syria.jpg
مساهمات القراء
شعر
نَفَحَاْتُ الْبُرْدَةِ وَعَبَرَاْتُ الْوَحْدَةِ ... بقلم : مصطفى قاسم عباس

 لا خِلَّ لـي في اللـيـلةِ الظَّلـماءِ          إلا الأسىَ , وتَنَـفُّسُ الصُّـعَــداءِ
إلا لواعِجُ ذكــريــاتٍ عـذْبةٍ
             تَمْضِي , وتـتْركُنِـي أسيرَ شَـقـاءِ
لا خِلَّ إلا نَجْـمَـةٌ وسْنَى , وأجـ
         ـفانٌ تَسْيلُ بِمُهْجَـتِـي ودِمـائـي
فَالعَـيْـنُ مُـتْـرعَةٌ بِفَيْضِ سُهادِها
         وبِمُقْـلَتِيْ نـارٌ  تُضـِيءُ مَسـائي


قِيثَارتـي تشكُو بلَـحْنٍ ثاكِــلٍ          وصهـيـلُ روحـي بَائسٌ كَحُدائي
وَمَطِيَّتِي شَجَنٌ بِيَـمِّ مَـواجـعـي 
        وشـواطِـئي مَكْلُـومَةُ الأرجاءِ !                
أنا كُلَّما ناحَتْ حَمَـائمُ عَـبْرَتـي
         كاد الْحِـمـامُ يُقِلُّـنِي لِـفَـنَـاءِ  


وإذا شَدَتْ يوماً عـنادلُ أضلُـعي
     يـغـدو أُوَارُ الصَّـدْرِ كالـرَّمْـضاءِ
حُرَقُ الصَّبابةِ أم تباريـحُ الـجوى
     هـي مَنْ أثارت كَـامـنَ الأدواءِ ؟!
لِمتى يَظَلُّ الْجَفنُ نَبْعـاً دامـيـاً
        يروي الـخدودَ كَدِيْـمَـةٍ سَحَّـاءِ ؟!


لمتى تَمُرُّ سِنُونَ عُـمري  خُلْـسةً 
     والدَّهرُ يـنـظِمُ شِـعـرَهُ لِـرثـائي
فَتُطِلُّ قـافِيَتـي بوجْـهٍ شـاحِبٍ 
          ورَوِيُّها كَـرِوايـةِ الـبـؤَسـاءِ ؟
يبْقَى سَحْابُ اليأسِ يُمْطرني أسىً
    ويكـادُ يُـغْـرِقُـنـِي بغيـرِ شِتَاءِ


حتى إذا مـا الثَّغْرُ قـال : مُحمَّدٌ
        خَلَّفتُ شَجْوي والهمومَ ورائي
ونسيتُ أحزاني , وأزهرَ في فَمِـي
       وردُ السَّعادةِ بعدَ طول بُكَاءِ

وأتيتُ أمدحُ مَنْ حُرُوفِي غَرَّدتْ          بجمالهِ , والكونُ في إصغاءِ


ونظمْتُ من دُرَرِ القصـيـدِ قِلادةً 
       علَّقتُها بِتَرائبِ الجوزاءِ
أَوْدَعْتُها بَحـرَ الـخلودِ لأنـهـا 
            لا تحتويها أبْحُرُ الشُّعَراءِ
فَمُحَمَّدٌ فـوقَ الْمَـديحِ , وذِكْرُهُ 
           بين الوَرَى نُوْرٌ وشَمْسُ بَهَاءِ      

       
فلذا قَرِيضي عند طَلْــعَـةِ بَدْرِهِ 
           يُغْضِي , ويُبْحِرُ في خِضَمِّ حَيَاءِ
طيفُ المدينةِ لم يُفارقْ ناظــري
       وهلالُ تلكَ القُبَّةِ الخضراءِ
فبِظلِّهـا أرنـو لـجـنـةِ ربِّـنـا
               وبِروضِهَا ضَمَّتْ أبا الزَّهْراءِ


                     *******

يا خيرَ مولودٍ , أتـانـا رحـمـةً             ورقى وجبريلاً إلى العلياءِ      
وعليه سلّمتِ الملائِكُ , وانـتشـتْ
        حُبُكُ السّماءِ بليلةِ الإسراءِ
 يا سيدي : أنتَ الرَّحيمُ وناصرُ الـ
      مظلومِ,والحاني على الضُّعفاءِ


جُرِّعتَ مُرَّ اليُتْمِ من زمـن الصِّبـا
        ما أصعبَ الدنيا بلا آباءِ !

