يسكن مقهى الروضة الدمشقي في شارع العابد الآتي من ساحة السبع بحرات ، ويركن إلى جانب زاوية تشكل مفترق طرق بالقرب من بناء البرلمان السوري العريق ، ويجلس بوقار وسط حي الصالحية العتيق في قلب دمشق القديمة ، يتربع بارتياح في حضن أسواق جميلة وقديمة ، يبدو فيها المارة وكأنهم من أهل جنة النعيم يتنزهون ويتسوقون ويقضون وقتاً ممتعاً لأجل حياة أبدية وسعيدة .
يقف مزهواً مرفوع الرأس ليحيي قاسيون المطلّ على دمشق ، والذي يرتقي فتسمو نفسه حين يصعد الجبل ليمارس رياضة وربما طقوساً عهدها منذ زمن ، فيبدو أشبه بسيزيف في الأسطورة اليونانية لكنه يختلف عنه بأنه هو من قرر الصعود إلى أعلى الجبل بمحض إرادته فكان حراً باختياره ، وما أن يصل إلى قمته حتى تراه شامخاً ثابتاً صامداً ، يطل مطأطئاً رأسه كل يوم ، رافعاً ساعديه إلى أعلى حتى تطال السحاب وربما تتجاوزه ، ملوّحاً بكلتا يديه كما يفعل قائد منتصر قادم من المعركة للتو ، ومحيياً بطلعته البهية وجبهته العالية وجبينه الشامخ عاصمة توغل في التاريخ ، تنبعث كل يوم من جديد وتشرق كما الشمس الساطعة ، وتقوم بنشاط منقطع النظير ، لتبدأ عملها بصدق وتمكّن واجتهاد فتبلغ المجد الدائم وتجد ما تريد ، يقف قاسيون هذا من غير خوف أو جزع بإباء وقوة غير هيّاب من أحد ليحاكي دمشق الروح والجسد ، يطل صباح مساء
منذ أن وقعت قصة قابيل وهابيل حيث الـ (دم شق) طريقه هناك - فيردّ التحية بأحسن منها ، قائلاً لها السلام عليك ومنك ولك ولأجلك ، أما المقهى – موضوع حديثنا - فتجده منسجماً مع محيطه هذا الذي تكلمت عنه ، لأنه يعيش هذا الجو منذ أبد الآبدين بالوقت الذي لا يكترث فيه لازدحام الناس من حوله ، والذين يظهرون كأنهم في يوم الحشر ، لكن أساريرهم المنفتحة وتألق عيونهم وبياض وجوههم ، تدل على أنهم سيأخذون كتابهم بيمينهم بعد أن تجاوزا المرور بالصراط المستقيم ، فيشعرونك بأنهم الآن في طريقهم إلى الجنة ، يسيرون نحوها بعد أن توضؤوا من ينبوع يستند إلى جدار مزين بالرخام وسط السوق التجاري ، من لم يشرب ماؤه (بطاسات) جوز الهند لا يعرف دمشق ، فهي وماؤها فريدان بالذوق والتذوق ، وبعد الوضوء صلّوا في مسجد الحي الذي سمي بالصالحية لكثرة الصالحين في هذا الحي ، وتابعوا طريقهم باتجاه الجادّات مقر سكنهم ليرتاحوا بعد عناء يوم متعب لكنه جميل .
هذا المقهى يسحر قاصده ويبهج الزائر رحابه ويجلب القاصي والداني نحوه ، يلم المجتمع المدني بألوانه وأطيافه ، هو ملتقى المثقفين بتنوع ثقافاتهم وتباين آرائهم وسخونة حواراتهم ، وموئل السياسيين مع اختلاف وجهات نظرهم وبغض النظر عن انتماءاتهم ، هو مهرجان لعرض الأزياء الشعبية والرسمية والدارجة ، ومعرض للتراث والأصالة التي تظهر بمجمل مكوناته ، ونموذج للبيوت الدمشقية المبنية بفن ومهارة وإتقان صنعة ، تفوح منه رائحة الورد الجوري الشامي وينتشر فيه عبق الياسمين الدمشقي ، وتبتهج ألوان الطيف فيه ، على خشبة مسرحه الوطني يعرض مرتادوه وهم يروحون ويجيئون مسرحية احتفالية عنوانها بانوراما دمشقية ، أما نرجيلة التنباك أو المعسّل فتجعلك إن أخذتها مكيّفاً دون إدمان ، وطعم الشاي الخمير الذي وإن لم يسكر محتسيه فإنه يجعله مدمناً على تذوقه ، وفي مشروب القهوة كافئين مختلف فعله وأثره يجعل الذهن متحفزاً للإبداع والتعقل والفهم العميق ، وينطلق لسان حال الجميع ليعبر كل شخص عما يجول في خاطره من أفكار وعما ينتابه من مشاعر ليحقق التواصل مع الآخر ويتلاقى معه في محبة الوطن وتحت علمه .
إنه واحد من الأماكن المحببة إليّ حيث أرى عندما أقصده كثيراً ممن أحب ، ألتقي فيه مع رفاق وأصدقاء وزملاء ، يعجبني بكل مكوناته ويبهجني رؤية زواره ، أرتاده كلما فرحت وحزنت ، إن كنت متعباً أو مرتاحاً ، وعندما يكون لدي وقت أو لا يكون ، ومتى كان الزمان والوقت ، مع عائلتي وبدونهم ، هذا المقهى جميل ورائع .
وصف رائع لواحد من بيوتات دمشق القديمة . ومحيطه وما يطل عليه . وقدأجد العشق باديا بينكم وبين المكان . لقد زرت هذا المقهى مرتين ولم أرى ما وصفتم حضرتكم وهذا قصر نظر مني وسأزوره قريبا لقرائة ما وصفتم من جديد بعين دمشقي أصيل . لك ترفع القبعة احتراما تقبل مروري
عنجد شي بجنن شكرا اخ علاء وشكرا لمقهى الروضة والله ايام وان شالله رح ترجع يا شام وياكل سورية الحبيبة
مقهى الروضة بكل كادره من ادارة وموظفين يوجه لكل زبائنه وزواره الف الف باقة من الياسمين الشامي الاصيل .