syria.jpg
مساهمات القراء
مقالات
الشباب العربي : مصادر التهديد و سبل الحماية ... بقلم : د خيام محمد الزعبي

إن الشباب هم الدعامة الأساسية للرقي و التقدم ,وثروة الحاضر التي تستثمر للمستقبل , و إذا كان لامتنا العربية من ثروة , فهي ثروتها البشرية الهائلة التي تقترب من حوالي 300 مليون نسمة , و التي يمثل الشباب العربي قرابة ثلثها و هذا بدون شك يوفر لامتنا العربية مخزونا بشريا و طاقة هائلة للمستقبل تمثل العمود الفقري للتنمية في وطننا العربي الكبير .


تتعدد قضايا الشباب و تتنوع و لعل أولى هذه القضايا التي أود تأكيدها هي إن مسألة الاهتمام بالشباب لم تعد ظاهرة محلية أو إقليمية , بل أصبحت ظاهرة عالمية ,لما للشباب من دور بارز و مميز في دعم المسيرة التنموية الشاملة لما يملكه من طاقة و قوة و حيوية و دينامية . لذا يجب بذل المزيد من العناية و الجهد و الالتزام لإعداد الشباب و رعايتهم بشكل يضمن صحة الشباب كونها ثروة وطنية و قومية و إنسانية , فبقدر ما نعطي الشباب و نعدهم الإعداد السليم بقدر ما نحصل على خبرات و كوادر بشرية قادرة على مجابهة التحديات الداخلية و الخارجية في عالم سريع التغير .

 

أما القضية الثانية فهي تتعلق بالفراغ التربوي لدى الشباب بفعل ثورة الاتصالات و المعلوماتية و العولمة بأبعادها و أنماطها المختلفة , ذلك أن هذه الثورة قربت المسافات و اختزلت الزمان و قلصت السيادة الوطنية ما أدى الى أن يعيش شبابنا في ظل أجواء عالم متغير و لعل السبيل لمجابهة هذا الوضع يكون من خلال زيادة الوعي لدى الفرد في المجتمع و التكيف مع التحولات الجديدة و التسلح بالتفكير العقلاني و المستقبلي و الإبداعي .

 

أما ثالث هذه القضايا فهي تتعلق بطبيعة مرحلة الشباب كونها مرحلة قابلة للإرشاد و التوجيه من خلال اطر المجتمع - عبر مؤسساته الرسمية و الشعبية – في التوجيه نحو غرسها و تعزيزها في نفوس الشباب ,لهذا نؤمن بأهمية الإعداد الجيد و التدريب و التأهيل للقوى الشبابية ,فلا تنمية شاملة بمعزل عن استثمار طاقات الشباب و مشاركة قطاع المرأة الواسع في مجمل العملية التنموية الشاملة بأبعادها المختلفة .

 

أما القضية الرابعة فهي تتعلق بتعزيز دور الشباب و تفعيله في المشاركة و التنمية و السلام و تقييم ما تم انجازه حتى الآن و معرفة مواقع الخلل و الفشل و تقليصها و تعظيم فرص النجاح .

 

ففي ظل التحولات الكبيرة يسود القلق تجاه معظم مؤشرات التنمية الاجتماعية في جزء كبير من وطننا العربي بشكل لا يبدو الضوء مشعا بالرغم من الجهود الكبيرة التي بذلت لتحسين هذه المؤشرات , فمع جهود التوسع في تعميم التعليم ارتفع عدد الأميين في الوطن العربي من حوالي 49 مليون أمي عام 1970 الى حوالي68 مليون أمي عام 2000 و بلغ عدد الأطفال خارج المدارس حوالي  13 مليون طفل , و يتوقع أن يزيد بنحو 40 في المائة حتى عام 2015 .

 

و بالرغم من برامج إصلاح نظم التعليم و تطويرها استمرت الفجوة بين مخرجات التعليم و احتياجات سوق العمل من الموارد البشرية و ارتفعت معدلات البطالة بين الشباب الداخلين الجدد لسوق العمل و بلغت أعلى مسوياتها بين فئة خريجي التعليم العالي , مع صفر حجم هذه الفئة .

 

و غني عن البيان إن إصلاح التعليم بما يكفل رفع صورة مخرجاته و تنفيذ برامج الإصلاح الاقتصادي بما يؤمن فرص عمل كافية ملائمة , و التوسع في شبكات الأمان الاجتماعي على نحو يوفر الطمأنينة و الأمن الاجتماعي , هي من أهم التحديات التي تواجه جهود التنمية العربية و من اكبر هموم الشباب العربي في المرحلة الراهنة و إن المواجهة الجادة و الشاملة لهذه التحديات هي الكفيلة بان تجعل الضوء دائما مشعا أمام شبابنا العربي .