ونشأتَ فـي فقرٍ , ألـم تكُ راعيَاً         بِشِعَابِ مكةَ في ثرى الغبْراءِ ؟!
لم تسكُنِ القَصرَ الْمُنيفَ مُنَـعَّـمـاً
         بل عشتَ في الدنيا كما الفُقَراءِ

ففـداكَ روحـي يا نبـيُّ  رخيصةً         وإليكَ مَحْضَ مَحبَّتِي ووَلائِي


                             *******


 ...ومخرتُ أمواجَ الزمانِ بـخاطـري 
    حتى رسَا وَهْنَاً بغارِ حِراءِ
ورأى حُنَيْناً , والـمشـاهـدَ كُلَّـها
            ونبيَّنا الْمِقْدامَ في الهيجاءِ
وصحابةً كم جاهدوا كـي ينـشـروا
         ديناً أتانا دون أيِّ عَناءِ !


..قَلَّبتُ أفكاري , وسُـحْتُ بعـالَـمٍ 
         مُتَجَلْبِبٍ بِجَهالةٍ سوداءِ

فرأيتُ مذهـولاً عَـبِيْـدَ حجـارةٍ             ولهم حِجَىً كالْمُقلَةِ العَمْياءِ
وبِصَدْرِهِمْ بركـانُ حـقـدٍ يَلْتَـظِيْ 
             وبِجوفِهِ حِمَمٌ من  الشَّحناءِ


ورأيـتُ فـي بَطْـحـائِهمْ وَقِفَارِهِمْ 
             موجَ الـدِّما , وتـنـاثُرَ الأشـلاءِ  

و أبَاً ـ ومنهُ الوجهُ لـيلٌ حـالكٌ              مُسْتَخْـفِـيَـاً عن أَعْيُنِ الـرُّقَبَاءِ

يَمضي بلا وجَلٍ.. يُغَـيِّبُ بِنْـتَهُ         فـي الـرَّملِ بَيْنَ بَـراثِنِ الصَّـحـراءِ


هل في شَغَافِ القـلـبِ نَبْـضُ أُبُوَّةٍ 
        أمْ كُـتْـلَـةٌ كالـصَّخْرةِ الصَّـمَّاءِ؟ !

ورأيتُ غرقى سـامِـدِينَ بِغَيِّـهِـمْ        لا فُلْكَ تَحْملهُمْ  إلى الـمـينـاءِ
ورأيتُ ركْـبَـاً تائِهـاً بِـمَـفَـازَةٍ 
             يَسري, ولا يَحظى بِلمْحِ سَـنَـاءِ  

 

فأتاهُمُ الـمختارُ شـمـسَ هـدايـةٍ          وفُراتَ غيـثٍ فـي صـدورِ ظِمَاءِ

 وغدتْ بـه بِيْـدُ النفوسِ خَـمائـلاً          تُرْوى بـنـبـعِ مَحَجَّـةٍ بيـضـاءِ
والعدلُ مـيـزانٌ لـه , فَـبـِهَـديِهِ
             لا فرقَ بَيْنَ حَــرائــرٍ وإمــاءِ
أنَّـى لشعري أن يُحيط بوصفِ مَنْ 
     جَلَّتْ مـحـاسنُهُ عـن الإحصاءِ؟!


                      *******

بـِخِـتَـام قافـيتـي إليكَ رجائي             مُتَضَـمِّخاً بِموَدَّتِي وإخــائــي :
إن حارَ قلبُـكَ , أو بُلـيـتَ بغـفْلةٍ 
         وأردتَ أن تَحـظــى بِطِيْبِ شِفاءِ
فاقرأْ كـتـابَ الله , أو سُنـَنَ الْهُدى
        من سـيرةٍ كـالـكـوكَبِ الوَضَّاءِ


وَسَلِ الإلـهَ بـأنْ يُشَفِّـعَ فـي غـدٍ
             فـينا الـحـبيـبَ وسيِّدَ الشُّفَعَاءِ
وعليه صلِّ ضُحَـىً , ومـا ضاعَ الشَّذا
     أو لاحَ نـــورُ الكـعبـةِ الغَرّاءِ

2013-05-30
التعليقات
محمد عصام الحلواني
2013-05-31 14:45:43
الأستاذ المحترم مصطفى قاسم عباس
تباركت اليد التي حملت يراعا نازفا جرحا عميقا منذ ولادة التأريخ . ولقد ذكرتني لك الله .بقولة الشاعر . خلقت مبرءاً من كل عيب كأنك قدخلقت كما تشاء . تقبل مروري

سوريا
هناء القادري
2013-05-30 21:07:37
روعة
قصيدة من أجمل ما قرات لله درك من شاعر مبدع

سوريا
رجاء الناصر
2013-05-30 21:03:35
رائعة جدا جدا
كعادتك شاعرنا الكريم تتحفنا بقصائد يخلدها الدهر قلك مني كل تقدير

سوريا
aziz
2013-05-30 17:50:28
congratulation
la fudda fouk

سوريا