syria.jpg
مساهمات القراء
خواطر
العيد أيام زمان ...بقلم : علاء الدين مريم

بأي حال عدت يا عيد ، الحمد لله على كل حال ، ولا يحمد على مكروه سواه ، فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ، عندما بدأ التهليل للعيد انتباني شعور غريب كأيامنا التي نعيش ، أرجعني إلى عيد أيام زمان ، وأعاد ذاكرتي إلى نشاطها بعد أن أصابها العتك بتأثير ما يجري من وقائع وأحداث لا يمكن تصديقها حتى وإن رأيتها بأم عينيك ، لأن الغشاوة لم تصب الأعين فحسب ، بل تجاوزتها إلى القلوب التي ختمت وطبعت وربطت فأصابها المرض والزيغ والريب والغيظ والقساوة ، فأنكرت وتلهّت وابتعدت عن الوجل والألفة والطمأنينة والتسامح والمحبة .


 كيف كنا وأين أصبحنا في العيد ، ربنا أنزل علينا رحمة تكون لنا عيداً واكتب لنا قدراً يعيد الفرحة والبهجة والبركة إلى العيد فيعم الخير على كل صعيد ، اجعل عيدنا كليلة خير من ألف شهر سلام هي حتى مطلع الفجر ، المجد لك في الأعالي أن تجعل في الناس المسرة وعلى الأرض السلام .

 

ربي اغفر لي ولوالدي ربي ارحمهما كما ربياني صغيرا ، هذا هو العيد الأول يأتي علينا بعد وفاة والدي ، وكانت أمي قد سبقته إلى رحمة الله ، زرت قبرهما وقرأت الفاتحة على روحهما ، تذكرتهما وحسن صنيعهما في العيد جملة وتفصيلاً ، حضرا بإرثهما الذي تركاه ، صدق ومحبة وعطاء وكرم وطيب أخلاق وتربية إن شاء الله تكون صالحة ، معهما كان للعيد طعم آخر ولطقوسه نكهة خاصة ، كان أبي يصرف كل ما يدخره خلال العام بمناسبة العيد ، ويوصينا بزيارة الأقارب وبصلة الرحم وكانت أمي تلمنا حولها صباح العيد ، كنا نحضر جميعاً لا يغيب أحد منا مهما كان ظرفه ، تبتسم بوجهنا وترضى علينا وتخص كل منا بإطراء يناسبه ويليق به ، أما جدتي فتعطينا العيدية بضعاً من قطع النقود من فئة الخمسة قروش أو الفرنكات لونها ذهبي مفرح ومبهج وقيمتها تعادل كل ما نحتاجه من مصروف العيد ، وجدي لا طعم للعيد عنده بلا راحة الحلقوم الممسكة والمعطرة والتي لا ينسى طعمها ، يوزع علينا الملبس بالسكر طيب المذاق ويوصينا ببر الوالدين ، جدتي الأخرى كانت تطبخ (المغربية) التي فتلتها بيديها ومعها (اليخنة بالمرقة) وتدعونا لغداء دسم يبعث فينا الحيوية لمتابعة نشاطاتنا المتنوعة والجميلة في بقية أيام العيد ، كثيرة هي المواقف والأماكن والأشياء والأوقات والأشخاص التي لا تنسى وتذكرني بالعيد  أيام زمان .

 

ما أجمل أن تعود علينا أيام العيد ونحن أكثر قدرة على فعل شيء مفيد لأجل مستقبل أولادنا ، وما أجمل أن نعود إلى تربيتنا وقيمنا وعاداتنا وتقاليدنا الأصيلة والثمينة لنتعلم منها دروساً في محبة الآخرين والتواصل معهم لأجل أن نعيش الحياة بسيطة وعفوية لكنها غنية وزاخرة وذات معنى كبير .   

2013-08-18
التعليقات
محمد عصام الحلواني
2013-08-18 12:26:49
الأستاذ المحترم علاء الدين مريم
لك الله استاذ لقد ارجعت لنا ذاكرة جميلة .وفتحت باب المقارنة على مصراعيه كيف كان العيد وكيف أصبح يتيما خائفا . لك ترفع القبعة احتراما

سوريا