فشلت الحكومات المتعاقبة، في تحسين المستوى المعيشي للمواطنين، وذهبت أدراج الرياح كل المحاولات لمساندة المواطن في مواجهة الغلاء المستحكم. وظلت وعود الفريق الاقتصادي الذي يدير دفة الاقتصاد الوطني مجرد وعود، ومحض أمنيات، وأضغاث أحلام. ويستمر التراجع الكبير في المستوى المعيشي للمواطن، وتردِّي الواقع الاقتصادي. إذ إن الأداء في هذا المجال بشكل عام ينحو إلى الخلف، والإجراءات المنتظرة لتحسين الواقع المعيشي والاقتصادي، والنهوض به، في حالة المراوحة في المكان، وبمعنى أدق في حالة التراجع والتآكل المستمر.
وتبدو الفترة الحالية من أصعب وأعقد المراحل التي يتعرض فيها المواطن ولقمة عيشه إلى الاستهداف، والاتجار غير المشروع، فضلاً عن الارتفاع المستمر بالأسعار الذي يأتي على الأخضر واليابس، ولم يبق من فسحة الأمل المتاحة إلا القليل، فسحة تنوس رويداً نتيجة التراخي الحكومي في اتخاذ ما يلزم من إجراءات تحافظ على المستوى المعيشي للمواطنين عند حد معين، ووقف تدهوره، ولجم ازدياد حالة التوحش الموجودة في الأسواق التي تحكم العلاقة التجارية بين المستهلك والتجار، لأنها حالة من الجموح للاستغلال، والابتزاز، والفوضى، تكاد أن تودي بالمواطنين إلى حيث لا يرغبون.
يشعر السوريون بتحدٍّ هائل يقف أمامهم، وللمشكلة شقان، الأول يتعلق بالغلاء الكبير، والثاني له صلة مباشرة ولصيقة بضعف القدرة الشرائية لليرة وتراجعها بنحو الثلثين في العامين المنصرمين. إذ خسر كل سوري أكثر من 60 بالمئة من قيمة دخله، وقدرته الشرائية، ما جعل الحالة المعيشية أكثر صعوبة. وتظهر في الأفق ملامح التذمر والامتعاض، من كثرة التصريحات الرسمية التي تبشر بالوعود، وتبتعد كثيراً عن التنفيذ.
لأن نقل الوعد إلى واقع، لا يرتبط بمقولة (وعد الحر دين)، ولا يستند إلى الأمنيات، بل يخضع لجملة شروط موضوعية تتعلق بإمكان تحقيق هذا الوعد وفق معطيات يملكها من يطلق الوعد، وتوفير مستلزمات تنفيذه، إضافة إلى توفُّر الإرادة الصلبة لمطلقي الوعود أن يلتزموا بما أطلقوه. وهذا ما لم نلمسه على مر سنوات، تصدرت فيها البيانات الوزارية تمنيات الحكومات المتعاقبة بتحسين المستوى المعيشي للمواطنين. ووضعت هذه الحكومات أولية أمامها وهدفاً لبرامجها وسياساتها هو تحسين واقع المواطن، لكن النتائج كانت مخيبة للأمنيات الحكومية والشعبية في آن، ودائماً كانت الحكومات والمسؤولون الاقتصاديون يجدون ما يكفي لتبرير الإخفاق في تنفيذ الهدف، والفشل في تطبيق السياسات، ما يعطي انطباعاً دائماً أن هناك فشلاً أكبر من ذلك يتعلق بعدم وضع أهداف ممكنة التحقيق.
عامان من الأزمة المستمرة، ومروحة المشكلات تزيد، وتضيق فسحة الحلول، ويكون المواطن أول الخاسرين، تراجع قيمة دخله خارج إرادته، ومحاولات بحثه عن طريقة للتعويض تصطدم بالواقع المرير الذي لايمكن تجاوزه ببساطة. ومايثير الانتباه أن الحكومة تعد المواطن بانفراجات، وتحاول دغدغة مشاعره، وإثارة عواطفه، وجعل الأمل ممكن التحقق، في الوقت الذي يؤكد فيه معظم الاقتصاديين عدم قدرة هذه الحكومة على القيام بما يجب القيام به، أي اتخاذ القرار القادر على تأمين حياة كريمة للمواطنين، وردم الفجوة العميقة بين النفقات والدخول، وتأمين مصادر لتمويل زيادة الرواتب والأجور، وتحسين الدخول، أو اتخاذ إجراءات تكبح الغلاء، وتلجم تهور بعض التجار الذين أعمت بصيرتهم شهوة جمع الثروة، وتحدُّ من جماح الأسعار المنفلتة في الأسواق، وتغيب عنها الرقابة التموينية، والاكتفاء برقابة أهلية تطوعية، على أهميتها. إلا أنها تبقى ضمن جهود التطوع، والمساندة والتعاون، ولن ترتقي إلى مستوى صلاحيات حماية المستهلك بالمعنى الذي تقره الأنظمة، وممارسة الدور الذي يتيحه القانون لأجهزة الحكومة. وفعالية لقمة الشعب خط أحمر أنموذج لذلك.
