دَمُنَا تَخَضَّبِ مِنْ دِمَاءِ "
الْفَوْرَةِ "
وَغَفَتْ عَلَى صَوْتِ الرَّصَاصِ أَرِيْكَتِي
وَغَدَا غُرَابُ الْبَيْنِ يَنْعَبُ شَامِت
حِيْنَ اسْتَبَاحَ الشَّوْكُ وَرْدَ حَدِيْقَتِي
وَتَشَابَهَتْ كُلُّ الْوُجُوْهِ تَجَهُّم
مَا عُدْتُ أَعْرِفُ خَيْمَتِي مِنْ خَيْمَتِي
وَغَدَوْتُ أَجْتَرِعُ الْمَرَارَةَ مُرْغَم
وَعَكَفْتُ زُهْداً فِي خِبَاءِ الْجَدَّةِ
مَا رَاعَنِي حَرْبُ الْكَلامِ وَمَا سَبَتْ
مِنِّيْ سُيُوْفُ الْغَدْرِ قُوَّةَ هِمَّتِي
فَالْحَرفُ سَيْفِي والدُّروعُ دفاتري
" عَبَّاسُ " ذِيْ صِفَتِي كَذَلكَ كُنْيَتِي
فَلَكَمْ شَكَتْنِي الْحَرْبُ حَيْثُ قَهَرْتُهَ
فَالْحَرْبُ سَاحِي وَالضِّرَامُ مَطِيَّتِي
وَلَكَمْ رَبِيْعُ الْحَقْلِ قَبَّلَ جَبْهَتِي
وَالْبَاحِثُوْنَ لَكَمْ رَوَتْهُمْ حِكْمَتِي
لَكِنَّنِي أَلْقَيْتُ سَيْفِيْ مُكْرَهَ
وَرِمَاحُ فِكْرِيْ أُفْرِغَتْ مِنْ جَعْبَتِي
فَالْخَصْمُ أَهْلِي هَاهُنَا وَخُصُوْمُهُمْ
أَبْنَاءُ عَمِّي الأَقْرَبُوْنَ وَعَمَّتِي
بَعْضٌ تَأَمْرَكَ عَامِداً مُتَعَمِّد
وَالْبَعْضُ أُمْرِكَ بِابْتِلاعِ الْكِذْبَةِ
فَرَعَتْهُ تِيْجَانُ الْخَلِيجِ كَقَاتِلٍ
كَيْمَا تَنَالَ بِهِ ثَنَاءَ السَّادَةِ
قَدْ سَخَّرُوا لِخَرِيْفِنَا أَمْوَالَهُمْ
وَسِلاحُهُمْ يَغْتَالُ طُهْرَ الْوَرْدَةِ
وَاسْتَنْفَرُوا لِخِدَاعِنَا إعْلامَهُمْ
فَغَدَا يُحَلِّقُ فِي الْفَضَاءِ بِعَنْزَةِ
وَغَدَا " مُسَيْلَمَةٌ " يُوَزِّعُ إِفْكَهُ
مَا بَيْنَ " عِبْرَانِيَّةٍ " وَ " جَزِيْرَةِ "
وَاسْتَنْزَفُوا جَيْشَ الإبَاءِ بَغَدْرِهِمْ
وَالشَّعْبُ زّجُّوهُ بِأَبْشَعِ مِحْنَةِ
وَالآخَرُوْنَ تَمَسَّكُوا فِيْ مَطْلَبٍ
حَقٍّ تَحَقَّقَ دُوْنَ أَيِّ تَعَنُّتِ
وَلَدِيْ كَمَا الْبُوشَارُ يَرْقُصُ فِي دَمِي
وَبَكَتْ عَلَى بَابِ الْفُؤادِ بُنَيَّتِي
وَسَمِعْتُ أُمِّيْ دُوْنَ نُطْقٍ أَعْلَنَتْ
مَا عُدْتَ ابنيْ ، قَدْ كَرِهْتُ أُمُوْمَتِي
وَالصَّحْبُ والْجِيْرَانُ دَانُوا فِعْلَتِي
وَاسْتَنْكَرُوا صَمْتِيْ وَصَمْتَ قَصِيْدَتِي
وَكَذَا الشَّهِيْدُ أَبِيْ أَتَانِي قَائِلاً :
