تعود للمنزل بعد أن تكون قد أنهيت يوماً مؤرقاً في العمل يشبه الكثير من الأيام التي تمر....
و يوماً بعد يوم يزداد بؤسك وإحساسك بأن الأمان بين كل أولئك الناس قد فُقد ....
و تشعرَ بأن العالم الذي تعيش فيه ضرَبه الجنون وسادت فيه الوساوس و تدنت فيه القيم ....
و قد اختلطت الأفكار وتشوهت المبادئ....
تحاول أن تجد لنفسك - إن أمكنك - ولأولئك ممن تعتقد أنهم يبادلونك الأفكار و الظروف مكاناً وسط ذلك الزحام وبين تلك الفوضى العارمة التي تعصف بالمكان.
تحاول أن تنحت في الصخر و تطوع الظروف وتكسر الحواجز و تبدد الكآبة و تبعثر الدفاتر القديمة لتقول لها نحن أبناء الحياة ....من أجل أن تستمر ويستمروا .
لكنهم يشوهون الصورة ويعكسون المرايا ويلتمسون السراب ولا يرون إلا ما يشتهون وما أملته عليهم أفكارهم السوداوية
و تبدأ رحلة الهذيان و تبعثر كل ما تم ترتيبه و تبدأ الترهات تتسلل شيئا فشيئا إلى عقلك دون أن تكون مغرماً بها .
مهلاً مهلاً....
أنا ما خُلقت لأجعل من ترّهاتكم تأخذ الجزء الوفير من عقلي وتفكيري
أنا ما وجدت لأحرق الحصاد بعد أن زرعت كل سنبلةٍ منه بحسرة وزفرة
أنا لن أضيّع ما تبقى من عمري في سماع نعيقكم الذي لا ينتهي
لن أعيش الحياة إلّا كما أحب ليس كما تشتهون وتتخيلون
سأجعلها أبسط مما تتهمون و تنعتون و ستكون أنقى مما تَشُوبون و أرقى مما تتعاملون
يقولون إن الشمس تتوقف أحيانا في مجراها لكي تستمع إلى غناء فتاة شابّة
و لو أننا بالبكاء والضحك والغناء نستطيع خلق قانونٍ قادر على إقامة النظام فوق الفوضى
لو أن الصوت العذب في أعماقنا يستطيع أن يُطفئ أو يَطغى على الهدير والدمدمة و لكنها تمنيات كلها تمنيات فهيهات؟
لذا.... لن أذرف الدموع بعد اليوم في سبيلكم ولأجلكم ومن قسوتكم التي تظهرون.
وعذراَ ....
ما عدت احتمل اتهاماتكم الباطلة و سوداوية أفكاركم و أمزجتكم العفنة وطبائعكم العكرة .
عذرا ....
ما عدت أرضى أن أكون سنداً لكم في أحزانكم عندما ترغبون و يغيب ذكري و تنسوني عندما تُسرّون
أنا لست ككل النساء أنا من الأرض نهضت و جذوري ممتدة فيها وأعطتني من عنفوانها وما بخلت ....
و من وراء التلال مع الشمس أشرقت منحتني النور والدفء الذي لا ينتهي....
و تعاهدتُ والليل أن أحرس ما تبنَّيت وما بنيت و ما أُنهكت يوماً....
و مع العصافير غرّدت علمتني أنني مهما حلّقت و أبعدتني المسافات لن أنسى وسأعود إلى العش الذي وُلدت....
و من بين الزهور أورقت و حمّلتني الطيب و العنبر....
وبنتُ فلاحٍ كبُرت زادي الخبز والزيتون وما يوماً تذمرت ....
فمهلاً مهلا.... وعذراً عذرا.... أنا لست من عالمكم ولا أنتم من كوكبي و لن أُمتثل أمامكم أو أمثلكم ولن أسمح لأحد أن يسرق الشيء اللطيف الذي أملك .
كسّروا كل الأبواب والنوافذ و حطّموا كل الأواني و مزّقوا كل تلك اللوحات الجميلة التي رَسمتْ ودنسوا كل شيء كل شيء فأنتم قادرون....
لكنكم لن تستطيعوا أن تنتزعوا مني الشيء الذي احتضنته في أعماقي و نمى وكبر في ذاكرتي ولن تمسوه بسوء فهو لي وحدي سأمنحه لمن يستحق بإرادتي ولن أشارككم فيه أبداً ....فهنيئاً لكم وساوسكم وهنيئاً لكم ترهاتكم ..........وتصبحون على... وفاق.
بوح نقي من شوائب وترسبات التأثير على الفكر السليم فلقد سطرت كلماتك بعفوية وصدق واضح جدا وبعيدا عن القيود . أرى هذه الشقشقة انفلات من قواعد وحدود رسمت لنا لنسير داخلها كالأنعام . بورك القلم المبدع . تقبلي مروري
كلماتك الرائعة والمليئة بالأبعاد الروحية القريبة من الوجدان الانساني هي بمثابة الجواهر البراقة التي تسحر كل من قرأها واني رأيتها كالسهل الممتنع أرجو من الله أن يوفقك في المزيد من التألق والعطاء و إتحافنا بالمزيد من هذه الدرر النفيسة التي تأسر العقول والأرواح