كان يمشي في البستان . فوقع في بئر واسع وعميق . وأخذ يصرخ مستنجدا بمن قد يسمعه فينجده من غياهب ذاك الجب الكبير . وظل يصرخ لساعات . إلى أن أنتبه بعض المارة من هناك . فأخبروا أهل القرية . وجاء الأهالي لمساعدته وإخراجه . وكان يقاومهم ببسالة وهو يتمنع من الخروج على أيديهم من البئر . وبعد عدة محاولات فشلوا جميعا في إقناعه بالخروج بالحوار أو بالقوة . وقاومهم على هذه الحال ثلاث ليال طوال . ثم مات فأحرقوه هناك ورمس في ذاك البئر وأهيل التراب عليه وسد فرج البئر التراب المتراكم .
. . . . . . . . . . . .
قفز من على الطائرة وهو يصرخ بالويل والهلاك . بكل بساطة كان قد نسي أن يلبس المظلة . وظل يصرخ ويصرخ ويستنجد بالله أثناء سقوطه . إلى أن وقع على ظهر بالون عظيم . ما كان ذاك البالون إلا منطاد يجوب المنطقة . تمسك بحبال المنطاد وأزلف نحو السلة في أسفله حتى تناوله الربان ومن كان معه من السياح وهم متعجبون من هذا الذي هبط من السماء فجأة . التقط أنفاسه وشكرهم على حسن تعاونهم ومساعدته ثم قفز من جديد وهو يصرخ بالويل والثبور والهلاك . ثم .. بوووووووووم . أعجبه الأمر وركب طائرة أخرى ليقفز منها مجددا .
. . . . . . . . . . . .
دخلت سيارة الإسعاف مسرعة إلى المشفى . وأخرجوه على النقالة إلى غرفة الإسعاف بسرعة كبيرة . وأثناء جريهم كان الطبيب المسعف يشرح للأطباء عن حالة المريض . وكيف أنه تعرض للدغة أفعى مجلجلة . فأعطوه الترياق المناسب . وبعد عدة أيام خرج من المشفى . وما لبث أن عاد بنفس الحالة . وكما المرة الماضية خرج معافى ولله الحمد . ولكنه عاد من جديد وأيضا كانت قد لدغته أفعى مجلجلة . وبعد تكرار الحالة عدة مرات . قرر الأطباء فتح تحقيق معه . فقال لهم بكل بساطة . أنا أربي ثعبان في مستوعب زجاجي عندي في البيت . وكلما ارتديت ملابسي للخروج . ظننت الثعبان نطاقا فأحاول أن أحزم به بنطا لي فيعقصني مجددا . فسألوه : أليس الثعبان في المستوعب لزجاجي ؟ ! . قال : بلى ولكن لونه يناسب ملابسي .
. . . . . . . . . . .
ارتدت أجمل ملابسها . وتزينت وتعطرت . ووضعت بعض المساحيق التجميلية الخفيفة وبفن ورقة . ثم رشت بعض العطر الجميل على جيدها . وحملت حقيبتها ووضعتها تحت إبطها . وقبل أن تخرج أمسكت ورقة ووقعت عليها . ثم اتجهت إلى النافذة وقفزت من الطابق الخامس إلى الأرض . و بكامل أناقتها . بعد قليل كان المحقق يمسك ورقة بيده ويقرأ بدهشة كبيرة . لقد قفزت من النافذة لأنني لم أعد أحتمل غباء الآخرين . أقول لهم دائما أنا أسكن في القبو . وهم مصرين أنني أسكن في الطابق الخامس .
. . . . . . . . . . .
بعد أن فرغ من إلقاء محاضرته جلس ليجيب على أسئلة الجمهور . إلا أن أحدا لم يسأله شيئا . فصار يحثهم على النقاش والأسئلة . كان يحاول إقناعهم أن الحوار يثري المحاضرة . ويكشف بعض الجوانب المخفية فيها . وما من مجيب . ولما لم يلق تجاوبا . صعد المنصة مرة أخرى . وألقى محاضرة أخرى تكملة لمحاضرته الأولى عن ضرورة الحوار . وبعد ساعة ونصف .نزل وانتظر الأسئلة ولا حياة لمن تنادي . ثم صعد مرة أخرى وألقى محاضرة أخلاقية . تتحدث عن آداب الحوار والمشاركة التفاعلية . وكأنه كان يحدث الموتى . عندها شتم الحاضرين وأغلظ لهم بالكلام ثم خرج من القاعة منزعجا وهو يقسم أنه لن يلقي محاضرة أخرى في المقبرة .
. . . . . . . . . .
كانت تتناول الطعام بشراهة وبسرعة . وكانت تقضم وتبتلع دون مضغ . وكانت قطع وفتاة الطعام تتناثر حولها فتصيب الجالسين بمخلفاتها من الطعام . وكم كانت الأصوات التي تصدرها مزعجة جدا . صرخ بها والدها . توقفت لثانية ونظرت له بطرف عينها ثم تابعت بعنف أكبر من ذي قبل . وكأنها تخوض معركة ضد المائدة وتلتهم كل ما يقع تحت يدها . توقف الجميع عن تناول الطعام وانشغلوا في مراقبتها . وهي في عالم أخر لا تدري بأحد ممن حولها . بعد فترة من الزمن . رفعت رأسها واستندت إلى المقعد وأرخت يداها إلى جنبيها من شدة التعب . وتجشأت بصوت كأنه دوي قنبلة عنقودية . نظرت يمينا وشمالا فوجدت الجميع يراقبها مذهولا . وقفت واستدارت وأطلقت الريح بعنف ثم مشت بكرشها الكبير . وهي تنحني وكأنها عجوز جاوزت السبعين . الوالد : أعتذر منكم جميعا فابنتي تعاني من مشاكل نفسية . ما إن أكمل حتى رآها عادت إلى المائدة . تناولت أخر قطعة لحم وهي بحجم قبضة اليد ودفعتها إلى فمها مرة واحدة . ونظرت إلى الحضور بقرف .وانصرفت .
الفوضى غير مقبولة في حياتنا وهي سبب للكثير مما نعاني منه حالياً ولا شك بأن هناك من يريد أن يكون الوطن العربي كله فوضى بفوضى .
الاُستاذالمحترم محمد عصام الحلواني,, مشكلة كبيرة هي الفوضى ,والمشكلة الأكبر عندما تتجلى تلك الفوضى في المنطق الذي يعتبر الحاكم لسلوكنا , ولكن للأسف أصبحت هي الحاكم الحقيقي لعقولنا ومنطقنا , سلمت أستاذي الكريم وسلم فكرك وإبداعك الذي لاينتهي من العطاء تحياتي لقلمك الرائع ,تقبل مروري ,,,,,,
كلهم رائعين ولكن استوقفتني اللوحة قبل الأخير والتي في مقدمتها : بعد أن فرغ من إلقاء محاضرته جلس ليجيب على أسئلة الجمهور ... كوننا في هذا العصر يسري علينا المثل القائل : قدأسمعت لو ناديت حياً ولكن لا حياة فيمن تنادي!!!قراءات نيرة لواقع محفوف باللامنطق ... سلمت أناملك!
رائعة سيد عصام رائعة انما هي (منطق لاحياة لمن تنادي)