syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
أحلام للبيع...بقلم : احمد عودة

لم يكن يخطرُ ببالي يوماً أن أعرُض شقّتي السكنية للبيع و لم أفكرُ لحظةً واحدةً بأن أتاجر بأحلام زوجتي و أطفالي وأن أُقتلع من جذوري و أن أصبح وحيداً عارياً هارباً من ذكرياتي و شجوني و اضطر أسفاً إلى بيع بيتي ومكاني وعنوان وجودي.


أرجوكم لا تبخّسوا بيتي حقه فهو مبنّي حجراً حجراً من دمي و دموعي و أيام اغترابي فعشرون عاماً قضيتها في بلاد الاغتراب و أنا أواصل العمل أناء الليل وأطراف النهار في سبيل أن أجمع ثمنه و أجعله مقراً لسعادتي و قصراً منيراً يلم شمل أسرتي و فيه منتهى كل أحلامي وآمالي و خلاصي من كل ما يعكر صفو أيامي .

 

في كل زاوية منه ذكرى و على كل بلاطة من أرضه قصة و لكل غرض فيه حكاية و رواية و ربما دمعةً و غصةً.

 

فهذه الغرفة الوردية هي غرفة نوم بناتي الثلاثة هلا و علا و سمر ... جميلة بكل ما فيها من ألعاب الأطفال وتزينها الآسرة الملونة و السجادة الصوفية حيث نقشت عليها أسماء بناتي , أما في ذلك الصالون فقد كانت تجلس أمي وتلبس نظارتها الطبية وتمسك بصنارتيها و تحيك كنزة صوفية لأبني الذي لم يأتي ...و لن يأتي أبداً لأن يوم ولادته تأجل إلى إشعار أخر .

وهذه هي الشرفة القبلية المطلة على المشفى الوطني والحدائق الجميلة المحيطة به .

 

وهناك في الجهة المقابلة جامع سيدنا خالد حيث ينشرح الصدر و تزهو الروح بسماع صوت الآذان و ترانيم صوت القرآن ... أما في الجهة الغربية فهناك يحلو الكلام حيث تغازل الشمس نوافذ البناء و توزع عليها القبلات و تهديها كل يوم قبساً من الضياء و ترسم لها عند المغيب أجمل اللوحات و تلونها بألوان دم المخاض .

 

أما عن المطبخ فهو واسع و جميل و فيه كانت زوجتي تقضي أغلب أوقاتها و بأيديها البيضاء الطاهرة كانت تمسح كل شيء و تنظف كل شيء و ترتب كل شيء لا يحلو المكان إلا بوجودها و لا ترتاح العين إلا برؤياها .

و نسيت أن أخبركم شيئاً هاماً  فعندما غادرت البيت أخر مرة كان بيتي في الطابق السابع ذهبت لشراء الخبز و الحليب كان الجو متوتراً والحواجز تقطع أوصال المدينة و أصوات المدافع تعلن الحرب على الجميع, قالت لي أمي لا تذهب وأما زوجتي فقد كانت خائفة و أيديها باردة و قالت لي لا تتأخر أما بناتي فقد كانوا يلعبون و ينتظرون طعام الإفطار و كأس الحليب .

 

لم اذهب بعيداً و ما هي إلا دقائق معدودة حتى دُكت السماء دكاً ورُجت الأرض رجاً  و أصبح بيتي هبائاً  منبثاً وأضحى الطابق السابع الذي كنت أتباهى بطلّته هو الآن في الطابق الأرضي قريباً من الشارع .

 

أرجوكم اخلعوا نعليكم فهنا على هذه الأرض كانت تصلي و تسجد أمي و هناك تحت الركام ترقد حبيبتي بسلام , أرجوكم لا تزعجوها فهي وعدتني أن لا تطيل الغياب وأن تعود و تقف بجنبي وتكمل المشوار اعذروني مرة ثانية إن تلوث جدران المنزل بأشلاء بناتي فهم حتى الآن لم يعلموا من حرمهم من كأس الحليب و من لم ينتظرهم حتى ينهوا طعام الفطور .

 

فمن يشتري منكم بعد اليوم همي و أحزاني ....

ملاحظة : العنوان - حمص - جورة الشياح – مقابل المشفى الوطني

 


 

 

2012-10-08
التعليقات
بنت بلدي
2012-10-09 21:36:02
ردا ع سوري اصيل !!!!!!!!!!!!!!!!!!
ما قرأته بتعليقك يدل على انك لم تقرأ تاريخك ابدا ولا تمت للاصالة بصلة فمن انتم الذين صنعتم تاريخا واهم وصدقتم ما كذبتموه دمشق منذ عصر الامويين عاصمة الحضارة بحقدكم وبأيديكم دمرتموها وسيأتي يوم لينطق الحجر قبل البشر بما فعلتم

سوريا
مُجَرَّدُ إنسان
2012-10-09 15:34:34
إلى سوري أصيل
لاءا لي بيسمعك بيصدق هاه ، لا تحلف رح صدقك

سوريا
واحد تاني
2012-10-08 19:38:47
الأولاني
قصص كثيرة تبقى في الذاكرة السورية و اعداد الشهداء هي قصص و بطولات و ليست مجرد أرقام هؤلاء ناس لحم و دم و عواطف و احلام و امال مو صراصير و دبان

سوريا
سوري اصيل
2012-10-08 19:10:13
ناكرين المعروف
بدي اسأل واحد واحد مو لحنا يلي علمناكم و درسناكم و فتحنالكم جامعات و معاهد و وظفناكم و ساويناكم زلم يا ناكرين المعروف كما قال المتنبي ... لا تشتري العبد الا و العصى معه... الذين يطالبون بالحرية هل يفهمون معناها ام تناقلوها بالتواتر من المحطات الغبية لحنا ياي علمنا الحجر و البشر بس هناك بشسر ليسوا من جنس البشر ..أسفي

سوريا
سما داكنة
2012-10-08 15:44:02
الى اين المسير
سؤال للجميع المؤيدين و المعارضين و للمتفرجين و الشامتين و المراقبين الى اين المسير و ماهي المحطة الاخيرة التي تسعون اليها ان اقصاء الاخر هو محض جنون و هو انتحار للجميع و هزيمة حتى للمنتصر اذا وجد واحيانا الانسان بحاجة للحظة تفكير واحدة احسبوها مرة اخرى ثم عاودوا القتال و الانتحار و جمع الاشلاء.

سوريا