في خريف عام 1988 كنت في موسكو و أردت أن أزور مترو الأنفاق و أشاهده لأول مرة في حياتي .. جلست في أحدى العربات و قد أوشك القطار أن يتم دورته الثالثة على خطه الدائري و كان الوقت متأخراً بعض الشيء ، توقف القطار عند محطة أكتابرسكيا (أوكتوبر)
فجأة دخلت فتاة روسية لم آرى في جمالها قط بجمالها تسحر الأنس والجن معاً و جلست في العربة أمامي مباشرة أخرجت كتاب من حقيبتها تقرأه و من عادات الروس القراءة في عربات المترو , و أما أنا فلم يبقى لي إلا أن أحدق بها فاغر الفم جاحظ العينين مندهشاً لشدة جمالها و حسنها غير مصدق أن تكون الملائكة متجسدة في هيئة بشر و قد كنت في تلك الأيام حديث العهد بتلك البلاد لم يمضي على وجودي سوى بضعة أيام لا أتكلم لغتهم ولا أعرف ثقافتهم ولا أجيد معاملتهم بعد كل ما أعرفه أن الشعب الروسي شعب عظيم ..
جلست صامتاً محدقاً لا أعلم كيف ذهب عني الخجل و
الحياء و لا أدري من شدة أرتباكِ هل لاحظت الفتاة المسكينة تحديقي الوقح لها و هي
التي ما زالت تقرأ في كتابها الذي حجب نصف وجهها من الرؤية أبقى فقط على
العيون الزرق و الشعر الأشقر ، الصمت سيد الموقف العربات شبه خالية من
الركاب
وحده هدير القطار يبدد صمت المكان و يعزف سمفونية
رائعة أحسست لحظتها بأن بتهوفن من كتبها ، تقترب محطتي من الوصول و ستغلق محطات
المترو أبوابها قريباً و لا خيار لي سوى الرحيل أقترب من باب العربة أهمّ في
الخروج و أحمل أقدامي التي تثقالت فجأة حملاً على الرحيل و أما عيوني فما
زالت ترمق بطرفها الفتاة ، خرجت من عربة القطار كمن أخرج روحي من الجسد
و وقفت مباشرة أمام نافذته من الخارج أتابع هواية التحديق و فجأة ..
و فجأة أزاحت الفتاة الكتاب و نظرت عليّ مباشرة و
أبتسمت و أقسم أني وجدت الشمس في ثغرها لم أرى في حياتي أبداً أبتسامة أجمل من
أبتسامتها و لا زلت أتذكر حتى الآن و بعد مرور كل هذا الوقت تلك الأبتسامة
الساحرة التي هي أشبه بأشراقة شمس ليوم جميل في فصل الربيع ، حاولت العودة
مرة أخرى الى العربة لكن فات الآوان حاولت كسر باب العربة و لكن هذا مستحيل
بدأ القطار بالمغادرة و ودعتها بعيوني حتى غابت ..
كان شغلي الشاغل في اليوم التالي و في كل يوم على
مدى أسبوعين الأنتظار لمدة لا تقل عن السبع ساعات في محطة أكتابرسكيا التي ركبت
منها الفتاة على أمل أن ألقاها مرة ثانية بحثت عنها في كل مكان في محطات المترو في
عربات القطار في ساحات و شوارع موسكو في المطاعم و المحلات حتى في أغصان
الشجر بحثت و في عيون البشر و لم أجدها لم أرى هذه الفتاة مرة أخرى في حياتي قط
و لكني ما زلت أذكرها و أذكر أنها أجمل ما رأت عيوني ..!!!
و بعد ذلك أستيقظت من نومي و أدركت أني أحلم و أن كل ما قصصته عليكم كان مناماً جميلاً حلمت به ذات مرة و كان من أجمل ما حلمت ..
"مبروك يا أمي هي إبنِك صار عريس ,عندو بيت ملك وسيارة ,شغلو كافيه الحمدللالله ,لا تغرّب ولا خسرنا شوفتو وضل ببلدو يخدمو وإن شاء الله بتشوفي ولادو وبيعوضوا اللي ما قدّر أبوهون يسويه وياخدو أعلى الشهادات ويخدموا سوريا بعلمون يا رب " "مبروك يا أبي سمعت إنك عم تاخد تعويض عالي عن السنين اللي خدمت فيها بلدك وأهل منطقتك ,الحمدللالله ,رح تعيش معزّز مكرّم بعمرك بدون حاجه ولا همّ" مبروك بلدي حبيبتي النضافه بكل طرقاتِك والمباني المبنيه بكل جمال ملئت قُراكِ قبل مُدنك" لو هالحلم كان حئيئة ,كنا هلأ بأل
(امرأة) هي في المنام إن كانت جميلة دالة على السنة المقبلة بالخير والراحة