syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
الرصاص يكفي كل البلاد 4 ... بقلم : شادي أحمد

قبل الحافة  :

نور 26 عام .. سقط شهيداً بانفجار سيارة مفخخة في ساحة باب توما

عادل  34 عام ..  شهيد آخر سقط بانفجار قذيفة هاون في منطقة الفحامة

أحمد 34 عام ..  خرج من منزله في حرستا ولم يعد

أبو خالد 56 عام .. سقط برصاص قناص في منطقة برزة ومازالت جثته في الطريق


السلامُ عليكَ يانورْ

السلامُ عليك يا صاحبي

بالأمسِ كان الطريق من (برزة) إلى ( باب توما)

معبدٌ بضحكتك

ومرصوفٌ بفوضاك

وكنت أتساءل بيني وبيني

أيمكن أن يكون الموت أنثى ؟!!

حتى يشتهيك

ما الذي رآه فيك تلك الظهيرة

حتى اصطفاك

وما الذي أغراك في الموت

حتى ذهبت  إليه ؟!!

وما الذي كان سيضيره لو استبقاك قليلاً بيننا

أنتَ الذي لم تحمّل الحياةَ إلا وسعها

وأنت الذي لم تهبك الحياة إلا كفاف فرحك

كنت راضياً بما عشت  فيه من تعب ٍ

وكنت راضياً بما سيكون

حتى أنك  لم تحمّلنا عناءَ وزنكَ الذي زاد

كنتَ خفيفاً في نعشكَ ياصاحبي

أقصد !! الذي بقي منك كان خفيف

قضينا اليوم بأكمله نبحث عن أشلائك

كنتَ كثيراً هناك .. أيها الشقي

وكانتْ أمكَ  تننظر

فاكتفينا بما تيسرَ منكَ

وكفنّاه على عجلٍ

فسامحني ..

سامحني أرجوك

..

هل ستحزنُ ياعادل

إن عرفتَ

أنّي ضحكتُ كثيراً يومَ وفاتك ؟!!

نعم ياصاحبي  .. ضحكت كثيراً

فأيُ حياةٍ تلكَ التي استغنت عن رجلٍ مثلك

وأبقت على تلك الوحوشْ !!

ومن كانَ سيصدقُ أنّي سأرثيك ياصاحبي

أنّى لقلةٍ مثلي أن ترثي كِثرةً مثلكَ

بنتْ كلب الحياة ياعادل

ياليتكَ هنا

لنضحك سويةً

يالتيك ياعادل

..

 

حينَ أخبرتني زوجتكَ

أنكَ خرجتَ ولم تعد

ضحكتُ كثيراً

وإلى الآن لم  أسألها عن السبب

تذكرتك حديثنا الأخير عن حبك للطعام

كم مرة أخبرتك أن الجوع يقتل في وطني

فلماذا لم تصدقني

لماذا ياأحمد ؟!!!

..

اليوم الخامس والأربعون

مازلتَ هناك يا أبوخالد

حيثُ أودعكَ القناصُ

ناصيةَ الطريقِ

مازلتَ شاهداً على خوفنا

لا أحدَ يجرؤ على الاقترابِ منكَ ياعمْ

فيظنُ به القناصُ ظنَّ السوءِ

ويرديه قربكَ

بالأمسِ اتصلَ بي خالد

كي يطمئنَ عليكْ

ضحكتُ في سري

وأجبتهُ أنكَ بخير

أقصدُ .. جثتكَ بخير!!

وما عساي أقول غير ذلك

أأخبره أن الكلاب نهشت نصفك ياعم  !!!

لا لن أقول

سأدعه ليحلم بك كاملاً

أخبرته

أنكَ مازلتَ كما أنت .. تلقي التحيةَ على الجميع

ضحكَ هو الآخر وقال :

الله يطمنك

..

 

صباحُ الأمهاتِ في المقابرِ

يرتبنَّ الزهرَ في إناءٍ الصبر ِ ويكّنسنَ غبار الشواهد

يثرثرن قليلاً عن الطقس ريثما

يرجعُ الأطفال من رحلة الحرب

..

 

انتّظرتهُ طويلاً عند قارعةِ الغيابِ

كانتْ تحلمُ برجوعه متعباً

فتأخذه إلى صدرها

هناك

سيرتاح من عناء الحرب ثم يبكي رفاقه

حتى الصباح

عاد ..

محمولاً على الأكتاف

هوت على صدره لترتاح من عناء الانتظار

ثم بكت

مع رفاقه حتى الصباح

..

في جيبهِ ..  خمسونَ ليرة وصورةُ طفل

على جبينهِ .. حفنةُ تراب ودمُ رفاقهِ

في صدرهِ .. بضعُ رصاصاتٍ وصرخةْ

خلفَ العدسة :

عشرةُ أشخاصٍ يشكرونَ الله

على هذا النصر

..

