syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
مقدمة مؤلف الديمقراطية...مقارنة بين الفكر والممارسة ... بقلم : محمد عبد الغني شبيب

الديمقراطية بين الفكر والممارسة :
يعود أصلها- ديمقراطية - من الكلمتين اليونانيتين حكم الأغلبية, وهذا المعنى خاص بالبشر وهو تقليد حضاري يمكن الأغلبية البرلمانية بعد انتخابات عامة من قيادة الدولة لفترة محددة وبالتالي تقوم الأقلية - المعارضة - بدور المراقب لعمل الأغلبية - الحكومة- كما يمكن تشكيل الحكومة من تحالف قوى في حال لم يتمكن طرف من حصد الأغلبية, وبهذا الأرجح أن تكون الحكومة ضعيفة في تنفيذ أجندتها لأن قراراتها تكون بحاجة إلى توافق الإتلاف .


والديمقراطية ليست دائما دليل صحة الحياة السياسية للدولة, كما في الديمقراطية الطائفية, أو الغالبية القبلية, في الأولى تكون الديمقراطية في المحاصصة - أي لكل طائفة أو حزب أو أثنية حصة في مقاعد البرلمان - وهي لا تمثل النسبة الحقيقية للناخبين, بل ما اتفق عليه بين الفرقاء ( كما في لبنان ) والثانية الغالبية القبلية أو الولاية مقابل الكفاية كما في دول الخليج العربي , أي تكون الطاعة لولي الأمر مقابل أن يكفيهم معيشتهم وهذه لا علاقة لها بالديمقراطية من قريب أو بعيد, أيضا الغالبية القبلية أي انتخاب زعيم القبيلة أو العشيرة من قبل أفراد قبيلته بغض النظر على قدرته القيام بمهمة تمثيلهم في البرلمان .


لذلك العملية الديمقراطية هي ليست ممارسة وحسب, إنما يجب أن تكون في البداية فكر ديمقراطي يحمله المواطن في مجتمع نشئ في بيئة ديمقراطية بداية من الحلقة الأولى في المجتمع وهي الأسرة وصولا لأعلى مراتب الدولة وما يقع بينهما من مفاصل الحياة ومرافق الدولة ومسؤوليها, إن الرقي الفكري والاجتماعي والثقافي والمدني لأي شعب يمكنه من الاختيار الصحيح والموضوعي لممثله في البرلمان, لشعوره بالمواطنة التي تكسبه حقوق المواطنة في دولته, كما توجب عليه واجبات اتجاهها والمجتمع, فرضها العقد الاجتماعي الذي استفتي فيه الشعب .


بقيام العملية الديمقراطية بشفافية يتقبل الخاسر خسارته التي أفرزتها صناديق الاقتراع, وأيضا يتحمل الفائز عبء المسؤولية التي تصدى لها طائعاً, بحيث يدرك أن معنى كلمة مسؤولية هو واجب العمل على خدمة المجتمع وليس امتياز أو منحة شخصية , أيضا لعلمه أنه في مراحل

لاحقة يمكن أن يكون هو في الجهة الأخرى ( المعارضة ) أو خارج اللعبة في حال كان أدائه في السلطة ليس على مستوى المأمول منه من قبل المواطن الذي انتخبه .
بالتأكيد مجتمع ينقاد بالديمقراطية الحقه هو مجتمع صحي, وهو على النقيض من مجتمع ينقاد بالديكتاتورية, أو القوة, أو الرأي الواحد, ولا تحترم فيه المواطنة وحقوق الإنسان .
عندما سـأل الرئيس الأمريكي - إبراهام لينكولن - عن الديمقراطية الحقة, فأوجزها لينكولن ببضع كلمات _"هي القادرة على الدخول لكل بيت_"
وقال بسمارك مؤسس ألمانيا الصناعية عن الديمقراطية _" هي عندما يكون هناك عشرة حمير وتسعة بسمارك فالحكم للحمير _"
هنا يتبين لنا أن لينكولن أعطى تعريف للديمقراطية كفكر , وبسمارك عرفها كممارسة .


إن الرؤية الغربية للديمقراطية لا تنصف الديمقراطية لأنها يجب أن تجمع بين الفكر والممارسة لتكتمل وتصبح ناضجة للممارسة على أرض الواقع وبشكلها الصحيح, والديمقراطية ليست سلعة اختص بها الغرب و تستهلكها الدول, أو يسوقها الغرب للبلاد الأخرى كبضاعة جاهزة, بل هي مجموعة ممارسات تراعي حضارة وهوية الدولة, وتجد طريقها إلى التعاملات اليومية بين أفراد المجتمع وفي مؤسساته الوطنية, كما أن الديمقراطية بحاجة إلى أرضية وبيئة مناسبتين, ولشفافية واتساع هامش الحرية والتعبير, أيضا الديمقراطية تحتاج لتعلم ثقافة الحوار وقبول الرأي والرأي الآخر.


لذلك ينبغي أن يبشر بالديمقراطية في أي دولة النخب الشريفة التي تشتغل بالشأن العام , ويكون همها الوحيد الارتقاء بالفكر الديمقراطي ليصبح كعقيدة قابلة للممارسة الفعلية عمليا بعد أن تترسخ فكريا وتعمم كنهج سياسي بعيدا عن المعتقدات والأجندات والتوجهات, لأنها ستقنن وتنظم التيارات الفكرية والعقائدية وما شابهها في عملية سياسية شاملة .

2013-03-08
التعليقات