syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
خضارنا يبكي..بقلم : مريم توفيق رجب

لخضرة هوائك الذي أضحى رمادا أكتب.... ولتعابير صفاءك التي امتدت بي منذ الطفولة واستنشقت عبقها في رحلاتي إليك وفي مفاصل طرقاتك وزوايا مناظرك التي كانت أقرب إلى الجنة أقف كثيرا أما في أشجارك التي تجاوزت أفق خيالي بامتدادها اللامحدود أدرك بأن ما التقطته عدستي يوما و خبأته ذاكرتي من ابداع الخالق بك لن يتكرر وأحتاج إلى زمن آخر فوق الذى مضى لأراك ثانية مبتهجة بثوبك الأخضر مانحة أثيرك إطلالة سحرك الذي كان مشرقا بعيون كل من شاهدوكِ ووطأت أرواحهم عتبات فرحك...


إنه من المحزن والمُشجِن لقلوب من غاصوا بأعماقك وتسربلوا في أدغالك وروابيك وأنعشتهم بقاع نداك ولم تخيبهم كثافة ضبابك أن يشاهدوك متشحة بالسواد الأحمر ومشحونة بالغبار وصدأ الحقد يفتك بك ولا رأفة تأخذهم حين أشعلوك لتتناثرين حطاما وتهبطين ترابا وتضحين سرابا فقد كنت بجمالك الرائع ندّ لهم فهبت نيران قتلهم وعصفت فيك بصيف كنا نلجأ منه إليك فوجدناك مكبلة بحريتهم المزعومة وشجع من أكملوا عليك بعدما وجدوك مثقلة بأوجاعك وضائعة بين أهداب الرحيل تبحثين عن ملاذ يطفئ غضبك الصامت على جنونهم الذي قابلتيه بأعين لم تستطع أن تكفكف عبراتها مذهولة من حجم مأساتها تخيط بيد ثوب عزائها وتكحل بيد أخرى عينها التي تستعد لقادم أجمل ..

 

هذا ما حدث يا كسب يا أعجوبتنا التي كنا نرتمي بأحضانها لتهدهد لنا بروعة مناخها نغم الطبيعة التي كانت تنمو بأحشاء محبتنا و فجأة انقطع الحبل السري الذي ربطنا بك ليفاجؤننا بأن جمالك تشوه وأحترق لكن لم يفلحوا في قطع ذلك الحبل الذي يربط حنيننا إليك بالذاكرة التي تخضر بكل ورقة من خضار أشجارك ...لقد عرفوا قيمتك في عيوننا فأحرقوا مآقينا حين أضرموا الكره بك وأدركوا بأن محبتنا لك كمحبتنا لبعضنا فقتلوك ومثلوا بجسدك كما فعلوا ببشرنا لقد أتلفوا الحياة فيك ليصنعوا الموت فلم يشبعهم حتى الآن بحر الدماء الذي ستمطره سحابات غيثنا فأرادوا أن يحرقوا البشر والشجر والحياة ولن يقدروا أبدا فلم يعرفوا بأنهم إذا أحرقوا غارك لن يخمدوا النصر القادم ولم يدركوا بأن صنوبرك المشتعل ماهو إلا بخور لولادتك الجديدة فالغابات ستعود والحياة لن تموت وأشلاء كل من عطر تراب الوطن بدفاعه عنا ستثمر من جديد ....

2012-10-06
التعليقات