syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الديمقراطية... مقارنة بين الفكر والممارسة 4 ... بقلم : محمد عبد الغني شبيب

عناصر الديمقراطية

 يعد توفر عناصر الديمقراطية من المتطلبات الواجب توفرها لكي يمكننا أن نعتبر أن العملية ديمقراطية , وهي ما تعبر عن صحة الممارسة الديمقراطية والقبول بنتائجها .


أولا – الشعب : أي مجموعة من الناس البالغين (المواطنين) المشاركين في نظام الحكم كناخبين ومنتخبين .

ثانيا – الأرض : أي الأرض التي يسكنها الشعب وتقوم عليها الديمقراطية (موطنه) فلا تعتبر العملية ديمقراطية إذا كانت الأرض مستعمرة والشعب تحت نير الاحتلال, لعدم تزامن الأرض والشعب .

ثالثا – البرلمان : أي وجود البرلمان وإمكانية إجراء العملية الديمقراطية والإجراءات ( استفتاء/انتخاب )

 رابعا – الاعتراف بنتائجه : أي اعتراف الشعب والحكومة والمحاكم والخصوم بنتائجه, ليكتسب الشرعية السياسية .

خامسا - السيادة : أي أن تكون الدولة ذات قرار سياسي مستقل , وتتمتع بالسيادة بحيث لا يمكن لقوة خارجية أن تلغي نتائج الانتخابات .

سادسا – حقيقيا : أي يمكن أن يؤدي لتغيير الحكومة أو الفئة الحاكمة , لا أن يكون شكليا ومعدا بسيناريو النظام الحاكم لكي يمدد حكمه بصورة تبدو ديمقراطية .

 

مقومات الديمقراطيةالمواطنة :

 

" المواطنة ليست جواز سفر بل هي انتماء ومشاركة ".

مفهوم المواطنة :المواطنة نسبة إلى الوطن ، ويتسع معنى المواطنة ليشمل الهوية الحضارية من دين وانتماء ولغة

فالمواطنة حقوق وواجبات المواطن مسطرة بالدستور يصونها القضاء ويحميها القانون, وهي أداة لبناء مواطن قادر على العيش بسلام وتسامح مع غيره على أساس المساواة وتكافؤ الفرص والعدل، لتنمية المجتمع وضمان العيش المشترك .

 

يقول د . جعفر إدريس : لمفهوم المواطنة أبعاد متعددة تتكامل و تترابط في تناسق تام :

* بعد قانوني يتطلب تنظيم العلاقة بين الحكام والمحكومين استنادا إلى العقد اجتماعي يوازن بين مصالح الفرد والمجتمع.

* بعد اقتصادي اجتماعي يستهدف إشباع الحاجيات المادية الأساسية للبشر ويحرص على توفير الحد الأدنى اللازم منها ليحفظ كرامتهم وإنسانيتهم.

* بعد ثقافي حضاري يعنى بالجوانب الروحية والنفسية والمعنوية للأفراد والجماعات على أساس احترام خصوصية الهوية الثقافية والحضارية ويرفض محاولات الاستيعاب والتهميش والتنميط.

 

و أهم تجليات المواطنة في أربعة :

*الانتماء: أي شعور الإنسان بالانتماء إلى مجموعة بشرية ما وفي مكان ما (الوطن) على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي، مما يجعل الإنسان يتمثل ويتبنى ويندمج مع خصوصيات وقيم هده المجموعة.

*الحقوق: التمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة كالحق في الأمن والسلامة والصحة والتعليم والعمل والخدمات الأساسية العمومية وحرية التنقل والتعبير والمشاركة السياسية ...

*الواجبات: كاحترام النظام العام والحفاظ على الممتلكات العمومية والدفاع عن الوطن والتكافل والوحدة مع المواطنين والمساهمة في بناء و ازدهار الوطن.

*المشاركة: المشاركة في اتخاذ القرارات السياسية (الانتخاب والترشيح) وتدبير المؤسسات العمومية والمشاركة في كل ما يهم تدبير ومصير الوطن."السن القانونية ليست شرطا لممارسة المواطنة , بل هي تربية منذ الصغر ليصبح هذا التراكم مكتسب معرفي يقارب الفطرة ".

 

 المواطنة والهوية


القول أن المواطنة انتساب جغرافي، والهوية انتساب ثقافي. أي المواطنة انتساب إلى أرض معينة، والهوية انتساب إلى معتقدات وقيم ومعايير معينة, أصبح صوابا مع حدود مصطنعة في عالمنا العربي قسمته لدول تحمل كل منها مفهوما خاصا للمواطنة , بعض الدول سطرته بدستور وفي بعضها الآخر أصبح كعرف, أما في المجتمعات الهجينة كأمريكا متعددة القوميات والأديان انصهر المواطن في البوتقة الأمريكية وأصبح المصطلح يطلق على جميع المواطنين في الولايات المتحدة الأمريكية , وكذلك الحال في الاتحاد الأوروبي .