يعيش المواطن السوري فترة قاسية جداً، على مختلف الصعد، ويبرز الهم المعيشي اليومي، ليتكاتف مع الأصعدة الأخرى ليثقل كاهل أرباب الأسر، وليفضح التقصير الحكومي الرسمي في بناء مؤسسات رقابة تموينية تعنى بحماية المستهلك، تكون قادرة على ممارسة دورها، ولديها الإمكانية في الدفاع عن المستهلك بجرأة وشجاعة متاحة بقوانين تأسيسها، لا كما فعلت حكومة سابقة بأن حصرت صلاحيات هذه الجمعيات في إطار التثقيف، دون منحها ما يجب منحه إياها من صلاحيات أسوة بكل الجمعيات المعنية بحماية المستهلك، ما أدى إلى تأطير دورها في الزوايا الضيقة، وتكبيل صلاحياتها.
ليس مطلوباً من الحكومة ما هو فوق طاقتها، ولا نريد منها أن تفعل ما لم تفعله حكومة قبلها، رغم أن المطلوب منها في هذه الفترة الاستثنائية وتاريخنا كله استثنائي، مضاعف، لكن من غير المقبول أن يظهر سخط المواطن وتذمره على تراجع حالته المعيشية، والحكومة تتفرج، وتتخذ قرارات تصب الزيت فوق النار. وما جنوحها الكبير نحو رفع الدعم وزيادة أسعار بعض السلع، سوى دليل ابتعادها عن الواقع المؤلم، وتأكيد أنها ليست حكومة أزمة، بل هي في أفضل الأحوال حكومة تدير ظهرها للفقراء وذوي الدخل المحدود.
لك قول الحمد لله لسا في خبز ... لأنو الاصلاح اللي جايبتو المعارضة ببرنامجها ما خلا النا غير هالكم رغيف ناكلو .... اييييييه الله يرحمك لو كنت موجود كانت انحلت من زمان
الكاتب العزيز يبدو انك لم تتبابع تصريحات السيد اديب مياله منذ بدية الاحداث فقد قال حينها اننا سوف نعوم الليره" تعويما ممنهجا "وهذا ما يحصل الان فهي اذا ليست ازمة اقتصاديه بسبب الاحداث انما هي سياسه اقتصاديه جديده تذكرنا باحداث بداية الثمانينات عندما كان الدولار باقل من اربعة ليرات وفي غضون سنتين وصل الى اربعين ليره اي عشرة اضعاف ومن هنا نستطيع ان نستنتج ما هو الحد الذي سيقف عنده التعويم من خمسين ليرة للدولار الى خمسمائه !
يا سيد ثامر , يعني ليش كل واحد ما بحب يحط ايده على الحل رغم أن الكل بيعرفو الحل ؟ زمن الخوف ولى إلى غير رجعة وكلنا بنعرف أنو سبب الفشل الاقتصادي سببه نظام النهب اللي نهب البلد من 40 سنة وحاليا عم يدمر البلد كلها , ما في حل إلا الحل الجذري والحل الجذري بكون بوجود نظام تعددي نزيه يضمن الحريات والشفافية , بكفي قلك أنو خيرات سوريا لو خف النهب فيها بنسبة 50% لعاش كل سوري ملك وأنا ما عم بالغ اسألو الاقتصاديين بخبروكم أنو كلامي مانو مبالغة أبداً.
لعل الموضوع أكثر من الواضح فالأزمةكبيرة جدا القضيةالآن ليست حكومة و لا تجار أزمة فلو أتيت بكينز نفسه الذي قدم حلولا في الأزمة الكساد العالمية لما استطاع ايجاد حلول.الحل هو سياسي بحت ينتج عنه اعادة ثقة المواطن بالعملة المحلية و هذا لا يمكن تحقيقه إلا بالتفكير المعمق لحل الأزمةأولا مع الرأي العام العالمي و بالتالي تخفيف الحصارالاقتصادي و ثانيا بمعالجة الموضوع مع المعارضة فورا بطريقة وأسلوب جديد مختلف تماما يتمثل في كسر المألوف لتبادل الأفكار. فالناس حقيقة بحاجة لذلك