إن جمع الفن والدين في جملة أو حتى في مقالة واحدة يثير الإستغراب والتساؤل لدى الكثيرين من المهتمين بأحد هذين المجالين فهناك فرق كبير بينهما وبنظر البعض لا يوجد أي ترابط أو صلة تجمع بين عنوانين كبيرين ومختلفين وأيضاً مستقلين لكل منهما جوهره الخاص الذي يميزه عن غيره ..
ولكن الدين بكل طوائفه ومعتقداته ليس حكراً على شخص دون الآخر ولا على طائفة دون الأخرى ولا يحق لشخص أن يحلل ويحرم على هواه وينتظر من يدفع له ثمن فتوى قد تثير جدلاً ويكون لها سلبيات إجتماعية وتؤدي إلى إنحلالٍ فكريٍ وإنحطاطٍ أخلاقيٍ وهذا الموضوع أصبح موضة العصر لدى بعض ما يطلقون على أنفسهم شيوخاً أو دعاةً للإسلام , والفن ليس بعيداً عن كل هذا الإنحطاط الذي يحدث وإنعدام الأخلاق لدى من يعملون داخل هذا الوسط الذي من المفترض أن يكون رسالةً تحمل في طياتها أفكاراً تترجم على شكل موسيقى تصويرية أو أغنيةً
وقد تعددت المجالات التي يعبر من خلالها عن أفكاراً مرتبطة بواقعنا وفي أكثر من مجال وحتى السياسة لم تسلم من التحريض الفني ومحاولة التأثير على عقول الناس من خلال بعض شخصياتٍ كانت محبوبة في مسلسلاتٍ أو أفلامٍ وحتى أغنياتٍ يحب الناس مشاهدتها أو سماعها ويفرحون برؤية هذه الشخصيات الفنية التي أصبح دورها في الفتنة لا يقل عن دور بعض شيوخ الدين وهناك بعض الشخصيات الفنية من النساء فجأة تقررن التوبة عن الفن وعن كل المشاهد الشنيعة والمخلة للأداب التي قدمنها خلال مسيرتهن الفنية التي قد تكون طويلة أو قصيرة ولكنها جنت من الفن المال الذي يكفيها ويجعلها تفكر بالتوبة ولهذا تلبسن الحجاب لفترة ومن ثم تخلعنه وتعودن إلى حياتهن السابقة وكأن شيئاً لم يكن فأي توبة وأي دين يسمح لهن بهذا فإما التوبة ولبسهن للحجاب وإما الإستمرار بحياتهن الطبيعية دون التظاهر بإهتمامهن بالدين وما يفرضه عليهن وطبعاً لكل دين معتقداته وممارساته ..
وأما الشخصيات الفنية من الرجال فهناك من إعتزلوا الفن وأعلنوا توبتهم عنه وكأنه شراً أو من عمل الشيطان ولكن بعد فترة قليلة عادوا له ومنهم من أصبح ينام ويستيقظ في الجامع ويصرح تصريحاتٍ مسيئةٍ للفن ولكل من يعمل به وأصبح يريد إسقاط أنظمة حاكمة في وطننا العربي وأن يقود الثورات العربية ولكن من شروط قيامه بهذا هو أن تطول لحيته وذقنه على الأقل نصف متر وكل فترة يظهر على بعض القنوات التلفزيونية حتى يقول لنا إنظروا إن لحيتي تطول وذقني أصبح كثيفاً بالشكل الذي يسمح لي أن اكون داعيةً إسلامياً أو شيخاً للفتنة كغيري من الشيوخ التي تدعمني وتعمل على غسل عقلي وتغيير فكري , ومع أنه هناك العديد من الفنانين الذين يمارسون معتقداتهم الدينية ويذهبون للصلاة في الجوامع من دون أن تصدر عنهم أي تصريحات فيها إساءة لزملائهم في الوسط الفني أو حتى أن يكونوا طرفاً تحريضياً للناس من أجل إسقاط أنظمة أو دعم أنظمة أخرى ..
