syria.jpg
مساهمات القراء
قصص قصيرة
كل صيام وأنتم بخير ...بقلم : محمد عصام الحلواني

دخل البيت والعرق يتصبب من جسده وجبهته . وكانت العروق تبدو منتبجة . وصارخة في وجهه تكاد تنفجر . ألقى بنفسه على الأريكة . وأرخى رأسه إلى الخلف . وجلس يلتقط أنفاسه من شدة التعب والإعياء .


ركض أطفاله نحوه يهللون لمقدمه . فربما كان في جعبته بعض الحلوى كالعادة . عانق ابنتيه الصغيرتين وهو يقول : بابا كلي عرق لا تؤاخذوني رائحتي ليست جيدة . أجابت الفتاتان . بضمه إلى صدرهما وشم رائحته الزكية . ومسحتا الماء المتقاطر عن وجهه بيديهما الصغيرتان . هذه تسأله عن الأكلات الطيبة . والأخرى تقول له هل جلبت ما طلبته منك .

 

بعد أن التقط أنفاسه . بدأ يحكي عن أسعار المواد الغذائية في السوق . وأنه اشترى بعض الأشياء التي كان يشتريها بمبلغ خمسمائة ليرة سورية .اشتراها الآن بمبلغ ألفين وخمسمائة ليرة .وهي كيلو واحد من الجبن ونصف كيلو لبنة وعلبة حلاوة صغيرة وقالب زبده .

ورسم على وجهه علامات تقول : أنه أنفق ما كان يملك من مال ولم يعد معه ما يكفيه للغد .

وكان الرعب يملآ قلبه من الغد الأتي بما لا يعلم .

 

وعند المساء كان أطفاله يلعبون في البيت والضجيج يملآ المكان . أقبلت نحوه أحداهن وقالت : بابا لماذا لم يعلن شهر رمضان عن قدومه كالعادة . فأنا لم أسمع صوت المدفع الذي يثبت أن غدا يوم صيام في دمشق كالعادة . ؟ .

قالت : بلى سمعت أصوات مدافع و ( أنبجارات .. على طريقتها في الكلام ) أنفجارات  كثيرة . ولكني لم أميز بين مدفع شهر رمضان وبين الأصوات الأخرى . لم اعرف ! . قالت هذا وهي تدلي شفتها السفلى وتهدل عيناها الرائعتان في علامة على الاحتجاج الطفولي  والحزن ...

 

حار الوالد فيما يجيب طفلته وقد انضمت أختها لها في  الاحتجاج والمطالبة بتفسير وقالت : كان يجب أن يتوقف صوت ( الإنبجارات ) ريثما يعلن مدفع العيد عن شهر رمضان ثم فليفعلوا ما يشاءون بعدها . ! أليس كذلك ؟ .

قال الأب : نعم يا صغيرتي معك كل الحق أنت وأختك .

لو أن الجيش أعلن هدنة لما بعد العيد لأجل الأطفال هل سيتجاوب الطرف الأخر معه ؟ .

 

وهل سيتحضر الطرف الأخر لمزيد من احتلال الأراضي والجرائم  خلال الهدنة . وسيمارس مجلس الأمن نفاقه كالعادة وتضليله وكيله بمكيالين غير نزيهين ؟ ..

وكانت الأفكار تتوالى على رأس الأب المتعب وهو يراقب طفلتيه ويقول : كيف أشرح لهذه الملائكة الصغار ما يحدث . وهل سيذكر التاريخ صراحة ما كان يجري . ؟ . أم أنه سيسيس كالعادة لصالح قوة ما ؟ .

 

فالحسين قتل ظلما على يد يزيد بن معاوية . ونحن نقول سيدنا يزيد قتل سيدنا الحسين . ولعمري ما زال الحسين يقتل كل يوم ألف مرة .

قام فهللت الطفلتين لمقدمه إليهما فهما تعشقان لعبه معهما . وخاصة لعبة الحمار والسائس . فامتطاء ظهر الوالد متعة ما بعدها متعة .

 

كل شهر رمضان وأنتم بخير ..

دمشق محمد عصام الحلواني في 10/7/2013 م . الأربعاء الساعة الثامنة صباحا . أول يوم صيام من شهر رمضان المعظم ..

2013-07-18
التعليقات
عهد ابراهيم
2013-07-18 23:25:18
كل عام وأنت بألف خير
كل عام وأنت بألف خير وإنشاء الله تكون الأمور أفضل في رمضان القادم .

سوريا
جوانا
2013-07-18 22:54:59
رمضان كريم على كل السوريين
من كان بنعمه ولم يشكر خرج منها ولم يشعر...

سوريا
طـــــــيف
2013-07-18 17:34:07
كلمات في صميم الجرح
كلمات جميلة لم تكن مجرد قصة قصيرة بل واقع مؤلم لشعب بأسره مع حلول هذا الشهر المكرم الذي لم يعتد السوري على دخوله بهذه الطريقة الشكر الجزيل لك استاذ محمد على هذه الكلمات ولو انها تزيد جروحناا نزيفاا كلما نتذكر ما نحن فيه وما كنا عليه حمى الله سوريا ارضا.. وشعباا وازال الله هذه الغمامة السودااء من فوق هذا البلد الطيب

سوريا
م فواز بدور
2013-07-18 14:12:47
الاستاذ محمد عصام حلواني الرائع
نعم يا صديقي هو رمضان الحزين المتعب القاسي ولا أجد ما أعبر به بعد قراءة كلماتك الرائعة إلا أن أطلب وبصوتي المبحوح " من أجل الطفولة عد لنا رمضان يا رمضان "

سوريا
afjsa1
2013-07-18 08:36:48
نهاية الأمر خير من ألف هدنة
أخي العزيز عصام...المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين وبعبارات العوام ( أعزهم الله ) يللي بجرب مجرب بكون عقله مخرب ... فيما مضى أتت لجنة السيد الدابي وتقررت الهدنة وعلى ما أذكر بأحد أعياد الأضحى لنفاجىء بأنه في ذلك اليوم ولعدم إمتثال الآخر بذلك تراجع الجيش العربي السوري مئات الأميال إن لم نقل الآلاف بالمفهوم العسكري، لتمتد الحرب شهور أخر وكله على حساب الشعب، نريد الحرب أن تنتهي إلى غير رجعة لإعتقادي بأن الآخر يعرف تماماً من أين تؤكل لحم الكتف ويعمل على ذلك...ودمتم سالمين!

سوريا