مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه
نحو مجتمع المعرفة
"الذي اعتمدته قمة دمشق
عام
2008م"
أولاً-الأهمية:
إن مشروع "النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة" يندرج ضمن الاهتمام الموصول بقضايا اللغة العربية عامة وتعليمها وتعلّمها خاصة، وهو اهتمام قومي ووطني لم يتوقف منذ مطلع نهضتنا الحديثة وإن عرف في بعض الفترات فتوراً أو ضعفاً، وقد تأكد هذا الاهتمام، بصورة خاصة، منذ إنشاء جامعة الدول العربية وأجهزتها الثقافية ثم صدور ميثاق الوحدة الثقافية العربية وإنشاء المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم عام 1970 م، وما تلا ذلك من انعقاد المؤتمرات الوزارية المختصة وتفعيل العمل العربي المشترك في مجالات التربية والثقافة والعلوم والإعلام.
كما يستمد موضوع المشروع أهميته من نواح عديدة أهمها:
o أهمية اللغة بالنسبة الى الإنسان فرداً ومجتمعاً وأمةً.
o الأهمية الخاصة التي تكتسبها اللغة العربية في تكوين شخصية المتعلم وتنمية قدراته وتجلية مواهبه وإقداره على التزود بالمعلومات والخبرات والمعارف، وهي ذات أهمية كبيرة في تماسك المجتمع ووحدته والتواصل بين فئاته وأجياله واستمرارية قيمه الحضارية والدينية، إضافة الى الدور الذي ينتظر منها في التعبير عن مكتسبات العلم والتقانة ونشرها وتمثّلها وتوطينها تحقيقاً لمتطلبات الحداثة ودخول مجتمع المعرفة وتحقيق التنمية المستدامة.
o دور العملية التعليمية في مدى تحقق الأهداف المنتظرة على مستوى اكتساب اللغة القومية والتمهّر فيها والتعلّق بها والاستمرار في تّمها ذاتياً ومدى الحياة.
o أهمية التعاون العربي في مجال النهوض بتعليم اللغة العربية عبر الاستفادة من مختلف التجارب الناجحة على مستوى الطرائق والأساليب وغيرها من عناصر المنهج.
o يعد هذا المشروع بما يقدمه من مقترحات وتوصيات تهدف الى الحفاظ على اللغة العربية بإعتبارها المعبر الأساسي عن وجودنا وكياننا ووعاء المعرفة وسبيلنا الى التقدم.
o الخروج بمشروع قابل للتطبيق يحفظ هويتنا العربية.
إن المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم وانطلاقاً من مسؤوليتها تجاه لغتنا العربية استطاعت أن تصدر قراراً من مجلس الجامعة العربية على مستوى القمة العربية التي عقدت في دمشق آذار 2008م،والقمة التي عقدت في الدوحة عام 2009م، بالموافقة على وثيقة مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة وتشكيل لجان وطنية عربية لمتابعة تنفيذ المشروع.
وقد حددت لـ "مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة" أهدافاً، ومنطلقات، وبنودً، وآليات، ونتائج مرجوةً، ومن البنود ذات الصلة "تحديث مناهج تعليم اللغة العربية، واستخدام تقانة المعلومات والاتصالات، وزيادة عدد مؤسساته، واعتماد مبدأ التعلًم مدى الحياة في ذلك، والعناية بمدرسيها وأساتذته".
ثانياً: الحيثيات والإجراءات:
تنفيذاً لقرار قمّة دمشق رقم 435 تاريخ 30/3/2008 م، المتضمن الموافقة على مشروع النهوض باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة، قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية، بعقد اجتماع خبراء في دمشق، تحت رعاية نائب رئيس الجمهورية العربية السورية السيدة الدكتورة نجاح العطار، وخلص الاجتماع إلى دراسة وثيقة المشروع ووضع الآليات المناسبة ومصادر التمويل وتحديد الجهات المشاركة.