 

لذلك لا بد من تحسين نوعية التعليم و ضمان جودته , كذلك الانتقال من فكرة التعليم للتعليم او التعليم للعمل الى التعليم للحياة , أضف الى ذلك التركيز على التعليم المستمر بطرقه المختلفة : التعليم المفتوح , و التعليم عن بعد , و التعليم الالكتروني , و التعليم الافتراضي , و التعليم النظير كبرامج ايرازموس و سقراط .

 

ركز تقرير التنمية العالمي لعام 2007 و عنوانه " التنمية و الجيل المقبل " على قضايا الشباب في الدولِ النامية فيتناول موضوع التحولات التي يخضع لها الشباب كي يصبحون عاملين منتجين و أرباب اسر مهتمين و مواطنين صالحين و قادة للمجتمعات المحلية هذه التحولات هي كالأتي :

 

1.     توسيع فرص سوق العمل .

2.     الإعداد التربوي للشباب .

3.     توفير الفرص للشباب كي يتم إعدادهم لتكوين الأسر .

4.     تعزيز الجانب الصحي لدى الشباب .

5.     ممارسة المواطنة .

6.     تمكين الشباب قانونيا أي تسليحهم بالمعرفة القانونية و تدريبهم على مداخل القانون و مخارجه .

 

أما القضية الخامسة و الأخيرة فهي تختص بزيادة توعية الشباب الذي يشتمل على جملة من البرامج كتعميم ثقافة السلام و حل المشكلات بعيدا عن استخدام العنف و القوة و تجسيد قيم التسامح و التعاون و الصداقة و الشراكة بين شباب العالم و منظماته و الابتعاد عن السلوك العدواني و عن المخدرات و التدخين و هنا يتعين على المؤسسة التربوية أن تقوم بدورها في بناء حصون السلام في عقول الشباب من خلال إرساء الأسس الفكرية و الأخلاقية و قيم التعايش السلمي و التفاهم و التواصل والحوار بينهم.

 

كما يتعين على الجهات المسئولة العاملة مع الشباب أن تفتح حوارا معمقا مع الشباب و بين الشباب أنفسهم و تمكينهم من التعبير بالوسائل المتاحة عن رؤيتهم للمشكلات و القضايا التي يعانون منها و عن الحلول المناسبة لحلها بالإضافة الى تعميم فكرة الرياضة للجميع بين شباب العالم عن طريق دعمها و تعزيزها بمبادرات محلية و إقليمية و عالمية بغية تعميق القيم الأخلاقية المشتركة التي تنطوي عليها الرياضة , وتجسيد الروح الرياضية التنافسية الشريفة ومن ناحية أخرى تشجيع السياحة الشبابية العالمية لتقريب المسافات بين الشباب في مختلف دول العالم . و ذلك لمحاولة إعداد الشباب الإعداد العصري المتميز الرشيد بعيدا عن الاستهلاك و أن يتحول الشباب إلى أداة طيعة استهلاكية تحقق مآرب الامبريالية المستغلة التي تسعى دائما إلى استهداف شبابنا العربي أينما حل و ذلك عن طريق إلهائهم بأشياء تافهة , فيوفرون لهم ألعابا موجهة تضيع أوقاتهم , و تنشر جميع أنواع المخدرات التي تذهب أرواحهم و تغيب عقولهم و تقتل وعيهم و توهن قواهم

 

و إذا نظرنا نظرة تفسيرية و سياسية إلى كل هذه الأمور نجد أن المستعمرين يقومون بعملية مخططة مدروسة , غايتهم أن تعم جميع الشباب العربي لإبعاده عن الدور الحقيقي لبناء اقتصاد أمته و تحقيق الأبعاد المختلفة للعدالة الاجتماعية و التي أصبحت مسألة أخلاقية وحتمية , لذا يجب تفعيل دور الشباب و إعادتهم إلى هيكل قوى المجتمع , و أن يدرك الشباب أهمية الدور الذي ينادي المجتمع و يحثهم عليه و ذلك لكي يدرك الشباب أهمية الدور المسند إليهم لدفع عجلة التنمية إلى الأمام لأنهم الأكثر إدراكا لاحتياجاتهم و مشاكلهم التي ستقوم الدولة بتذليلها في ظل مناخ الأخوة و الوفاء و الشفافية, و من هنا أتت مساعي المؤسسات التربوية و التحامها بالشباب سعيا لاحتلال مكانة متميزة بالشباب بين دول العالم الأول في ظل التركيبة العالمية البالغة التعقيد , و التقدم فيها يستلزم جهودا متنوعة على كافة الصعد و المستويات الاقتصادية و السياسية و الاجتماعية و الثقافية , فلا بد هنا  من التفكير المنظم و التخطيط العلمي , فالتفكير في المستقبل يسبق العمل و كذلك الوعي بعملية التقدم أمر بالغ الأهمية في ظل المتغيرات السياسية و الاقتصادية بل و حتى الفكرية التي تشهدها الساحة العربية و الإقليمية و الدولية .

