هل هناك إجماع على أن الظالم والمظلوم وجهان لعملة واحدة؟....... أنا شخصيا لا اعتقد بل واستبعد الفكرة إلا إذا كان الموضوع يخص السياسية فهناك دول تدعي الدفاع عن الحقوق والوقوف إلى جانب المستضعفين، إلا أنها في ذات الوقت تنتهج سياسة الكيل بمكيالين وتمارس أنواع الاضطهاد والظلم بحق دول وشعوب أخرى.......دعونا من السياسة وهمومها.
إذا لم يكن هناك إجماع على أن الظالم والمظلوم وجهان لعملة واحدة فهناك شبه إجماع أن السيد سامي هو الظالم وزوجته هي المظلومة.
أنا شخصيا اعرف ليلى جيدا فهي جارتنا في الحي ووالدها صديق مقرب من والدي.......ليلى صبية ممتلئ صحة ونضارة، وجمالها من النوع المتوسط الذي يلفت الانتباه إلى حد ما.
لكنني لا اعرف سامي رغم إني سمعت عنه فعلاقاته النسائية كثيرة، وآراؤه حول حرية المرأة بالمعنى العام أثارت تساؤلات في الأوساط المحافظة.
لم استغرب كما البعض أن يتقدم السيد سامي لخطبة ليلى،فالشاب رغم انه صغير في عالم الأعمال التجارية إلا انه في النهاية ابن إحدى العائلات العريقة في البلدة ووالده المرحوم له سمعته وشهرته في عالم الطب والأدب والسياسة،وليلى ابنة لأحد التجار الكبار الذي ذاع صيته واكتسب ثروته بعد الانفتاح،والبنت على درجة عالية من الخلق والتهذيب،ولا يمكن أن تكون مجرد رقم من أرقام مغامرات سامي الكثيرة أو مجرد قصة عابرة لأيام أو أشهر.
حتى الآن لا شيء يدعوا للتساؤل، والقصة تبدو طبيعية إلا إذا قال قائل أن ليلى المهذبة ضحية لشاب طموح لعوب يرغب في ركوب موجة الانفتاح عن طريق والدها التجار الكبير......المهم أن الجميع أدرك أن سامي وقع أخيرا في الحب الذي تكلل بالزواج.
أتحدث وأنا احد الشهود على عقد القران وبعد ذلك صديق مقرب من سامي بحكم العلاقة الوثيقة التي تربط عائلتي وعائلة ليلى.
لا استطيع أن أنكر أن سامي كان مغرما ولدرجة كبيرة بليلى نظراته إليها وحديثه عنها في غيابها طلباتها التي كانت أوامر إلهية وكلامها الذي كان منزلا بالنسبة لسامي.....
شخصيا اجزم أن سامي زير النساء اختفى بشكل كامل،وتبدل لسامي عاشق ليلى كما إنني لا استطيع أن أنكر محبة والد ليلى لسامي فقد كان محط ثقته،والرجل الذي يمكن الاعتماد عليه حتى في شؤون إخوة ليلى الصغار وترتيب أسخف الأمور من تسجيل الابن الأصغر في الحضانة إلى تعليم الابنة الوسطى قيادة السيارة...
لم تكن علاقة الرجلين علاقة صهر وزوج ابنة فقط،بل كانت اقرب إلى علاقة الابن بابيه ابن ينفذ كل ما يطلبه منه أبيه دون تردد أو تفكير لا لشيء فقط لينال الرضا.
بعد عدة سنوات حدث أمر أذهلنا جميعا ........ انفصلت ليلى عن سامي والسبب الذي أشيع أن ليلى اكتشفت وبالصدفة خيانة زوجها مع إحدى عشيقاته السابقات.......
اتضح الأمر ليلى مظلومة فعلا وهي ضحية لزوج لعوب خائن لم يحبها يوما كان يضع القناع ليحقق أطماعه بثروة والدها...... الظالم لم يتوقف عن خيانتها يوما.....
