في صفوف المدارس الابتدائيه علمونا عن حزمة العصي التي لا تتكسر وان تفرقت تكسرت احاداً
كما تعلمنا الثيران الثلاثه عندما صرخ الثور الاسود اكلت يوم اكل الثور الابيض وجميعها تحض على الوحده وعدم التفريط بالشقيق وشريك المواطنه وابن اللغه والجغرافيا والتاريخ المشترك كما كانت رائعة عبدالرحيم محمود التي من ضمنها
(ساحمل روحي على راحتي والقي بها في مهاوي الردى فاما حياة تسر الصديق واما ممات يغيظ العدا )
ومع العلم ان جميع الناطقين بلغة الضاد وابناءها المبجلين يفهمون لغة بعضهم لانها نفس الحروف ولكن التطبيق العملي في الحياة معكوسا بالكامل و ابو سليم المدرس والمدير والفراش في ضيعة صغيره معزوله عدد سكانها عشرات العائلات شعر بالملل من هذا الامر واحب التغيير وكان يدرس الصفوف الابتدائيه الى الصف الثالث الابتدائي ويعلمهم الحروف فقرر بينه وبين نفسه ان يغير الاسلوب في التعليم لكي يكون مناسبا للواقع العملي فاصبح يعلم كل صف احرف لغة الضاد بشكل مختلف عن الاخر وعلى سبيل المثال (امل )(الم )(مال ) حيث ان الحروف مختلفه من صف دراسي لاخر ومعانيها مختلفه
فصار البعض عندما يقول (الم) يعني (امل)وغيره يفهمها (مال ) وعلى هذا المنوال لم يعد بامكان أي من طلبة الصفوف الابتدائيه التي يدرسها ابوسليم قادرا على التفاهم مع ابناء الصفوف الاخرى وحتى الاشقاء الذين يدرسون في صفوف مختلفه ومراحل مختلفه تلخبطت معاييرهم ووصل الامر الى مدير التربيه في المنطقه عن طريق المختار وعندما ذهب ابوسليم للمقابله كانت اجابته لمدير التربيه لقد علمونا نفس الاحرف ونفس المعاني منذ قرون ولكننا لازلنا عاجزين عن التفاهم ولا يوجد بيننا اختلاف لانه ظاهره صحيه وديمقراطيه بل نحن في خلاف دائم وهو مؤشر مرض خطير ضحيته الامة باكملها ولهذا يمكن ان يكون انعدام التفاهم لغويا يساعد على تجذير الانتماء للوطن لاننا وان تفاهمنا لغويا لن نتمكن من الاتفاق على أي شيء والشيء الوحيد الذي اتفقنا عليه هو ان لا نتفق على أي شيء يخدم المصلحة العامه لللامة والوطن والتفاهم مع الاغراب اقليميا وعالميا بمنتهي السهوله
ولكن فيما بيننا اوجدنا نماذج جيده من الاحمر
الاندلسي الى البسوس والزير سالم وداحس والغبراء وعنترة العبسي ومع تطور ادوات
القتل زاد تسارع انزلاقنا الى الهاوية الجهنميه وناول ابو سليم مدير التربيه
استقالته طالبا استبداله لانه وصل الى درجة الاحباط القصوى من الدجل وما يتعلمه
الصغار من مثاليات يصطدموا بعكسها في التطبيق العملي على ارض الواقع الذي قلب حزمة
العصي وقصة الثيران الثلاثه وقصيدة عبدالرحيم محمود وهنا وضع مدير التربية رأسه بين
كفيه ونظر امامه وهو محني الرأس وتناول ورقة كتب عليها استقالته الى وزير التربيه
ليضمها الى استقالة ابوسليم فالفشل واضح ونضحك على اجيالنا وعلى انفسنا والثمن الذي
تدفعه الشعوب هو نتاج خلل متجذر على مدار قرون وليس عقود فقط ولا يغير الله ما بقوم
حتى يغيروا ما بانفسهم