 

إذا إن قضية التنمية و الإصلاح ترتبط بشكل أساسي بالشباب بصفته القطاع الأكثر حيوية وفاعلية في قضايا الحاضر و المستقبل , هذه الفاعلية لدور الشباب في عملية الإصلاح و التنمية تتطلب وجود آلية تساعد على استمرارية الحوار و التفاعل و تبادل الخبرات بين الشباب العربي .

 

و من هنا يجب أن نشير الى إن فاعلية دور الشباب في عملية الإصلاح و التنمية ترتبط أيضا بقدرته على تنمية ذاته حتى يصبح قادرا على تحمل المسئولية الملقاة على عاتقه , و تنمية الشباب لذاته يجب أن تفهم بالمعنى الشامل و في جوانبها الثقافية و البدنية و المهنية و الروحية و السياسية هذه النظرة الشمولية و متعددة الجوانب في النظر الى تنمية الشباب لذاته هي الكفيلة بان تضع شبابنا العربي على ساحة التنافس العالمي .

 

إذاً إن تمكين الشباب و إتاحة الفرص أمامه قضية لا تتوقف على مبادرات الدولة أو جهودها بل يزيد عنها في المسئولية موقف الشباب ذاته , فالتقاعس و التشاؤم و الانسحاب و العزلة من قبل الشباب لن يفيد معها أي مبادرات رسمية , و لن تدفع الكبار نيابة عن الشباب القيام بدوره , بل سوف يظل الشباب غائبا عن ساحة الفعل الاجتماعي و تحديد ملامح مستقبله إذا لم تتح له الفرصة للمشاركة الفعالة .

 

 

-         لنتعرف على بعض العوامل التي تحدد ما يريده المجتمع من الشباب :

      أدى غياب التوازن بين الحاجات و الواقع الى

1.     الحاجة الى نماذج وطنية شبابية.

2.     عدم الخوف من اثأر النموذج الغربي .

3.     تعاظم الشعور بالتحديات .

4.     إدراك هشاشة البنية الشبابية .

 

-         أما ما يريده المجتمع من الشباب :

 

1.     الجدية في النظر الى العلم .

2.     تنمية روح التنافسية الايجابية .

3.     عدم المبالغة في لوم الأخر .

4.     الاعتدال و النأي عن التعصب .

5.     تبني قضايا جادة علمية و اجتماعية و اقتصادية و سياسية .

 

-         أما ما يريده بعض المربين من الشباب .

 

1.     تكوين شخصية الشباب تكوينا متماسكا متزنا .

2.     تبني موقف ايجابي من المجتمع كاحترام المبادئ و الأخلاق .

3.     التحلي بصفات ذهنية ثقافية .

4.     خلق علاقة سوية بين الشباب .

5.     تطوير الهوية الثقافية القومية .

6.     فهم الثقافات المحيطة بالعرب .

7.     الاهتمام بالتنمية السياسية .

 

و خلاصة القول لكي نحسن استثمار الطاقات الشبابية ,يتعين علينا أن نؤمن لشبابنا العربي بيئة فكرية و ثقافية حافزة توازن بين الأصالة و الحداثة ,تأخذ من الأولى قيمها و من الثانية انفتاحها على العلم و العالم لان الشباب العربي يواجه صعوبات و تحديات كبيرة تزداد تداعياتها في ظل العولمة و اشتداد التنافسية و اتساعها في اطار اتفاقيات التجارة العالمية و سرعة التقدم العلمي و المعرفي و التقني و عولمة الأسواق بما فيها سوق العمل .

 

و لا بد من إعطاء بعد عربي إقليمي للأنشطة الشبابية و على المنظمات مثل جامعة الدول العربية و الاسكوا ( لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية و الاجتماعية غرب أسيا )  العمل على إيجاد اطار جديد للتعاون الإقليمي يرتكز عل جانبين أساسيين :التنسيق في المجالات الشبابية و النظر الى أهمية البعد الشبابي في مجال المبادرات السياسية الأخرى و التصدي للقضايا التي تؤثر على الشباب بشكل مباشر أو غير مباشر : التمييز , المواطنة , إيجاد فرص عمل ,الإقصاء الاجتماعي ,التعليم ,التدريب الوظيفي , الثقافة الصحية , حماية المستهلك ,حماية البيئة , حرية الحركة , التنقل بالنسبة الى الباحثين الشباب , الفقر , التعاون الدولي .

 

2013-06-10
التعليقات