syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الواقع المر ...بقلم : فريد الياس نسب

كثيرة هي التساؤلات ..الفرضيات غدت أهم المحاور للوصول أو الابتعاد عن الحقيقة غدت التحليلات السياسية أهم معالم الرؤية اليومية أمام جماهير متعددة الأقطاب تلتقط الحروف على أمل الانفراج ..ربيع أم خريف .. شتاء أم صيف..مسطرة الزمن تبعثرت أرقامها فغدت حارقة لكل المكونات ..معالم الفصول تبدلت أوصافها وغابت معالم تميزها..


 أمام طيف السحاب ..العابر لسماء كانت ومازالت تأمل لمن يحيى تحت سقفها.. رؤية في التغيير والإصلاح.. أملا للجميع في حياة أفضل من خلال خرق عقلاني علمي.. لبنية سياسية تمكن من نخرها الفساد ..حراك شعبي التمس طريق البداية له عبر شفافية سياسية ..حمل رايتها من تناست ابواب النظام أن من حقهم دخول الحياة ..عبر بوابة تم إغلاقها بأقفال مفاتيحها بيد الفاسد والفساد .. العشب الأخضر غير قابل للاشتعال ..

 

الهشيم السوري يابس شديد الجفاف لابتعاده عن منابع الحياة..فكانت الشرارة رغم صغر حجمها قادرة على تفجير البركان.. كانت الانتفاضة الشعبية بحراكها السلمي المميز.. في بداية الحدث تمثل إعادة بناء الدولة والإنسان والوطن بشكل جديد ..بعيدة عن أوجه الفساد ..الذي حول أكثرية شعبية لعبيد أنجبها نظام امني يتحكم الفاسدون بأغلب مفاصله ..كان الحراك بداية أخلاق تمنحنا إياها القدرة الثورية ..من خلال إعادة الثقة ببناء الوطن عبر التآخي والصدق والمحبة والوحدة الوطنية.. والتماسك بين مكونات المجتمع السوري الواحد ..

 

كم وكم كان جميلا لو تم التحرك مع الحراك ..وقطع الطريق أمام مخطط أرادوا له المرور عبر هذا الحراك ..مخطط كبير شيطاني التفاصيل ..تمكن ببساطة من تحويل مجرى الأحداث من سلمي لدموي.. لقتل الحراك الشعبي وتحويل صرخة الحرية لمسلخ يذبح فيه البشر كما النعاج ..الفواصل بين هذا وذاك أدركها النظام ..عمل على تجاوز الحدث بإصلاحات طالما جاءت متأخرة عن زمن النداء ..غدا المستور والمخطط له منذ زمن عنوان الأزمة ..واختلطت الأسماء من دول تعمل على التمويل والتطويع وأخرى تقدم السلاح ..

 

غدا الهدف من الحراك تدمير وطن وتنفيذ مخطط كبير.. رسمته أقبية المخابرات الغربية.. باتقان شديد تحت إشراف عملياتي أمريكي ..وتغطية مالية عربية خليجية ..الرياح عند تحركها لاتعرف الهدوء.. تسعى دائما للتحول من خلال قوتها ..كي تصبح عاصفة قوية تتحكم بالأقدار ..رياح أصولية وهابية المنشأ ..تعمل على الانتشار لأنظمة أميرية ملكية ..لاتعرف من الحرية والديمقراطية إلا القتل والتدمير.. لكل ماهو حي على ارض العلمانية وبناء الإنسان ..

 

تلاشت قوة الرياح فظهرت صورة الدمار ..الحراك الشعبي أدرك بذكاء وخبرة الثائر.. أن مايجري على الساحة ليس من صنع يديه.. ولا يحقق له مبتغاه.. فقرر الابتعاد والمحافظة على بناء الوطن ..بعيدا عن التدمير والخراب.. تتسارع الأحداث بعنف يومي عنوانه القتل والأجرام..إرهاب منظم قادم إلينا عبر منافذ حدودية للأشقاء والأصدقاء..من تنظيم القاعدة في دول خبراء الإرهاب قدموا إلينا ..تم شراءهم باليورو والدولار..وهمهم التدمير تحت يافطة إسقاط النظام ..إن أغلب الناس لدينا لاتمتلك الوعي بالقطيعة بين الماضي والحاضر ..حيث تتجسد المشكلة الكبرى في أن أغلب النخب الفكرية والسياسية والتربوية بعيدة عن إدراك الحقيقة ..تعمل من خلال إدراكها الخاص عاملة على دمج الزمن.. وعدم الابتعاد عن ماض يشكل عبئا ثقيلا علينا ..

