بسم الله الرحمن الرحيم ...
الرحمة لشهداء سوريا الأبرياء مِنهم والشرفاء .
قد كُنت أتصفح كعادتي موقع Syria-News ، فشاهدت في زاويته خبر انتقال الأخ الحبيب جاك كورية إلى رحمة الله .
لم يصدمني الخبر كثيراً ، لأنَّ خبر الموت والشهادة أصبح أمرٌ مُعتاد بالنسبة لنا ...
لكن هذا الشاب لم تكن حكايته ، بحادث ، أو نتيجة اشتباك وهو مار ، أو مداهمات ، أو قذيفة سقطت ، أو طائرة قصفت ...
كانت قصته أنَّه طبيب في الطب بارع ، في الإنسانية مُدافع ، وفي الشهادة طامع ...
قد نال غايته في مشيئة الأقدار ، عندما سقط بسبب رصاص الغدر والخيانة ...
وهو يحاول أن ينقذ الأبرياء مِنَ الأطفال ، فقط الأبرياء ، فلم يكن طموحه لا غايات سياسية ولا شهرة بالإنسانية ولا مكاسب اقتصادية ...
فقط ما يُهمه بسمة الأطفال وحياتهم ، وهو محق فهم الأمل للبشرية بأثرها وبأكملها ، وهل يوجد أساساً ماهو أجمل مِنَ الأطفال .!؟ وبسمة الأطفال .!؟ ...
لم يكتفوا الغادرون برصاصتين ، لكي يمنعوه مِن إكمال مسيرته الإنسانية ، بل إستمرَّ بكامل القوة والتحدي لرصاصهم وتماسك رغم الآلام وأكمل مسيرته ، حينها وقف القناصون كالعاجزون الناقمون على روح هذا البطل فأطلقوا ثلاث رصاصات متتالية انتقاماً مِنهُ على حبه للطفولة والبراءة والحياة ، وليكن عبرةً لأولي الألباب ...
فما كان مِن هذا الشهيد إلا أنَّه سقط أرضً نتيجة خمس رصاصات ، فرويت أرضنا الطاهرة بدماء هذا البطل الذكية ، وصعدت روحه إلى السماء ...
أسأل التكفيريون الآن ، بأسئلة قد تبادرت إلى ذهني الآن ...
هل فكر الدكتور جاك وهو مقدم على الموت بإرادته أنَّه ذاهب لينقذ أطفال مسلمين وهو مسيحي ؟
هل قال الدكتور جاك في قلبه لمَ أقدم على الموت لأجل مسلمين وأنا مسيحي ؟
هذا ما يُجسد الإنسان الحقيقي ، حُب الإنسانية ... حُب يعجز عن فهمه الحاقدون والمتطرفون والخبثاء .
لكن ... ليس بخبر غريب عن أفراد الشعب السوري ... الذي عاش أكثر مِن 1400 عام بتلاحم وطني (وهذا التلاحم ليسَ مِن صنع النظام) بل مِن صنع الشعب نفسه ، شعب قد ولد وفطم على حب المواطنة والمساواة والحرية والعدالة والإنسانية ولو كره التكفيريون .
بل ... ما نسمعه عكس ما قيلَ في الأعلى هو الغريب عن هذا الشعب الكريم المضحي ذو الفكر الفداءي ...
أقسم بالله يا جاك لو أنَّك شُيّعت في كنيسة مِن كنائس دمشق ، لما ترددت بلحظةٍ مِنَ اللحظات للذهاب ، ولِحضور مراسم الدفن ، ولِزرع باقٍ مِنَ الآس فوق قبرك ، وأن أسقي وأروي تربتك بدموعي .
أقسم بالله يا جاك أنَّنا على دربك سائرون ، وعلى نهجك ماضون ، وعلى ايمانك بالطفولة وحب الحياة سنبقى مؤمنون .
أقسم بالله يا جاك أنَّك سبقتني بما كُنت أحلم به على الدوام ، الموت لأجل أن يحيا الآخرون ، الموت لأجل الإنسان .
أؤكد لكم أيَّها القراء أنَّها ليست بحالةٍ فردية ، إنما هُناك الكثير التي تُجسد هؤلاء الأبطال ، وقد أعادت هذه القصة ذاكرتي إلى أحداثٍ جرت مِنذُ أكثر مِن ثلاثة أعوام في رحلة الموت إلى بحيرة زرزر عندما قام الشاب البطل محمد الهبج بإنقاذ العديد مِنَ الفتيات الغارقات وقد استشهد ودفع حياته ثمن كي يحيا الآخرون .
وهُناك آلافٌ وعشرات الألوف بل أجزم بأكثر مِن هذه الأعداد كأمثال هؤلاء ، وتختلف السيناريوهات ، وتختلف الوسائل ، لكن في النهاية نفس الغاية ... إنقاذ أرواح الأبرياء فقط .
كم هي جميلةٌ ورائعة تلكَ الروح الإنسانية التي يتمتعون بها هؤلاء الأشخاص الشباب مِنهم والفتيات .
مصدر وقصة وفاة الطبيب جاك كورية .
مصدر وقصة وفاة الشاب محمد الهبج .
ليتَ فينا هذه الروح ، قد ولربما لم نكن لنصل إلى ما نحن عليه الآن ...
فالتحيا بلادي حُرَّةً أبيَّة ، ولا نامت أعين الجبناء .
ليسوا التكفيريون فحسب .. بل و معهم من هم أكثر تكفيرية ( إن صح التعبير ) . كل هؤلاء سينتهون سريعاً أمام قوة الشعب السوري و بطشه . الشعب السوري تعود أن يبطش .. بمحبته .. بتسامحه .. بعيشه المشترك .. بكرامته .. و بحريته . قد تكون سرقت طويلاً حرية السوريين لكنها لم تنال من وعيه و ثقافته و هو سيعود إلى الحرية بتلاحم أكبر و كرامة كاملة . و لن يبق بينه إذ ذاك مكان لمفسد أو حاقد . و سيبقى جاك على مر الأجيال الطويلة رمزاً لكل القيم و المعاني النبيلة التي ناضل و استشهد من أجلهاكما الآلاف من السوريين .
أحسنت صديقي بكل كلمة خطتها أناملك هنا . تابعت الخبر على صفحات الفيسبوك وإذ بعض من فارغي العقول و الإنسانية قد اختلفوا هل هو كافر بالنار أم سوف يدخل الجنة ؟ بالله شعب ماذا نفعل له وبه ؟ رجل حمل روحه هدية لغيره والتكفيريون منشغلون بجنته وناره . هل أصبح التكفيريون ممثلي الخالق على الأرض ؟ هل اصبح الغوغائيون يحددون من يذهب للجنة ومن يذهب للنار ؟ وعليه اسمح لي بالسؤال؟ مالزوم وجود الخالق ونحن بيننا من صادر سلطته على الأرض وعاث بإسمه تخريبا وفسادا؟ رحمك الله يا أيها الطبيب العظيم
لماذا تقول أن التكفيريين قتلوه؟ الخبر يقول اشتباكات بين المعارضة و النظام. هل تعتبر معارضي النظام تكفيريين؟ و من قال أن قناصوا المعارضة قتلوه؟ و هل قناصوا النظام يوزعون الورود؟ نحن نرى جرائم النظام بأعيننا و نعرف من يقتل الأطباء و الجرحى و الأبرياء. رحمك الله يا جاك كنت صادقا في قسمك الذي يقسم به كل الأطباء و لست كمن أقسم نفس قسمك و ادعى أنه يكره الدماء فاختار من الطب ما لا دماء فيه و قتل عشرات الآلاف من ابناء وطنه