أَأَنَا الشَّهِيْدُ وَأَنْتَ تَعْقُرُ نَاقَتِي؟
انْهَضْ بُنَيَّ كَمَارِدٍ مُسْتَهْدِي
بِهُدى الرَّسُوْلِ وَصَحْبِهِ وَالْعِتْرَةِ
وَاحْمِلْ عَصا مُوسَى وَصِلْبَانَ الْمَسِيْ
ـحِ فَإِنَّهُمْ حِرْزٌ لأَيَّةِ عَثْرَةِ
انْهَضْ صَلاحُ الدِّيْنِ عَادَ بِجُنْدِهِ
والشَّامُ لَبَّتْ لِلنِّدَاءِ وَهَبَّتِ
انْهَضْ فَفِي الْوَطَنِ الْجَرِيْحِ دَمٌ
يَحْتَاجُ إِصْلاحاً بِأَيِّ وَسِيْلَةِ
ابْدَأْ حِوَاراً مَعْ شَقِيْقِكَ وَاسْتَشِرْ
أَهْلَ الدِّرَايَةِ فِي أُمُوْرِ السُّلْطَةِ
لا تَرْفَعِ السَّيْفَ الْخَؤونَ كَفَاسِقٍ
أَوْ قَاتِلٍ مُتَنَكِّرٍ بِضَحِيَّةِ
لا تَحْسَبَنْ بِالْقَتْلِ تُصْلِحُ فَاسِد
فَالْقَتْلُ لِلإصْلاحِ عُهْرُ الثَّوْرَةِ
وَفِّرْ سِلاحَكَ لِلْجِهَادِ بِغَزَّةٍ
وَالْقُدْسِ والْجَوْلانِ تِلْكَ وَصِيَّتِي
فَنَفَخْتُ فِي رُوْحِي لَعَلِّيْ أَهْتَدِي
عَبْرَ الرَّصَاصِ إلى مَسَارِ عُرُوْبَتِي
وَخَرَجْتُ كَالأَمْوَاتِ حِيْنَ نُشُوْرِهِمْ
وَضَرَبْتُ ضَرْبَةَ نَاهِضٍ لا مَيِّتِ
وَتَقّلَّدَ الْقَلَمُ الجَرِيْحُ مَوَاجِعِيْ
فَغَدا يَكِرُّ عَلَى صَحِيْفَةِ مُهْجَتِي
كَتَبَ : الْعُرُوْبَةُ قَلعَةٌ لَنْ تَنْحَنِي
وأُسُودُها فِيْ الشَّامِ فَخْرُ الأُمَّةِ
وَغَداً سَتَلْقَى زَحْفَنا مُتَوَثِّب
مِثْلَ الضَّيَاغِمِ فِي طِرَادِ فَرِيْسَةِ
سَتَدُكُّ تِيْجَانَ الْعَمَالَةِ خَيْلُن
وَرِمَاحُنَا تَقْتَاتُ رَأسَ الْحَيَّةِ
مِنْ خَلْفِنَا الأحْرَارُ شَدُّوا أَزْرَنَ
لِنُعِيْدَ للأقْصَى بَهَاءَ الْحِلَّةِ
رَبَّاهُ اشْهَدْ مَا قَتَلْنَا رَغْبَةً
لَكِنَّنَا ضِقْنَا بِغَدْرِ الأُخْوَةِ
وَطَنِي لأَنْتَ الْخَافِقَاتُ بِرُوْحِن
وَالْقَلْبُ أَنْتَ وَأَنْتَ نُوْرُ الْمُقْلَةِ
وَطَنِي لَئِنْ وَارَى تُرَابُكَ جُثَّتِي
لأُهَلِّلَنْ : رُوْحِيْ غَدَتْ فِي الْجَنَّةِ
الأستاذ المحترم منير العباس : تحية من القلب الذي سلبته شغفه كله ورميت به بين أضلع الحروف التي خطها قلمك الشريف . ونزف عبقا أصيلا دمشقيا. صور مدهشة ورائعة وتمكن واضح بالسيطرة على المفردات لتوظيفها في خدمة الموضوع الذي والله لوطال ألف بيت لما مللت من قرائته مرارا .