 

غدى الجميع اليوم وكأنهم دمى تتحرك في القرن الواحد والعشرين..ولكن بعقول ومشاعر تعيش زمن العصور الوسطى ..كل يوم تطالعنا شاشة إعلامية بإعلانها عن تقديم هذه النخب ..تحت عناوين براقة من باحث استراتيجي إلى محلل سياسي.. لتحليل الواقع على أمل الاستفادة من قدرة تتميز بها ..لكننا مع الأسف الشديد سرعان ماندرك.. أننا نقف أمام نخب كرتونية مغرمة بمظهرها..على شاشة اعتادت تلميع صورة لها ولمن أرسلها ..لتقنعنا بما لم تتمكن من خلال تقديمها بإقناعنا به.. مبرهنة عن ضعف ثقافة مميزة لها ..بعيدة عن الإدراك الحقيقي للحقيقة ..معتمدة الأكاذيب وإنشاء الكلام الفاقد المعنى .. ضمن مناورات كلامية فارغة المضمون ..

 

لقد تعلموا الحديث الخطابي في فضاء الفراغ والسكون.. لا عالم الحركة والتبدلات ..فجاءت الرؤيا ضبابية مشلولة لاحركة بها ..وللأنصاف قد تجبر تلك المحطات ..تحت ضغط المخلصين للحقيقة والكلمة الصادقة ..أن تستضيف بين الحين والآخر.. من لهم القدرة على إقناعنا بما يتحدثون .. فعلى الرغم من أنه مقابل العين الرسمية المفتوحة منزوعة الأجفان والرموش ..والمسلطة على الصفحات والأسطر والأفكار ..هناك العين الرسمية الأخرى ..التي لاتتوقف عن ذرف الدموع بوقاحة فجة على المنابر.. رثاء لحال وصل الوطن إليه من خلال سلوك أمثالهم.. حيث كان لفسادهم اليد الكبرى..في خلق حالة من الغضب الشعبي لسلوكهم وفسادهم ..

 

وهكذا وعبر استعراض للنتائج.. تكاد تبدو جريمة اغتيال الوطن ..وكأنها وقعت بهذا التخطيط الدقيق.. وبهذا التصنيع المتقن.. طلباً للنتائج التي نعيش في ظلها مأساتنا المفتوحة.. عنوانها إفقادنا وطنا ..طالما كان امن المواطن وأمانه عنوان حضاري لديه ..وطنا طالما كان الحضن الدافئ لجميع عناصر المقاومة .. والمحافظة على قوة تمكنها من الوقوف في وجه من يريد تدمير أوطانها ..إن المؤامرة التي يتعرض لها وطننا كبيرة جدا مفتوحة الجوانب ..أبواب النجاة من العاصفة التي تجتاح مجتمعنا.. تحتاج منا وقفة قوية في وجه المد الأصولي ..والتعاون مع الأصدقاء في روسيا والصين وإيران ودول البر يكس بصدق المواقف والنوايا .. كي نثبت للعالم أننا شعب يستحق الحياة .. ويرفض الذل أيا كان مصدره ..نريد الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة بين الجميع ..لكل منا مكانه على ارض الوطن.. وفقا لكفاءة حقيقية يتمتع بها ..لاتمر عبر معابر الفساد ..الذي يجب على الجميع اقتلاعها وأصحابها معا ..كي نحقق الحلم في بناء وطن الكرامة والإنسان ..

 

تشكيلة حكومية تليها تشكيلات إدارية متتالية.. فيها من الشراكة لجميع أبناء الوطن ..بكل أطيافه السياسية والعلمية والاجتماعية ..كفيلة بتحقيق توازن أخلاقي ..طالما كان محور التفكير لعناصر الحراك ..المسلحين وعناصر الأجرام وأسيادهم.. لامكان لهم على ارض وطنا قويا بشعب يحكم نفسه.. ويقود وطنه..ومؤمن بحقه في الحياة الكريمة أمل كل انسان.. لقد اكتشف الجميع أن النار المشتعلة ستودي بالكثير قبل أن يتم إخمادها ..يقول الكاتب حسن م يوسف (صحيح أن النار قد اكتشفت منذ زمن بعيد ..لكن كل من يكتوي بالنار يعيد اكتشافها بطريقة فريدة عبر الألم..فالمعرفة النظرية بالنار تبقى باردة الى أن تكرسها اللسعة الصاعقة ورائحة اللحم المحترق).
 

2013-02-02
التعليقات