تعرف العلمانية بأنها:"مفهوم سياسي يقتضي الفصل بين المجتمع المدني والمجتمع السياسي، الدولة لا تمارس أية سلطة دينية والهيئات الدينية لا تمارس أية سلطة سياسية" وللتوضيح أكثر أقول توجد ثلاثة أنواع من الدول: الدولة الدينية، الدولة العلمانية، والدولة الإنتقالية. والدولة الدينية هي التي وجدت في العصور الوسطى، ولم تبق منها على أرض المسيحية إلا دولة الفاتيكان، وعلى أرض الإسلام الا السعودية و إيران والسودان ودولة طالبان التي سقطت سنة 2002.
الدولة العلمانية هي الدولة السائدة اليوم في
العالم المتمدن؛ والدولة الإنتقالية من الدولة الدينية إلى الدولة العلمانية وهي
السائدة في الفضاء العربي الإسلامي. وفي ذلك أرى بأن العلمانية ضرورية على مستوى
الوطن وعلى مستوى العالم للعيش معا بين جميع مكونات المجتمع. معظم المجتمعات في
العالم تتشكل من طيف عريض من الديانات والطوائف والمذاهب الدينية المتعارضة
وأحياناً المتحاربة.
إذا اعتمدت الدولة ديناً أو طائفة أو مذهباً واحداً لإحدى فئات مواطنيها، فإن باقي
مواطنيها المستبعدين سيشعرون بالإحباط لأنهم لا يستطيعون التعرف على أنفسهم، وعلى
هويتهم في دين الدولة أو طائفتها أو مذهبها وسيبقون خارج المواطنة الكاملة...
المخرج من هذا المأزق، الحامل للحروب الدينية، هو علمانية الدولة. في الدولة
العلمانية رابطة المواطنة لا تقوم على الدين أو الطائفة أو المذهب، بل تقوم على
العقد الإجتماعي، أي العقل البشري، أي مصلحة المواطنين المفهومة فهما صحيحا. وهكذا
فالدولة العلمانية تستمد شرعيتها من العقد الاجتماعي، لا من الدين، لتنظيم حياة
المجتمع وتحقيق السلام الداخلي بين دياناته وثقافاته. بدوره المجتمع العالمي مكون
من طيف لا حصر له من الديانات والطوائف والمذاهب. لا يوجد دين واحد يمكن أن يحظي
يتراضي غالبية سكان المعمورة، فعلي أي أساس يقوم تنظيم المجموعة الدولية، وربما ذات
يوم تحويل مجلس الأمن الموسع إلى حكومة عالمية؟
على العقل البشري، أي المصلحة المشتركة في العيش
معاً بين البشر على اختلاف أديانهم ومشاربهم والتي تضمن الحد الأدني من مصالح
غالبية سكان المعمورة. العقل، أي المصلحة المشتركة هو الذي يمكن أن يؤسس الحياة
العامة في المجتمع القومي والمجتمع العالمي معاً. أما أنماط السلوك والمعتقدات
والأراء فهذه من اختصاص منطق الروح الحدسي لا منطق العقل التحليلي. الدولة
العلمانية تتدخل عندما ينتهك الأفراد أو الجماعات، باسم معتقداتهم، القانون الوضعي.
لن تسمح بختان البنات باسم التقاليد الفرعونية ولا برجم الزاني والزانية وغيره من
العقوبات الهمجية باسم الشريعة.
فضلاً عن أن الأحكام والعقوبات الشرعية تقادمت وغدت متصادمة مع روح الشرائع الحديثة
المتعارضة مع العقوبات البدنية كالجلد وقطع اليد والرجم وقتل المرتد... فلا مفر إذن
من الالتجاء إلى القانون الوضعي لتفادي هذه المخاطر. وإذا اختارت الحكومة تعليماً
إسلامياً، تقليديا وجهاديا، فإن ذلك سيستفز المواطنين غير المسلمين والمسلمين
العلمانيين والمتنورين، فضلاً عن أن العلوم الإسلامية، "العلوم الشرعية"، تقادمت
إلى درجة أن دراستها كبديل عن مواد التعليم الحديث سيكون ضرباً من المازوخية، من
الإلتذاذ بعقاب الذات بإبقائها في الحضيض. لا يمكن لأمة حديثة أن لا تكون لها قيم
أخلاقية تحتكم إليها في تنظيم العلاقات بين مواطنيها.
