syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
وجهة نظر...بقلم : وسيم سليمان

أي ظاهرة طبيعية لا تحدث إلا عندما تكتمل أسبابها وشروطها وتلتقي في لحظة زمنية للتفاعل مع بعضها منتجة هذه  الظاهرة , وأيضا كما نفهم أن المواد الداخلة في اي تفاعل كيماوي هي مواد مستقلة بذاتها لها خصائصها المميزة ولكنها تلتقي  جميعا في مكان واحد ضمن شروط معينة فيحدث التفاعل وتظهر النتائج .


وكذلك الظواهر الناتجة عن السلوك البشري تخضع لنفس النظرية :

 

من ناحية المبدأ عندما خلق الانسان لم يتبلور لديه مفهوم للشر بل مفهوم للامن في ظل طبيعة متوحشة حيث كان يسعى لتحقيق أمنه>

 ومن الناحية الدينية ان الله خلق الانسان وبين له طريق الخير وطريق الشر 

 

ولا ينبغي لنا ان نفهم الشر بأنه مصطلح جامد لا فالشر يعني أن يتجاوز الانسان في تعامله مع الآخرين حدود حقوقهم وأمنهم ليعتدي عليهم ولهذا السلوك أسباب وبواعث تتعلق بالتربية وبثقافة الانسان وبمعتقداته وبحاجاته ويمكن وضعها ضمن بندين  أساسيين :

أ - حاجات الانسان المادية 

ب- قناعته وبنيته النفسية والفكرية وما ينتج عنهما من حالة أخلاقية


 

فالفساد مصاحب للوجود الانساني ولكنه غير متأصل فيه بل إن علاجه يتم عن طريق العقيدة والتربية الصحيحة وتزكية النفس بفعل الخير وبتلبية حاجات الانسان بشكل عادل .

ومعركة الانسان مع فساد نفسه هي الجهاد الاكبر في حياته 

 

وضمن نفس السياق كان على الانظمة والنظريات التي تقود المجتمع أن توجد القوانين والطرائق الكفيلة بإصلاح  الانسان وتحقيق العدالة وصولا الى تحقيق أمن المجتمع وسلامه وان تساعده في جهاده مع نفسه لا ان تفتح له أبواب  الشهوة والصراع لتحقيق حاجاته المادية والضياع .

 

إذا فساد الانسان حالة طبيعية ترافق الوجود البشري، وهذا مكون مستقل بحد ذاته عند دراسة الظواهر البشرية  وهو منبع كل الظواهر الاخرى ونتيجة  لها في نفس الوقت .

 

وعند وقوع حادثة ما تجتمع كل أطياف الفكر الانساني في أشخاص عديدون في لحظة ما كما يحدث عند التفاعل الكيميائي - و كل شخص هو ظاهرة مستقلة بحد ذاته - وتجتمع شروط تلك الحادثة فتظهرها بشكلها النهائي .


فمثلا اجتمعت العصبية الطائفية مع حاجة الناس ووجود الفساد لتنتج عنفا في الحالة السورية  ، ومن أنتج هذا العنف  ربما ينتمون إلى كل المذاهب والطبقات السياسية فمنهم متشددون دينيون مع النظام ، ومنهم متشددون دينيون  ضد النظام ، ومنهم عصابات لرجال فاسدين في النظام ، ومنهم طابور خامس يعمل لصالح أجندات خارجية وبعد أن تحولت المشكلة الى صراع مسلح بدأ الصراع يصبح أكثر وضوحا وشفافية .


 

وإذا انتقلنا الى حالة اخرى مثلا سيؤدي الحصار الذي يفرضه الغرب على إيران الى احتقان شعبي ضد الحكومة  لعجزها عن تأمين حاجاتهم وسيتم تزكية هذا الاحتقان بحالات فساد ربما تكون موجودة لتصل الى نقطة الانفجار التي تتداخل فيها كل القوى لتوجهها وفق مصالحها .

 

ولننتقل الى حالة اخرى فقد تم القبض في مدينة طرابلس اللبنانية على طابور خامس يستغل الاحتقان الديني بين   طوائف المسلمين لإحداث فتنة  وإذا نظرنا الى كل هذه الحالات نراها ناشئة عن خليط تدخل فيه العصبية الدينية وحاجة الناس والفساد

 

ومن هنا يمكن أن نستنتج أن الطريق لتحقيق امن الناس هو طريق التربية الصحيحة وتحقيق العدالة  وزراعة المحبة والتسامح بين الناس ومساعدتهم على جهاد أنفسهم. 


 

 
2013-01-02
التعليقات