خير من ألف شهر
في العشر الأواخر من رمضان وفي ليلة القدر أفاق أبو علي في ساعة متأخرة من الليل وشد انتباهه الضوء الساطع الذي يخترق نوافذ منزله في الطابق الثاني فخرج مسرعا واللهفة تكاد تخطف أنفاسه وصوته متهدجا : إنها ليلة القدر
وقف على الشرفة مستندا على حائط تعود على يدي أبو علي المتعبتين وبصوت خاشع ولهفة عبد مستضعف نظر إلى السماء وقال : رباه أنا عبدك الضعيف منحتني نعمة رؤية ليلة القدر أرجوك إلهي انزل سكينتك على قلوب الناس واجعل المحبة و الأمان تعود لبلدي وارزقني واعفو عني يا كريم
ومن بعيد جاءه صوت يخترق سكون الليل : "انشالله عجبوك البلجكتورات الجدد إلي ركبناهم اليوم يا أخي الضو نعمة غير شكل"
بلع أبو علي ريقه و أجاب جاره أبو أحمد مرتبكا : والله عجبني .. كتير عجبني .... عجبني بعزم .. إي شو عجبني
في الصباح الباكر كان أبو علي ما يزال في سريره يردد : يا اللللللللللللللللله شو عجبني؟
ثلاثة بواحد
عندما مسح "سليم أبو طبق " بابور الكاز الخاص به والمرمي منذ زمن ليس بقصير في قرنية حزينة في غرفة المونة المظلمة بهره ذلك الدخان المنبعث منه وتلك الضحكة الصاخبة والصوت الحاد : شبيك لبيك عبدك بين إيديك
تمالك سليم أعصابه واستعاد انتظام أنفاسه قائلا : أنت جني البابور
فأجابه ضاحكا : نعم وهل شككت أني وزير المالية مثلا ها ها ها ؟ لديك ثلاث أمنيات أنفذها لك تفضل.
فكر سليم وقال مترددا : أريد جرة غاز مليئة و برميل مازوت و أريد .. أريد.. الزواج من هيفاء وهبي ؟
فكر الجني مليا واضعا يده على ذقنه وبحركة بهلوانية و مصباح مشتعل فوق الرأس أجابه مشيرا بإصبعه نحوه : أنا عندي اقتراح يرضيك ويريحني , لقد بلغت من العمر عتيا والوقوف الطويل في طوابير الغاز والمازوت قد يفتك بي وأنت في وجهك رحمة ومحبة فإن سمعت مني زوجتك هيفاء وهبي وأنا عندي ثقة أنها بجمالها ودفئ جسدها تغنيك عن الحاجة للغاز والمازوت أي تلاتة بواحد؟
من ذلك اليوم لم يعد أحدا يرى لا سليم أبو طبق ولا هيفاء وهبي ؟