كما قامت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بإرسال الوثيقة إلى الدول العربية والهيئات المختصة على مساحة الوطن العربي لإبداء الملاحظات.
عرضت الوثيقة على مؤتمر الوزراء المسؤولين عن الشؤون الثقافية في الوطن العربي الذي عقد في دمشق نوفمبر 2008م، واتخذ بشأنها الموافقة على مشروع الوثيقة، وكذلك الاستئناس بما تضمنته الخطة القومية للثقافة العربية، وما صدر عن مؤتمرات الوزراء المسؤولين عن الشأن الثقافي العربي في (مسقط – الجزائر – عمان).
قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بمراعاة الملاحظات الواردة وعرضها على المؤتمر العام للمنظمة في دورته 19 التي عقدت في تونس ما بين 18-20 ديسمبر 2008 وتمّت الموافقة على الوثيقة برمتها والملاحظات المرفقة، واتخذ المؤتمر القرار بــ :
-الموافقة على ما ورد في وثيقة مشروع النهوض باللغة العربية.
-دعوة الدول الأعضاء للقيام بإعداد البرامج والمشروعات على المستوى الوطني في إطار تنفيذ مشروع النهوض باللغة العربية، والاستفادة من التجارب المتميّزة في بعض البلدان العربية في مجال النهوض بتعليم اللغة العربية.
-دعوة المنظمة إلى استيعاب البرامج والمشروعات الخاصة بمشروع النهوض باللغة العربية ضمن خطة تطوير التعليم في الوطن العربي.
-دعوة المدير العام إلى التنسيق مع الأمانة العامة لجامعة الدول العربية في إعداد
تقرير شامل حول المشروع وآليات تنفيذه.
-دعوة الدول العربية إلى استخدام
الوسائط الحديثة في تعليم وتعلّم اللغة العربية.
-دعوة المنظمة لتشكيل لجنة من الخبراء والمتخصصين لتقديم دراسة تستهدف تحديد الأسباب والمسببات في تدني مستوى تعليم اللغة العربية، واقتراح خطة للتعاون بين الدول العربية في مجال تبادل الخبرات التدريسية في تخصصات اللغة العربية وكيفية الاستفادة من تجارب بعض الدول العربية في طرق تدريسها.
وترجمة لهذا القرار، قامت المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم بتشكيل فريق عربي متخصص لدراسة أسباب ومسببات تدنّي مستوى تعليم اللغة العربية.
-أسباب ومسببات تدني مستوى اللغة العربي:
o عدم عناية مدّرسي اللغة العربية وغيرهم من مدّرسي المواد الأخرى باستخدام اللغة العربية الصحيحة.
o منهج تعليم القراءة لا يخرج القارئ المناسب للعصر.
o عدم توافر قاموس لغوي حديث في كل مرحلة من مراحل التعليم العام.
o الافتقار الى أدوات القياس الموضوعية في تقديم التعليم اللغوي.
o قلة استخدام المعينات التعليمية والتقنيات الحديثة في تعليم اللغة.
o ازدواج منهج النحو بالقواعد وكثير منها ليس وظيفياً.
o صعوبة القواعد النحوية واضطرابها.
o افتقار طرق تعليم القراءة للمبتدئين الى دراسات علمية.
o الانتقال الفجائي في التعليم من عامية الطفل الى اللغة الفصحى.
o اضطراب المستوى اللغوي بين كتب المواد، بل بين كتب المادة الواحدة في الصف الواحد.
o دراسة الأدب والنصوص لا تصل التلميذ بنتاج حاضره وتراث ماضيه وصلاً يظهر أثره في حياته.
o طغيان الماضي على الحاضر في تدريس الأدب.
o نقص عدد المعلمين المختصين وانخفاض مستواهم.
o بعض اللغة التي يتعلمها التلاميذ في المدارس عن فصحى العصر.
o صعوبة الكتابة العربية.
ثالثاً: أهداف المشروع:
- الحفاظ على الهويّة العربية متمثلة في لغتنا الأمّ اللغة العربيّة.
