حزينٌ لأني
أرى الليلَ يبكي ويُذري الدموعْ
أرى النايَ يحدُو برَكْبِ الخشوعْ
وتنسى جُفوني لذيذَ المنامْ
ويُشْجي أسايَ المُدَمَّى العَذولْ
يُرَنِّحُ روحيْ هَديلُ الحمامْ
و يَخبو بعَينيْ ضياءُ الشموعْ
وأرنُو لماضٍ بِلُبِّي.. يجولْ
يُعيد لقلبيَ نبضَ الحياهْ
ويَنثرُ نوراً يُطيحُ الظلامْ
ويَروي غليلي بِشُهْدِ المياهْ
وأسمعُ همساً خفيًّا يقولُ:
مضى العمرُ حُلْماً وما من رُجوعْ
حزينٌ لأني..
أرى الوردَ يذبُل بينَ الحُفَرْ
أرى الرِّيحَ تحني رقابَ الشجرْ
أرى الذئبَ ظبياً أمامَ البشرْ
ففي الصَّدرِ منهُم حديدٌ حَجرْ
وأسألُ نفسي سُحَيراً: لماذا..
أرى ذاكَ يأكلُ لحماً لهذا؟!
وأغرسُ حبًّا برَوض القُلوبِ
وأَجني الضَّنَى والجفا والشَّرَرْ
ووحدي أُناجي خيالاً بَدا
شَذِيًّا ويَبرُقُ مثلَ النَّدى
فتورقُ روحي، ويخضلُّ دَوحِي
وأنسى سُهادي وسُقمي ونَوْحي
وبعدَ ابتهاجي بعيداً يَغيبْ
أناجيهِ سرًّا.. وما من مُجيبْ
مضى مثلَ حُلْمٍ فذُقتُ الرَّدى
أُنادي، ولكنْ يُجيبُ الصَّدى
.. ولم يبقَ إلاَّ وميضُ الصوَرْ
وبالهجر أُكوى.. فهذا قدرْ
ويَشدو دُجى الليلِ في مِسمَعيًّا
فأذرِفُ دمعاً عصيًّا حَيِيَّا
وأسهرُ حتى يَمَلَّ السهرْ
ويغفُو مع الفَجر ضوءُ القمرْ
حزينٌ..
فكم يُستباحُ الوطنْ!
وبي ذكرياتٌ تُثيرُ الشَّجَنْ
فيا ربِّ، لطفاً بذاك الوليدْ
ولطفاً بثَكلى تُناغي يتيما
ورفقاً بشيخٍ يَمُجُّ الحَميما
ورفقاً بجرحٍ يُذيبُ الوَريدْ
ولطفاً بطفلٍ مُعنًّى شريدْ
بِعينٍ تناستْ خيالَ الوسَنْ
فقد لوَّعَتنا ضروبُ المِحَنْ
فأرسِل لنا ضوءَ صبحٍ جديدْ
لنَحيا بحبٍّ، بظلِّ الجِنانْ
وتكسو بلادي برودُ الأمانْ
وننسى عذاباً مريراً أليما
ونمضي بوُدٍّ بِيَمِّ الزمنْ
حزينٌ..
وبدرُ الهنا قد أَفلْ
وعُمري شهابٌ سَرى في عجَلْ
ولاحت بِفَودِي نجومُ السنينْ
ودوَّتْ بسَمعي رعودُ الأنينْ
ولظَّى فؤادي أُوارُ الحَنينْ
فأرقبُ دوماً مجيءَ الأجلْ.
لله درك شاعرنا الكبير ودعني أكرر : حزينٌ لأني.. أرى الوردَ يذبُل بينَ الحُفَرْ أرى الرِّيحَ تحني رقابَ الشجرْ أرى الذئبَ ظبياً أمامَ البشرْ ففي الصَّدرِ منهُم حديدٌ حَجرْ وأسألُ نفسي سُحَيراً: لماذا.. أرى ذاكَ يأكلُ لحماً لهذا؟! وأغرسُ حبًّا برَوض القُلوبِ وأَجني الضَّنَى والجفا والشَّرَرْ
وتنثره كالذهب في الأسماع والعقول والقلوب حزينٌ.. فكم يُستباحُ الوطنْ! وبي ذكرياتٌ تُثيرُ الشَّجَنْ فيا ربِّ، لطفاً بذاك الوليدْ ولطفاً بثَكلى تُناغي يتيما ورفقاً بشيخٍ يَمُجُّ الحَميما ورفقاً بجرحٍ يُذيبُ الوَريدْ ولطفاً بطفلٍ مُعنًّى شريدْ بِعينٍ تناستْ خيالَ الوسَنْ فقد لوَّعَتنا ضروبُ المِحَنْ