syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
غبار الفراق ... بقلم : هالة اليوسف

ثمانون عاماً ... رميت بزاوية معتمة من الزمن

الشيء الوحيد الذي بقي مخلصاً لها كل العمر هو ضوء الشمس الذي لا يجد ما يمنعه من الدخول والتحرش بخصلات شعرها الأبيض الذي بات خفيفاً ككل شيء حولها ..يدخل غرفتها المتواضعة عبر ثقوب بابها الخشبي العتيق يلقي نظرة سريعة عليها .. يسمع صوت أنفاسها المتبقية يطمئن إلى أنها لم تمت بعد ويخرج مسرعاً كما دخل  .


 يوقظها من نومها الذي يكون غالباً في بدايته ..تساهر أول نجم وآخر نجم وهي تئن من آهاتها المنبعثة تارة من كل شيء في جسدها الذي كان .. وتارة من قلبها عندما تنادي على أولادها الثلاثة ..كفاكم لعباً في الخارج ..ادخلوا فالحليب أصبح جاهزاً ثم تعود وتتذكر أن من تنادي عليهم هم أبناء ذاكرة تتذكر   فالمسكينة لا أولاد لها سوى صور ثلاث معلقة على حائط الغرفة ...فقط تتمنى أن يأتي أصحاب هذه الصور ليمسحوا ما لم يستطع غيرهم مسحه من غبار الفراق القاسي الطويل .

فقط لو يتركون  بصماتهم عليها ... تخاف أن تموت ولا أثر إلا لأنفاس مجروحة صوتها يؤنس البؤس

وكالعادة كل صباح بعد أول إزعاج من أشعة الشمس يأتيها الإزعاج الثاني عندما تسمع زقزقة الباب الخشبي الذي يفتح ببطء .. إنها ابنة الجيران تدخل لها صحناً من اللبن ..تمسح لها وجهها بنقاط من الماء   فتمسح العجوز وجهها بالرحمن

وتدعي من كل قلبها لله ليرضى عن هاتين اليدين الدافئتين ثم تنظر إلى الصور التي لم تتمخض لها الأيام سواها وتكاد تقول لأصحابها رزقكم الله كما تستحقون ثم تهز رأسها كأنها تصحو من كبوة وتقول حماكم الله أينما كانت أراضيكم وبعد ذلك تأخذ الفتاة صحناً فارغاً من الأمس وتمضي تاركة الباب وراءها مشقوقاً لئلا تختنق روح العجوز بالغبار والدموع بينما هي تتصاعد إلى باريها ببطء وسلام .


 

2010-11-29
التعليقات
باسل
2010-11-30 12:12:21
اوفففففففف
والله العظيم اختنقت لما قريتا. الله يعطيكي العافية ويستر كبرتنا جميعا

سوريا
نورا الحلبية
2010-11-29 22:57:50
شكراً للكاتبة
أعتقد أن كل من سيقرأ هذه القصة سيرى في العجوز نفسه مستقبلاً، ويا لها من نهاية....كلنا سنكبر والله يستر.

سوريا
لوسي
2010-11-29 15:56:33
إلى شذى
حبيبتي شذى , عهد بنت شو رح تعرفيها أكتر مني درست معها بالمدرسة وهيه من أعز صحابي وبتكتب بهالموقع المحترم

سوريا
فراس الراعي
2010-11-29 12:12:02
البعد الإنساني
القصة ذات بعد إنساني ، بينت جوانب متعددة من المشاعر ، ألم ، فراق ، حسرة ، آهات ،...الخ ، واختيار بيئة القصة في البيت وتناقل الذكريات فيه ، أعطى للقصة حميمية حقيقية ، عنوان القصة دال ومعبر ولكنه مباشر نوع ما ، نقول بالعموم نجحت هالة بتوظيف أفكارها في القصة لإيصال العبرة ، أنا بشكل شخصي استمتعت بقراءة هذه القصة .... يا هالة شكراً لك.

سوريا
شذى
2010-11-29 11:16:46
عفواً لوسي
بس يا لوسي عهد شب وكاتب عالسيريا نيوز بس للتوضيح وشكرا ياهالة

سوريا
زوركوف
2010-11-29 11:15:05
2
بشكل عام، أنالما هرهر بكتب لزوجتي مايكفيها ويحافظ عكرامتا بعدي، وأنا مؤكد سأعود إلى ديني وأنشغل بالعبادة. أد ماحكيت ولفيت ودرت مافي مهرب من النهاية المذكورة بالمقال، يجب الإعتراف بذلك. يالهامنن نهاية!!

الإمارات
زوركوف
2010-11-29 11:12:43
1
العفى على هالقصة، شو هاد؟ بس ما أنا متأكد منه أنني يستحيل أترك أمي توصل لمتل هالوضع، بتسكن معي ببيتي متلا متلي، وأنا بجيب المصاري إلي وإلا ومنعيش ، وبس أنا صير عجوز ، بقعد معا ومنرجع لديننا منصلي ونقرأقرآن عسى أن تهدأ نفوسنا، ونواجه الموت بشجاعة، والبركة عاد بالرجال أولادي... حاسس إنو لايمكن تجنب هالنهاية المذكورة بالقصة، فالقوة والشباب يزولان والأولاد يلتهون، والمال يؤخذ ، وفي النهاية الزوج يتوفى وتبقى الزوجة بعده بضع سنوات لتعاني ماذكرته الكاتبة، والله هادا لوحدو يدعونا لتكريم واحترام المرأة

الإمارات
لوسي
2010-11-29 08:46:21
رائعة
هالة متل ماقالت عهد إحساسك عالي ولاتنسي الشهادة من عهودة بعشرة , بتمنالك السير دائما للأحسن

سوريا
عهد ابراهيم
2010-11-29 01:17:20
كلك إنسانية
هالة كلك مشاعر إنسانية وإحساسك كتير مرهف وقادرة تحسي بالناس وهمومهم شكرا الك

سوريا