- الاهتمام باللغة العربيّة على
أنّها وعاء للمعرفة وسبيل الأمّة نحو التوجه إلى مجتمع المعرفة.
-دعم التنمية الاقتصادية
والاجتماعيّة والثقافيّة في الدول العربيّة، استناداً إلى دور اللغة في هذه
المجالات.
رابعاً: منطلقات المشروع:
-تنفيذ قرار مؤتمر قمّة دمشق
وإعلان الرياض.
-تثبيت الهويّة العربيّة
وتعميقها.
-معالجة القضايا المعاصرة للغة
العربيّة المهمّة لتتوجه الدول العربيّة نحو مجتمع المعرفة والاقتصاد القائم عليها
والتعامل مع الفرص والتحديات التي يطرحها هذا التوجّه.
- تدارك تأثير الضعف اللغوي على
عملية التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة والثقافيّة.
-معالجة مسائل التنمية البشريّة
ذات العلاقة باللغة كالتعليم، والتعلّم مدى الحياة، والتواصل.
-توحيد الأمة العربية ماضياً وحاضراً ومستقبلاً، وتحقيق التوال والتفاعل بين أبناء الأمة العربية بإعتبارها أساس القومية العربية وعنوان الشخصية العربية واتيتها الثقافية ودورها في دعم التنمية المستدامة، كونها
سبيل الأمة العربية نحو التوجه الى مجتمع المعرفة والتطوير الاقتصادي والاجتماعي والثقافي.
خامساً: القـرارات:
قرار قمة دمشق رقم 435/ تاريخ
30/3/2008م، المتضمن ما يلي:
-الموافقة على مشروع النهوض
باللغة العربية للتوجه نحو مجتمع المعرفة، وتقديم الشكر إلى الجمهورية العربية
السورية على مبادرتها لإطلاق هذا المشروع.
-الطلب من الأمانة العامة إحالة
المشروع إلى الجهات المعنية والمؤسسات ذات الصلة في الدول الأعضاء كافة لدراسته من
جميع جوانبه واقتراح آليات تنفيذه.
-تكليف الأمانة العامة تقديم
تقرير عن مدى التقدّم المحرز في المشروع إلى الدورة العادية (130) لمجلس الجامعة
على مستوى القمّة .
سادساً: النتائج المرجوّة من المشروع:
سيحقق المشروع العديد من النتائج الهامّة على الصعيدين القومي والوطني، أهمّها:
-
توطين المعرفة بلغة المجتمع
وإتاحتها له.
-حماية الهويّة العربيّة
والثقافيّة العربيّة، وترقية اللغة العربيّة والحفاظ على مكانتها بين اللغات
العالميّة الحيّة.
-ربط مخرجات التعليم العالي والبحث العلمي العربي بالقوى العاملة العربيّة ونقل
المعرفة لها.
-تسهيل تداول المعرفة المتخصّصة
ضمن قطاع بلغة العاملين فيه، ومن ثمّ رفع الإنتاجيّة والقدرات المعرفيّة،
والابتكار.
-تعزيز قيام الصناعات والخدمات
القائمة على المعرفة.
-النهوض باللغة العربية في الأنشطة الإعلاميّة والإعلانية والوسائط المتعددة، والمساهمة في التنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة.
وأخيراً يمكن القول، إن لتدني مستوى تعليم اللغة العربية أسباب عديدة تتصل بالاختيارات الثقافية واللغوية وبطبيعة اللغة العربية، كما تتصل بالمعلم والمتعلم والمنهج وكل عناصر المنظومة التربوية، وإن علاج هذه القضية يتطلب التصدّي لكل هذه الأسباب مجتمعة، كما يحتاج الى رؤية واضحة لدى أصحاب القرار، وإلى حماس من المربين، ودعم من المجتمع، ومؤازرة من قطاع الثقافة، وتعزيز من وسائل الإعلام، لأن القضية المجتمعية شاملة أكثر مما هي لغوية أو فنية محدودة. على أن "المدخل السحري" لعلاج هذه القضية قد يكون في إعادة الاعتبار الى اللغة العربية لغة علم وتقانة وتعلم وعمل، وغرس الاعتزاز عبر حملات منظمة يشترك فيها الجميع وأصبحت قضية اللغة مسألة سيادية، فإن كل الإصلاحات والمبادرات التي ستتحقق في الواقع التربوي واللغوي ستجد التربة الخصبة التي ترعاها لتحقيق المنفعة العامة.