 

قبلَ الآن بكثير :

((بشرفي الموت أهون من هالعيشة الزفت))

الأن تقريباً :

((والله تعبنا ، والله شبعنا موت ، الله يرحم لي راحو))

بعد الآن بقليل :

الله يرحم الجميع

..

((إذا بينزلْ محمد مارح بيعا ))

تلك كانت وصية الشهيد

فـ احروسها !!

..

الذي أكلَ قلبكَ تلكَ الظهيرةْ

لم يكنْ وحشاً ضارياً

كانَ أخوك َالذي نهشتهُ الفتاوى

فاقتصَ منها فيكْ

ثم بالله عليك

هل سمعتَ عن وحوشٍ تأكل بني جنسها !!!

أمام الكاميرات

نحن وحدنا من نفعل ذلك

فمتْ بأمان

..

 

لا أذكرُ آخرَ مرةٍ قتلتُ بها

هكذا حدثني الشهيد ..

..

حزينٌ مساءُ الشامِ كصبحها

وقناصُ المدينةِ يضبطُ إيقاعَ البلادِ

ها هنا طفلينِ يعبرانِ المستحيلَ

إلى الضفةِ الأخرى

وأمٌ تطرزُ الأكفانَ للمحظوظِ بينهما

..

كم مرةً سنموتُ لتحيا أيها الوطن

كم جرحاً سننزفُ حتى يرتوي

حلمكَ اليباتْ ؟!!

وكيفَ بمقدوركَ أن تعيشَ

في عذابنا مفردا

و كيف بمقدورك أن تكمل درب الحياة

تباً لكْ .. كم نحبك

تباً لنا ..كم كرهناك

..

متَّ قبل الآن

فلا تخشى الرصاص

مت فيمن ماتوا

ومت فيمن تعذبوا

بالذين قد أحرقوا

والذي تشرودا

في نواح الثكالى مت َ

في دمعةِ الأطفال ِ

في حرقةُ المظلومِ

في صرخة الأحرار

لن يغير الرصاص من موتك شيئاً

فاسجدْ واقترب

..

خلفَ هذا الموت تنتصبُ الحياةْ

قيل للعابرينَ صوتَ الرصاصِ :

خذوا أحلامكمْ إلى آخر الليلِ وصدقوها

وخذوا فتاتَ الذكرياتْ

قد تكونُ النافذةُ بعيدةٌ ياإخوتي

لكنَ الصبحَ قريبْ

لكنَ الصبحَ قريبْ

..

لكلٍ نصيبهُ من الرصاصِ

فلا يعتدي أحدكمْ  على موتِ أحدْ

..

أن تأتي متأخراً إلى الموتِ

خيرٌ من بقائكَ على قيدِ الانتظار

تودعُ أسماءَ منْ عبروا

جسرَ الذكرياتِ العتيق

تلملم أشلائهم وتحرسها

من كلابِ الطريقِ

تقرأ على أرواحهم فاتحةَ اللقاء

كأنك

 آخر الواصلين إلى هذا الفراق

تهمس

غداً موعدنا

أليس الموت بقريب ؟!!

..

يوماً ما ستنتصرُ الحياةُ في وطني

وسيهزمُ هذا الموت

لكن كم ستكونُ خيبتي كبيرة

لو وقفت هناك وحدي

أراقص نفسي حزيناً

فوق ظلال أحبتي

يارب ماهذا النصر ؟!!

..

بين أمسٍ مضى

وغدٍ لايجئ

نحيا ببرزخٍ من عذاب

..

وأنا في غربةٍ

حتى تعودَ ياوطني

..

على فكرة !!

قليلٌ من الموتِ يكفي

ليدركَ ألطفال أنهم لن يكبروا !!!

..

لافرقَ بعد اليوم

بين عربي و أعجمي

إلا بتقوى الناتو

وسفكِ دماءِ السوريين

..

في بلادي

تتوالدُ الأساطير كل دقيقة ٍ

فترى القاتل يفرُّ من وجه القتيل

..

ياالله

كم كانتْ ستكونُ مؤلمة حياتنا

لولا فسحةُ الموتِ تلك !!

..

الوطنُ

حيٌ في صدر من ماتوا

أما نحنُ

فمجردُ قبورٍ خاوية !!

..

دمُ الشهداءِ يجري في عروقي

لأكملَ مااستطعتُ من حياة

..

ستظلُ أسهمُ الموتُ مرتفعة

مادامَ الكلُ يتاجرُ بالدماء

وستبقى أسهمُ العيشِ في انخفاضٍ

إلى أن نستحقَ الحيـــــاة

..

حتى مزابلُ التاريخ

يا هذا

أطهرُ مما نحنُ فيه

..

ثم

تصبحونَ على أمس

..

