syria.jpg
مساهمات القراء
فشة خلق
ثقافة الفوضى...بقلم : جبور عبد الجبار

تتكالب بعض قنوات الإعلام العربية و الغربية هذه الأيام على النظام السوري بإظهار ما يحدث في سوريا على انه جرائم لا تُغتفر ضد الشّعب السّوري الشَقيق و تتفنّن هذه القنوات التي لا يهمٌها كثيرا مدى مِصداقية مصادرها الإعلامية التّي تستقي منها أخبارها كالفيس بوك و اليوتيوب ممّا أصبح يُتعارف على تسميتها بمواقع التَّواصل الاجتماعي،المُّهم عندها أنّها تُدين النظام القائم و تبرز دكتاتوريته و دمويته


لكن كمتتبعين لما يجري في هذا البلد الحبيب لا يُمكننا إلا أن نتساءل من الذي أشعل فتيل الفتنة في هذا البلد العربي المعروف باستقراره بالنٌسبة لشعوب المنطقة و الذي يعتبر قلعة للفن و الحضارة و مَفرَخَة للعلم و العلماء؟

 من له مصلحة في إلهاب حماس هذا الشّعب و استغلال مُعاناته المعيشية النّاجمة عن غلاء الأسعار و التي تسببت فيها أزمة مالية –لا دخل للنظام القائم بِها-، إلى المُواجهة مع نظامه و إدخال البلاد في دوّامة من العنف لا نعلم ما ستكون نهايتُها و إلى ما يؤول إليه مآلُها؟

 

من له مصلحة في إضعاف و ربما تقسيم البلاد على هوى الطّوائف الدينية والعرقية المكوِنة لنسيجه الديمغرافي المتعدد؟

من سَيستفيد من سقوط هذا النظام المُمَانع و المجاور للكيان السّرطاني الذي ينخر جسم الأمة –ألا و هو إسرائيل- والذي يعتبره كل متتبع ذا لبّ، المُتسبب في كل هذه الفوضى التي تصب مباشرةٔ في مصلحته إذ أنه –أي النظام السّوري- يرفض كل أشكال التّطبيع مع هذا الكيان كما أنّه مساند لحركة حماس التي تَعتبرها إسرائيل عدوّها اللّدود؟

 

يبدو أن الحالة السّورية إذا وُضِعت في إطار ما يحدث في المنطقة العربية و التي تشهد حُمى انتفاضات لا سابق لها،- يحلو للبعض أن يسميها ربيعأ- ما هي إلا تدابير غَرْبية للمنطقة العَربية من أجل خَلق جو يمكن للكيان السّرطاني أن ينمو فيه أكثر وأن يتوسع أكثر في شمال الضفة و جنوبها و أن يفاوِض من موقع قوّة، سُلطةٔ فلسطينيةٔ ضعيفةٔأصلأ بانقساماتها و التي لن تجد كيانا خارجيأ أقوى تستند عليه في مفاوضاتها القادمة إن كانت هناك مفاوضات أصلا

 

إن الذي يحز في النّفس ليس اندفاع هذه الشّعوب العربية المُتعطشة للحرية ولحياة أفضل في هذه الأحداث مُسقطين كلّ ما هو قائم بغضِ النّظر عن قدرتها في إقامة كيانات أفضل، بل هو انخراط الكثير من المُثقفين في هذه الحركات الغوغائية، طمعأ في مَناصب أو خوفأ من عواقب مُعارضَتها لهذه الحَركات التي استولت على دفّة القيادة دون أدنى دراية بذلك والذي كما يبدو مُتّجهة إلى إحدى النّتيجتين :

 

- إما الفوضى المُؤدية إلى انقسام أكثر وأزمة أعمق.  

- أو إنشاء دول و حكومات ضعيفة لا قدرة لها على البقاء أو على الأقل على الدفاع عن مُقدّراتِها و مصالحها الحيوية و القومية

 

 على المثقفين ألا يتقهقروا أمام هذا الزّحف الشّارد لشباب الأمة الباحث عن مُستقبل أفضل، خشية الوقوع بين الأقدام الرّاكضة، بل عليهم حمل مَشاعل التّوعية لِتوجيه هذه الاندفاعات نحو التّحرر و الوقوف أمام ثقافة الإسقاط التي يتبناها هؤلاء الشّباب دون أدنى وعي بما يُمكن أن ينجرّ عنها، و المثال على ذلك ما يحدث هذه الأيام في مصر و تونس، إذ أنّه من الحكمة التّريث لما ستتمخّض عنه الثورةُ في هذين البلدين قبل المُغامرة بإسقاط مزيدأ من الأنظمة

إذن من هو صاحب المصلحة في خلق هذه الفوضى المكتسِحة؟

 

هل هم الشّباب كما يتشدق به بعض الصّحافيين الحمقى أو المأجورون أم هو طرف آخر استغل مشاكل الشّباب و همومَهم بهدف تحقيق بعض المآرب السياسية الخبيثة؟

 

الأشهر أو السنوات القليلة القادمة ستجيب على هذه الأسئلة و إلى أن يحين أوان ذلك نرجو أحباءنا في سوريا أن يحكّموا العقل و الحكمة و أن يستمعوا إلى علمائهم و ألا يعرضوا بلدهم إلى المزيد من الفوضى و التحلل

كما نهيب بالسلطات الى التّرفق و التّبصر في محاربتها للمخربين كي لا تصيب الأبرياء و تزيد نار الفتنة اضطراما  

 

ملاحظة كـُتبت هذه المقالة يوم 05 أغسطس 2011

 

 

2012-11-15
التعليقات