إذا كانت المنظومة القيمية هي قيم "الحلال والحرام،
والمندوب المستحب"، فإن هذه القيم لن يقبلها إلا الوعي الجمعي لقطاع من المسلمين،
أما باقي قطاعات المواطنين فستنفر منها لأنها تتنافي مع أخلاقها الدينية الخاصة بها
أو قيمها الإنسانية العلمانية. هنا أيضاً لا مفر من تبني المنظومة القيمية العالمية
التي يقبل بها الجميع. وهذه لا يمكن أن تكون إلا منظومة أخلاقية علمانية مثل حقوق
الإنسان التي هي اليوم، بما يشبه الإجماع العالمي، الأخلاق الكونية للبشرية
المعاصرة، وهكذا فالشريعة الإسلامية، والتعليم الإسلامي، خاصة التقليدي والجهادي،
والأخلاق الدينية غدت مصدراً لتفتيت وحدة الأمة بالتوترات والحروب الدينية.
العلمانية هي مفتاح الحداثة السياسية. لأنها المبدأ الذي يفصل بين المؤمن والمواطن.
إيمان المؤمن لنفسه، مقتصر على ضميره الفردي. لا علاقة له بحقوقه وواجباته كمواطن،
المؤمن يمارس إيمانه الفردي في جامع أو كنيسه أو كنيس. فيما المواطن يمارس مواطنته،
حقوقاً وواجبات، في حدود الوطن كله. لأن المواطنة حق مشاع لجميع المواطنين دون
استثناء. السؤال هو كيف نصل إلى الفصل الضروري بين المؤمن والمواطن، أي كيف نحقق
المواطنة الحديثة التي لا تعرف ولا تعترف إلا بالإنتماء إلى الوطن؟ وكيف تحكم
الدولة في الفضاء العربي الإسلامي مواطنيها بقوانين وضعية بالمعايير الدولية؟
بوسائل عدة في طليعتها تحديث التعليم وإصلاح الإسلام عبر إصلاح التعليم الديني، وقد
أشرت إلى ذلك قبل قليل.
وثانياً بالعمل دون كلل أو ملل على إمتلاك فضائية علمانية لمنافسة "الجزيرة" الإسلامية الجهادية. الأثرياء العرب العلمانيون على قلتهم يستطيعون بإحسانهم إلى الفكر الحديث أن يتبرعوا لإنشاء هذه الفضائية. الأدمغة العربية المهاجرة قادرة أيضاً على تكوين جمعية إعلامية وجمع رأسمال كاف لتمويل مثل هذه الفضائية، الضرورية والممكنة. في انتظار ذلك، لابد من الاستخدام المكثف لجميع المنابرالإعلامية و لمواقع الانترنت.
القوانين الجزائية هي ما يطبق على فئة المجرمين في المجتمع السوري وهي ليست اسلامية. وبالتالي فالمجرمون يتمتعون بالقوانين المدنية. اما الفئة العظمى من المجتمع فتعيش على اساس القانون المدني والذي هو ديني بأمتياز ويسبب المعاناة للجميع. ووضع قانون مدني يساوي بين الجميع مرفوض دينيا فكيف يمكن اقناع رجل دين بأن زواج المسيحي من المسلمة شئ عادي كون الاثنين بشر.. ان الدين هو العنصرية مقنعة بحماية الاله الذي يشوه الانسانية ويجب الغاءه من الحياة العامة وليس فقط من الدستور
هناك من العقول لو تمكن الطب من زراعتها مثل القلب لوجد الكثير من الادمغه بختم الشركه لانها مجمده بدون تفريز وتنمو حجما ما بين الولادة والموت وتنقسم الخلايا ولكنها لاتعمل بارادة اصحابها لان هناك من يعوضها ولا مكان لها لاداء وظيفتها البطن وتحت البطن و داخل النفس احقاد او محبه تلقائيه عكس المصالح الحقيقيه ولاغراض انانيه صرفه واذا كانت اي بضاعه تعرض في الاسواق تكسد ان لم تلاقي مشترين لاستهلاكها فان بضاعة يصنعها وينتجها رموز الخبث والحقد لاغراض الفتن بحاجه لزبائن هما اهل الغباء والجهل ونفوس حاقده وعمي
من المؤكد أن العلمانية هي الخيار الأنسب لبناء الدولة و الوطن , ولكن هل تتحقق العلمانية في بيئة الجهالة ,وهل تتحقق العلمانية بدون قيادات تمتلك المصداقية و الجدارة ؟ أليس العديد من أنظمتنا القمعية علمانية وقد انحرف الحكام بالمساروروج لهم الانتهازيون والتزم المواطنون السكوت ؟,إنها معركتنا القادمة بعد كل هذه الانحرافات و التشوهات المدمنةلتحقيق دولة علمانية يسودها القانون وأساسها المواطنة و نسغها المعرفة .