وفي انتظار ذلك فإن مبادرات عديدة يمكن اتخاذها على هذا الدرب منها ما دعت إليه بعض الندوات من مثل:
-ضرورة قيام كل قطر من الأقطار العربية بدراسات موضوعية تتناول واقع تدريس اللغة العربية وتشخيص أسباب الضعف، على أن تتولى المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم توحيد هذه الدراسات في دراسة شاملة وتقترح الحلول المناسبة.
-ضرورة تبادل الخبرات التربوية بما في ذلك الوثائق والكتب المدرسية والتجارب التربوية الناجحة في ميدان تعليم اللغة العربية بين المشرفين على المناهج في الأقطار العربية.
-ضرورة الإفادة من الدراسات التي تنجزها المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم والهيئات التربوية والدولية الأخرى وتعميمها.
ومن الخطط الوطنية للنهوض باللغة العربية "خطة العمل الوطنية لتمكين اللغة العربية والحفاظ عليها والاهتمام بإتقانها والارتقاء به"، التي أعدتها اللجنة الوطنية السورية لتمكين اللغة العربية"، وتشتمل هذه الخطة أربعة أقسام يتناول أولها المسوّغات التي دعت الى وضعها، ويتناول القسم الثاني الواقع اللغوي والعوامل المؤثرة فيه، ويقف القسم الثالث على سبل المواجهة، ويركز القسم الرابع على القضايا الملحة التي تتطلب المعالجة السريعة.
وإذا ما عدنا الى القسم الثالث الذي أهتم بسبل المواجهة نستطيع أن نقترح مواجهة عامة تقوم على خمسة سبل: تعزيز الانتماء، والحرص على السلامة اللغوية في الكتب والمراسلات، وضرورة إتقان الناشئة جميعاً أساسيات لغتهم، واعتماد دليل "تصحيح الأخطاء الشائعة" و"قواعد تيسير الإملاء" الصادرين عن مجمع اللغة العربية بدمشق، وتطبيق التشريعات والقرارات الملزمة لحماية اللغة العربية من خطر استعمال اللهجات العامية واللغات الأجنبية، كما اقترح القسم الثالث من الخطة سبل مواجهة خاصة بجهات معّينة هي وزارة التربية، ووزارة التعليم العالي، ووزارة الإعلام، ووزارة الثقافة، ووزارتا الاقتصاد والسياحة، ومجمع اللغة العربية، واتحاد الكتاب العرب، والجمعية العلمية السورية للمعلوماتية.
الموضوع خطر وبالغ الأهمية . بغض النظر عن المقررات التي تتعلق بالفارقة العربية . فلقد كنت أقول أثناء القرائة أنه يلزم كذا موضوع للمعالجة فأجدك تذكره ولم تغفل شيء وهذا يظهر حرصا ملفتا للنظر على أهم مكون من مكونات هويتنا . شكرا لك هذا لبحث العلمي وبقعة الضوء المهمة جدا . وأكثر ما لفت أنتباهي قولكم في شرح اسباب التدني ( ازدواج منهج النحو بالقواعد وكثير منها ليس وظيفياً.)هذا واقعي وصحيح وليت المجال يسمح هنا لكنت أضفت هموما إلى ما ذكرتم من عوامل التدني والإندثار للغة العربية . تقبل مروري دكتور .
ما لم تقم أمة إقرأ بإعادة جنون القراءة لأبنائها سيواجه أي مشروع نهضوي بالغة العربية بفشل