بالرغم أن سامي التزم الصمت حيال الموضوع ولم يتكلم في التفاصيل مع أي شخص
لكن إليكم بعض التفاصيل:
قبل الانفصال بعدة أشهر توفي والد ليلى التاجر الكبير.............. ظروف الوفاة كانت غامضة كما كانت مفاجئة، لم تستطيع حتى زوجته تفسيرها كما لم يستطع الطبيب الذي احضره سامي لمعاينته بعد أن ظهرت عليه علامات التعب بشكل كبير أن يحدد سبب الوفاة.
سيقاطعني احدهم ليقول:
لا مجال للشك اكتملت القصة، ونحن ندور في نفس الدائرة انتهت المصلحة والمشاركة بين سامي وحماه لذلك أقدم وبحقارة على خيانة زوجته ونزع القناع وعاد إلى طبيعته انه ظالم وهي المظلومة.
سأرد بهدوء:
يا سادة ليلى أصبحت تملك أموال طائلة بعد وفاة والدها الذي خلف ورائه ثروة كبيرة وبالتالي فمن مصلحة الممثل البارع (إذا جاز التعبير) أن يكمل دوره حتى يحظى بالثروة فهو محط ثقة العائلة والصهر الوحيد ....
دعوني أكمل القصة:
بعد وفاة والد ليلى اتضح أن سامي مني بخسارة كبيرة لم يتكلم أبدا عن سببها لكن أعماله التجارية توقفت وأصبح عرضة للإفلاس.............
لكنه تصرف ببراعة واستطاع أن يتجاوز مشكلته بعد أن اقنع احد أصدقائه بمشاركته.........
حتى هذا الوقت لم تطفوا أي مشاكل بين سامي وزوجته على السطح ولم تظهر إلى العلن،لكن الغريب أن المشاكل بدأت مع المناقشات التي أجراها سامي مع حماته التي استلمت إدارة الثروة بمساعدة شقيق المرحوم،قيل أن هذه المناقشات كانت حول خسارة سامي الكبيرة وحول اتفاق عقده والد ليلى مع احد التجار يقضي بتسلم مواد مقابل دين،وقد رفضت أم وعم ليلى الاعتراف بالاتفاق والتنازل عن الدين وأنكروا المواد التي بيع جزء منها بوساطة شركة سامي الذي وضع ثمنها في الحساب المصرفي لوالد زوجته والإيصالات موجودة .....
وقع سامي بين ناريين......... نار الحقيقة والضمير ونار عائلة زوجته التي أنكرت بالجملة الاتفاق غير الموثق .........
تصرف سامي بحكم الضمير ومرت هذه المشكلة كما مرت مشكلة انفصاله عن زوجته دون أن تهتز لزوجة المرحوم شعرة واحدة من الشعرات التي لم تنقطع عن السفر دوريا إلى إحدى الدول المجاورة لصباغتها باللون الأشقر.
بقي السيد سامي ملتزما الصمت وممتنعا عن الكلام حتى وهو يسدد التزامات غيره كما بقيت ليلى تردد صدى خيانة زوجها لها لتبقى كل القصة غامضة ولا استطيع أن أميز الظالم من المظلوم،كما لم استطع أن افهم سبب وفاة والد ليلى الثري الكبير المفاجئة.
تحية وبعد : رائعة ولم أقرأسرد سلس كهذا .وعناصر القصة مكتملة فهناك تشويق .ومقدمة رائعة .وأختزال مدهش . ومنتصف مضغوط بفن مدهش . وخاتمة مفتوحة بزاوية منفرجة على أحتمالات تشغل بال القارئ . أحسنتم أستاذ . وأرفع القبعة لك أحتراما تقبل مروري وتجاوز عن تعليقي فأنا هاو ولست بأديب محترف .
شكرا استاذ عصام ولك كل الاحنرام والتقدير