ومن الأمور التي يلتقي فيها الدين مع الفن وقد يعجب هذا الكلام بعض الناس ويزعج البعض الآخر ويرى فيه ضرباً من الخيال أو المبالغة فهناك الكثير من الناس لا يعرفوا أهم صلة بين الدين والفن وهي المقامات السبعة المجموعة في جملة ( صنع بسحر ) وكل حرف من هذه الجملة يرمز إلى مقام موسيقي وهذه المقامات لا تستخدم لقراءة القرآن فقط بل ويؤذن بها أيضاً وكل مؤذن يقرأ القرآن بمقام من هذه المقامات الموسيقية المعروفة مثل ( الصبا , الرست , الحجاز ) وحتى أثناء تلاوة القرآن الكريم يتنقل القارئ من مقامٍ إلى آخر على حسب معنى كل آية والمغزى منها فمثلاً يستعمل مقام العجم إن كانت تحمل الآية معنى فرحاً مثل الآيات التي يعد الله سبحانه وتعالى بها الإنسان بالجنة , ويستعمل مقام الصبا في الآيات التي تحمل معنى حزيناً مثل الآيات التي تذكر الإنسان الذي غفل عن ذكر الله تعالى ..
وهذه المقامات مهمة من أجل توصيل المعلومة للمتلقي إن كان بأسلوب الترهيب أو الترغيب أو الفرح أو الحزن أو حتى شئ عام وعلى القارئ الإلمام بالمقامات المذكورة حتى يميز النغمة المطلوبة في كل آية وهذا هو السر الذي يجذبنا لبعض قراء القرآن الكريم وحتى المؤذنين عن غيرهم , وفي النهاية لا يصح إلا الصحيح ومهما قلنا أو فعلنا وكذبنا أو صدقنا ونشرنا الخير أو الشر فإن الله هو الذي يحاسب الجميع .
أحسنت أستاذ عهد المحترم . من أجمل ما قرأت لك حتى الأن . ولا شك أن عندك معرفة موسيقية حتى تكتب بهذه الثقة عن المقامات ومواطن أستعمالها . أحسنت . وللحق أعتقدت من العنوان أن المقصود بالفن هو الرسم والنحت . ولكن بعد القراءة أجد الموضوع مبتكرا ولم يلقي عليه أحد الضوءبهذا الشكل من قبل . تقبل مروري .
لقد آن الآوان أن ينتهي كل هذا وتعود الناس لرشدها ويكفي كل هذا القتل والتسليح والفتن إن كان من المطربين أو الفنانين أو رجال الدين .
أوافقك الرأي على أن الفن رسالة وكم أحزن وأشفق على هذا المطرب الذي كنت أحب أغانيه وفجأة اصبح قائد مجموعة مسلحة ويدعو للجهاد بعد أن تم غسل دماغه ولكن هل من الممكن أن نراه بالفن من جديد بعد أن يكون قد أفلس من التسليح والترهيب ولم يعد أحد يذكره أو يسانده مع تحياتي للكاتب .
كل واحد فيهم بيهموا المصاري وبس وما بيهموا إن خربت البلد ولا عمرت وبيبيعوا ضميرهم وكرامتهم وشرفهم كرمال المصاري اللي رح يصرفوها على صحتهم وولادهم والله لا يسامح كل مين كان إله إيد بدمار وخراب البلد .
الأستاذ عهد كم إستمتعت بقراءة مقالتك وتطرقك للمقامات الموسيقية في تلاة القرآن الكريم والآذان وأما بالنسبة لشيوخ الدين والفنانين والممثلين فالله يحاسب البشر على أفعالهم وشكراً لك فأنا أفرح كثيراً بقراءة ما تكتب .
الفن له اتجاهات كثيرةومراتب عديدة ومستويات متفاوتة و هو يخدم قضايا مختلفة لكن اتجاهه دوما نحو الناس اما الدين فهو للانسان ذاته و اتجاهه الى اعماق الانسان اما الناس المتدينين او رجال الدين فهم كاي طبقة اجتماعية فيها الصالح وفيها الطالح ايضا الحقيقة انه فكرتك اول مرة تطرق
نعم هذه الجملة موجودة ومتعارف عليها لدى الشيوخ ومن يفهم بأصول تلاوة القرآن الكريم وهناك بعض القراء يتقنون قراءة القرآن وفق المقامات الموسيقية التي ذكرتها , مع كل الإحترام والشكر للأستاذ عهد المبدع والمتجدد في أفكاره دائماً .
أذهلتني بهذه المعلومة الدينية المتعلقة بدمج المقامات الموسيقية بتلاوة القرآن الكريم بالإضافة للآذان وهذا يدل على أنه لديك إلمام موسيقي فيه خلط بين الفن والدين وفعلاً إذا تمعنا جيداً نلاحظ فرق بين طبقات الصوت لدى قارئ القرآن الذي لديه إلمام بالمقامات الموسيقية وبين القارئ العادي وأنا أشكرك كثيراً على هذه المعلومة المفيدة والفريدة بنفس الوقت .