغيير "، إلا أن المجتمع وهو يستجيب لهذه القوى بإحداث التغييرات اللازمة تصطدم بعوامل من نوع آخر وهي معوقات التغيير او مقاومة التغيير.
ومقاومة التغيير هي عبارة عن رد فعل الأفراد اتجاه التغيير، كما أنها ليست في جميع الأحوال رد فعل سلبي، فقد تكون دفعاً للمسؤولين للتفكير ملياً في التغيير أو تكون تحذيرًا أو إشارة إلى وجود بعض جوانب القصور، فيما يقومون به وفي هذه الحالة ستستفيد المجتمع من ذلك
كما تأخذ مقاومة التغيير أشكال مختلفة، بعضها يكون ظاهرًا مثل تكوين تجمعات، المصارحة برفض التغيير، والبعض الآخر ضمني أو غير ظاهر.
ومن اهم اسباب مقاومة التغيير:
- قلة الفهم والثقة
- الخوف
- نقص الحوافز
ولتجنب و تفادي ظهور المقاومة عند تنفيذ التغيير يجب:
- إشراك الأفراد في عملية التخطيط للتغيير، وربما في تحديد أهدافه والتعرف على تصوراتهم واقتراحاهم بشأن تنفيذه، فبهذا يشعر الأفراد بأهمية وضرورة التغيير وبأنه ليس مفروضًا عليهم بل هم مشاركين في إحداثه.
- إمداد الأفراد بالمعلومات الصحيحة اللازمة عن التغيير المتوقع والإجابة عن كافة تساؤلاتهم للتوضيح والتوعية وزرع الثقة في نفوسهم؛
- توفير الحوافز الملائمة لدفع الأفراد على قبول التغيير وتحريك رغبتهم في تنفيذه وإنجاحه؛
- التقرب من الأفراد والاستماع إليهم لمحاولة معرفة أسباب الرفض وبالتالي معالجتها بتوضيح الأمر وتقديم معلومات حول التغيير وأهميته وضرورته.
واهمية التغيير من اهمية إدارة التغيير في الوقت الراهن؛ فهي تأتي لتكسب المجتمع مرونة وسرعة في التغيير وأيضًا القدرة على التكيف مع التغيرات المستمرة في الظروف المحيطة بها، كما يمكن اعتبارها وسيلة للنجاح في مستقبل.
كما تعبر إدارة التغيير عن كيفية استخدام أفضل وانسب الطرق واكثر فعالية لإحداث التغيير بقصد خدمة أهدافه.
اخيراً يعد التغيير ظاهرة ذات أهمية كبيرة بالنسبة للمجتمعات في ظل الظروف الراهنة، ذلك لزيادة كفاءة أدائها وفعاليته وتحقيق أهدافها. ويمكن أن يطرأ التغيير على أي جانب من جوانب المجتمع أو جميعها مرة واحدة، وذلك حسب حاجة المجتمع وإمكانياته، وأيضًا البرنامج والأسلوب التطبيق.
كما أن أهم جانب أو عامل في المجتمع والذي يجب أن يحضى بالاهتمام الكافي والذي يعتبر من العوامل الأساسية لنجاح إدارة التغيير هو العامل الإنساني والنفسي والمتمثل في افراد المجتمع وكل ما يتعلق بدوافعهم، سلوكاتهم، قيمهم واتجاهاتهم.