 

نذكر فيما يلي أمثلة للعلاقات بينهما، وللمشكلات التي تثيرها هذه العلاقات، فنقول:

 

- الهوية لازمة للمواطنة؛ لأن المواطنين لا بد لهم من نظام سياسي، وعلاقات اقتصادية واجتماعية، وقوانين تضبط هذه العلاقات. وكل هذا إنما يبنى على معتقدات وقيم ومعايير؛ أي على هوية معينة.

هذه قضايا لا يحلها الناس بمجرد انتمائهم الوطني؛ لأنه ليس في هذا الانتماء ما يهديهم إلى خيار من هذه الخيارات، أو يفرضه عليهم.

لا بد للمواطنين إذن من هوية، من ثقافة تكون هي المنظار الذي ينظرون به إلى الواقع، والمعيار الذي يقترحون به الحلول لمشكلاته.

ولكن ماذا إذا كان المواطنون في البلد الواحد منقسمين إلى ثقافات، وهويات مختلفة؟

 

من ناحية أخرى ماذا إذا كان المواطنون تجمعهم ثقافة وهوية واحدة في عدة بلدان – البلاد العربية , فهنالك عدة احتمالات:

- أحسنها من حيث الاستقرار وعدم التنازع: هو أن تكون إحدى هوياتهم هذه هي الغالبة

– اللغة أو الدين - من حيث عدد المنتسبين إليها, قيّدتُ الحسن بالاستقرار السياسي، وعدم التنازع ولا نقول التطور العلمي، أو الاقتصادي، أو العسكري؛ لأن الهوية التي استقر أمرهم عليها قد لا تكون بطبيعتها مساعدة على ذلك.-

وإذا لم تكن هنالك هوية غالبة بهذا المعنى فقد يكون المنتمون إلى إحدى الهويات أقوى من غيرهم؛ فيفرضون على البلد هويتهم، وينظمون أمره على أساسها. هذا سيكون بالطبع على حساب بعض الحريات، لكن هذه الأدلجة المفروضة بالقوة قد تكون مساعدة على تطور البلاد اقتصادياً وعلمياً وعسكرياً، كما كان الحال في الاتحاد السوفييتي، وكما هو الآن في الصين، وكوريا الشمالية.

 

- وإذا لم يحدث هذا ولا ذاك، وكانت الهويات والثقافات المتعددة متساوية في قوتها فأمام مواطنيها خيارات:

 

- فإما أن يحلُّوا نزاعهم بتقسيم وطنهم، كما حدث للهند حين خرجت منها باكستان، ثم خرجت بنجلادش من باكستان، وكما خرجت أريتيريا من أثيوبيا، وكما انقسمت تشيكوسلوفاكيا.

- وإما أن يبحثوا عن صيغة يتعايشون بها رغم اختلافاتهم؛ فماذا يا ترى يمكن أن تكون هذه الصيغة؟

 

يرى بعضهم أن أحسن طريقة لتعايش مثل هذه الهويات المختلفة: هو أن تختار نظاماً علمانياً محايداً بينها، وديمقراطياً يعطى كل واحد منها حق الوصول إلى السلطة، إذا ما اختارته الأغلبية.

 

على افتراض أن الهوية شأن داخلي في وطن من الأوطان، لكن الواقع ليس كذلك. فالعلاقة بين الوطن والهوية لا تكاد تكون علاقة مطابقة. وهذا يسبب مشكلات كثيرة منها:

 

- أنه كما أن تعدد الهويات في الوطن الواحد قد يؤدي إلى تمزيقه؛ فإن اتحاد الهويات في أوطان متعددة قد يؤدي إلى توسيع للحدود الوطنية، بضمّ بعض الأقطار إلى بعض، أو بالتعاون الوثيق بينها الذي يجعلها كالوطن الواحد، كما هو الحال الآن في الاتحاد الأوروبي,وكما كان الوطن العربي قبل سايكس بيكو .

 

- لكن هذا التوحيد أو التمزيق لا يحدث في الغالب إلا بطريقة عنيفة. وفي هذا يقول المؤرخ الإنجليزي (لويس ناميير): «إن الدول لا تتوحد أو تُحطم، والحدود لا تُمحى أو يعاد رسمها بالحجج وصوت الأغلبية. إن الأمم تحرر وتتوحد أو تمزق بالحديد والدم، لا بالتطبيق الكريم لمبدأ الحرية».

2013-04-06
التعليقات