كان المرء - ذو المروءة - في قديم الزمان، إذا صادف قاتل أبيه في الأشهر الحرم لا يجرؤ على النظر إليه بازدراء، تعظيماً وتقديراً لحرمة أيام هذه الأشهر، لأنها مباركة ... حرم فيها الله إزهاق الدم ولو لصيد تناله الرماح عن بعيد!
هكذا كانت رجالات الماضي، فهلا انعدمت أخلاقيات الرجولة لدى أشباه الرجال؟ حتى بتنا اليوم نجد المسترجلين فينا يستمرؤون القتل لأتفه الأسباب، بل لنذهب إلى أبعد من هذا ونقول .. بأنهم يستمتعون في قتل الآخر، وسفك الدماء، والعبث بالممتلكات الخاصة قبل العامة، وفي نهاية المطاف يخاولون إقناعنا بأنها سلمية.
لقد تشرب هؤلاء عقيدة إزهاق الأرواح وتربوا عليها، فبعد أن غدت أرواحهم رخيصة في منظورهم العقائدي، صاروا يؤمنون بأن أرواح الآخرين مستباحة لهم، ينسلونها وقتما شاؤوا، متناسين تحذير رسولنا الكريم حيث وردنا عنه:
لهدمُ الكعبةِ حجرًا حجرًا أهونُ على اللهِ من قتلِ المسلمِ .
الراوي: - المحدث: الشوكاني - المصدر: الفوائد المجموعة - الصفحة أو الرقم: 212
خلاصة حكم المحدث: من آذى مسلما بغير حق فكأنما هدم بيت الله...
نعم أحبتي في الله .. هذه الأشهر حرم. أكرمنا الله بها لنعيشها أمناً وأماناً، ولننسى فيها كل شكل من أشكال العنف والتقتيل، وقد أتحفنا فيها الله بأيام عشر - أقسم فيهن لعظيم شأوهن - حين أتانا قول الحق تبارك وتعالى : { وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ } . (سورة الفجر : الآيتان 1-2).
يقول رسولنا الكريم \\\"صلى الله عليه وسلم\\\" في العشر الأول من ذي الحجة: ما من أيامٍ العمل الصالح فيها أحب إلى الله من هذه الأيامِ. قالوا : يا رسول الله ، ولا الجهاد في سبيل الله ؟ قال : ولا الجهاد في سبيل الله إلا رجل خرج بنفسه وماله فلم يرجع من ذلك بشيء. (سنن أبو داود ، الحديث رقم 2438 ، ص 370).
قد هلت علينا أفياء هذه الأيام، فيهن ثواب العمل الصالح أضعاف مضاعفة عن غيرها، وبالقياس يمكننا القول بأن عقاب العمل السيئ يكون أضعاف مضاعفة عن سواها، فلنتنبه لتلك المسألة البالغة في الخطورة، ولنتوقف جميعاً عما شعلنا به منذ ما يقارب السنتين، ولنسعى اليوم للتقرب من الله الرحمن الرحيم، وذو العقاب الشديد .. لننبذ ما حيق بنا من تنازع وخصام لا مبرر له سوى حقد الآخرين علينا.
أسمع همس واحد منا يقول، وماذا عن قوافل الشهداء التي مضت في تلك المعمعمة المقيتة؟.. أقول لكل من قد فقد عزيز، بأن الله معنا وهو يسمع ويرى، ولا تضيع عنده مثقال ذرة أو أدنى من ذلك .. فلنترك هذا الأمر لولي الأمر، لأننا لا نريد مضاعفة أعداد المنكوبين من دون جدوى، فالكل مصاب، ولنكتفي بلملمة جراحاتنا والعودة للطريق السوي دون الالتفات لما ألم بنا - في الغابر من الأيام - لأن النبش فيها لا يزيدنا إلا ضعفاً وخبالاً، ويزيد المتربصين بنا زهواً وإنتصاراً.
هي دعوة يجدها الكثيرون بأنها لا منطقية .. وغير صالحة للتطبيق .. لذلك أسرد على مسامعكم ما كان بعد سنوات من القتال والعراك بين المشركين و المعتنقين ذلك الدين الجديد, فعندما دخل رسولنا الكريم مكة فاتحاً, جمع من بقي من المشركين في المدينة وخاطبهم بكلمات كان منها:
يا أهل مكة: ما تظنون أني فاعل بكم ؟
قالوا : خيراً ... أخ كريم وابن أخ كريم .
قال : اذهبوا فأنتم الطلقاء.
وهذا الحديث أورده ابن إسحاق في ( السيرة ) - كما في ( سيرة ابن هشام )4/54-55.
هي دعوة ليست لطرف دون آخر- فالكل في ربوع الوطن سواء - لنحقن الدماء، ولنشمر عن سواعدنا من جديد للبناء، ولنتعلم تقنية الصفح عن الآخر، ولنتقن أسلوب المسامحة والعفو، ولنمتثل بهدي رسولنا الكريم حيث بلغنا عنه:
عن أنس رضي الله عنه قال : قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - :
كل بني آدم خطاء ، وخير الخطائين التوابون ... أخرجه الترمذي [2499]، وابن ماجه [4251]، وأحمد [198/3].
والحمد لله رب العالمين!!!
إذا كانت دول اليومين والتي لم تتواجد بالقصر إلا من مبارح العصر بتظن بأنو يمكن أن تؤثر ولو بالقليل على دولة السبعة آلاف عام فهذا المحال بعينه فتعاليمنا ومبادءنا راسخة في الأرض رسوخ الجبال ومهما عصفت فينا الرياح ما رح نحيد عما نحن عليه الآن والعفو يلي صدر اليوم أكبر دليل على المسامحة لعودة المضللبن إلى حضن الوطن وقلبه الكبير أشكر صاحب المشاركة واسانده في دعوته للعودة إلى جادة الصواب والصلح خير كما ورد في كتاب الله عز وجل كلنا قادة في هذا الوطن ويريدون تنحيتنا جميعاً فليخسؤوا وليتنحوا هم!
وهي بلشنا هدنة بس لنشوف لايمتى رح تصمد وكل عام والوطن بخير