قبل قليل انتهت المجزرة

بكينا قليلاً

ثم أكملنا حديثنا عن الطقس

وفي المشهد الذي لم تلتقطه العدسة

يهمس الشهيد للشهيد

((لمن هذا الضلع ياأخي ؟!! ))

..

..

قد تصيرُ المنافي أوطانٌ مؤقتة

لكن حذار حين  يصيرَ الوطنُ منفاك !!

..

اعمل لأمسك َ

عسى أن يعود

وافرح بيومك

خشيةَ أن تعيش غدا

..

هذا الوطنُ لايملك أن يحيا

ولايجرؤ أن يموت

ونحن كما نحن

نذبحُ يومياً على وتر الاحتمالات

..

أيها الموت ابتعد

فما زالَ فينا ماينبأ بالحياة

..

الكلُ ينثر حبه

على جسدِ الوطن المباحِ

فـ يارب عفوك

متى ينتهي هذا السِفاح  !!

..

.. علاقةُ البعضِ بالأوطانِ

أشبه بزواج متعة

ظاهره ُتقوى

وباطنه شهوةٌ عمياء

..

 

منذ استفاقت الشياطين فينا

غفت ملائكة الشام

..

خروج مؤقت ..

 

صباح حمص

تمشط شعرها فترتبك  المدافع

..

صباح دمشق

تلقنُ الموتَ فصل الحياة

..                  

صباح إدلب

تكررُ الزيتَ في خوابي الأمل

..

صباح حماه

تَغسلُ العاصي بدم الشهيدِ

..

صباح الرقة

تهجنُ الموتَ كي يحرسَ القطيع

..

صباح حلب

تعلنُ الفجرَ إلى يوم القيامة

..

صباح درعا

تعلّم المحالَ فن الخضوع

 

صباحُ غربها والشرق

صباحُ شمالها والجنوب

 

عند الحافة :        هذا ليسَ كلْ قهري هذا مااستطعتَ أن أكتبهُ فقط ْ

 

2013-07-12
التعليقات
شادي أحمد
2013-07-17 22:25:30
زهية بيطار
أهلاً بك سيدتي .. ترقص الحروف على إيقاع حضورك فكوني قريبة لأجلها .. أشكرك كثيراً

سوريا
زهية بيطار
2013-07-16 12:30:25
الأستاذ المحترم شادي أحمد
ماذا عساي أن أسمي ما أبدعه قلمك ؟ هل هو حالة وطن ؟أو أسميه آلام وطن؟ أم عساي أسميه مخاض عسير ؟ ماذا وماذا وماذا وكل العبارات تنحني أمام معاناة هذا البلد الجريح الذي يذبح كل يوم بألف خنجر , أبكيك ياوطني وقد جفت الدموع ولم يبقَ سوى الآه التي نزفرها في كل يوم ألف ألف مرة ,شكراً لأبداعك ,تقبل مروري

سوريا
شادي أحمد
2013-07-13 21:08:00
عبد الوهاب شرينة
هي كذلك ياصاحبي دون أدوات مساعدة ودون تجميل فلا شيء بإمكانه تجميل هذا القبح الذي نحيا فيه فأردتها عارية من القلب إلى الورق أشكرك مرورك ..

سوريا
شادي أحمد
2013-07-13 21:04:56
الرائع محمد عصام الحلواني
مرحباُ بك سيدي ومرحباً بي عندك ، يطيب لي مرورك دوماً ويشرفني كثيراً ، اشكرك أشكرك جداً

سوريا
شادي أحمد
2013-07-13 21:02:53
سورية دبي
سيرحل قريباً أيتها الصديقة فأغلب الظن أنه لم يعد يحتمل قرف العيش بيننا

سوريا
سوريه دبي
2013-07-13 11:16:24
للاسف
قليلون حول الوطن..وكثيرون حول السلطه..

سوريا
عبد الوهاب شرينه
2013-07-12 23:50:49
كلمات بطعم الألم
كلمات نابعة من القلب لقد تم تفريغها على الورقة مباشرة بدون المرور بأية أدوات مساعدة لا قلم و لا أنامل. فعلا معبرة جدا من وحي الواقع.

سوريا
محمد عصام الحلواني
2013-07-12 13:34:48
الأستاذ المحترم شادي أحمد
إن كان هذا بعض قهرك أستاذ فبماذا ملئت جعبتك . لك الله ما أبرع التصوير . ولك الله ما أصدق التعبير . لقد أبكيتني والله . لك الله سوريا وليس لك سواه .ستعود الحياة بعد أن تنفض غبار الموت عن كتف سوريا من جديد . فنحن الفينيق يا صديقي ولا بدلنا من الإحتراق أولا . تقبل مروري

سوريا
سوريه دبي
2013-07-12 08:14:02
ايها السوري متى يستيقظ الانسان في ذاتك؟
أيها الموت القبيح ..متى ستحمل منجلك الاسود وترحل عن وطني....؟

سوريا