اذا كنت أعشق التسكع في أزقة دمشق القديمة فمن أنا؟
اذا كنت أعشق اللغة واللهجة الشامية فمن أنا؟
اذا كنت أعشق البيت الشامي والذي تفوح منه رائحة الياسمين الدمشقي فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الوصول في كل مرة أزور بها دمشق الى حي القنوات والشاغور فمن أنا؟
اذا كنت أرمي الحقائب باحدى غرف الفندق عند وصولي دمشق لكي أتجه مباشرة الى القيمرية وباب توما فمن أنا؟
اذا كنت أعود من باب توما فقط من أجل الدخول من باب السلام والعمارة فمن أنأ؟
اذا كنت أعشق النزول من على درج المسجد الأموي محاذيا لمقهى النوفرة والولوج الى القيمرية ثم التعمد بالتيه والضياع من أجل أن أجد نفسي بزقاق المصبنة فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الوصول الى باب مسجد الدرويشية فقط من أجل أن أتجه بنظري شمالا لالقاء تحية الصباح على ساحة الحريقة والجالسين فيها فمن أنأ؟
اذا كنت أعشق قراءة كل معلومة مركونة على كل باب من أبواب سور دمشق فمن أنأ؟
اذا كنت أعشق دخول الحميدية من البداية الى النهاية ثم الولوج من سوق القباقبية والاتجاه يمينا وولوجا بسوق البزورية ثم الباب الصغير فقط من أجل الوصول الى دوار البيطرة ومن ثم الوصول الى باب كيسان وباب شرقي فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الوصول الى بوابة دمشق القريبة من التكية السليمانية فقط من أجل النزول بمحاذاة نهر بردى الحزين فمن أنا؟
اذا كنت ابحث ولازلت منهمك بالبحث عن تتبع مسار سور دمشق وكذلك نهر بردى فمن أنا؟.
اذا كنت أعشق الذهاب الى دمشق شتاء فقط لاحتساء فنجان القهوة في ذلك المقهى بمحاذاة باب شرقي والذي كان يجلس فيه الفنان باسم ياخور بانتظار الفنانة نسرين طافش وهي بذلك المحل في الاتجاه المقابل في مسلسل جلسات نسائية فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الوصول الى احدى بوابات جامعة دمشق لكي أسترق النظر وأحاول أن أتعايش مع ضحكات وحياة الطلبة شباب وصبايا فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الذهاب بعد العصر للتسكع في شارع الحمراء مرورا بساحة عرنوس الى جادة الجسر الأبيض والصالحية فمن أنا؟
اذا كنت أعشق صوت النرد والأرجيلة وطقطقة فناجين القهوة بمقهى الروضة أو النوفرة فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الصحو باكرا(علما أنني لا أشاء النوم أساسا) فقط من أجل مشاهدة وسماع ضحكات الطلبة وهم ذاهبون الى مدارسهم بتلك الباصات الملونة فمن أنا؟
اذا كنت أعشق البحث عن أية مدرسة حتى يتسنى لي العودة باليوم التالي وصباحا فقط لمشاهدة الطلبة واقفين بمهابة لتحية العلم والسلام الوطني السوري فمن أنا؟
اذا كنت اعشق الذهاب صباحا الى حديقة السبكي والمدفع فقط لمعايشة جو افطار الصباح مع تلك العائلات فمن أنا؟
اذا كنت لا زلت أحتفظ بتلك الصفحة من كتاب اللغة العربية للصف الثاني الابتدائي للشاعر السوري الراحل سليمان العيسى :
يا الهي يا الهي يا مجيب الدعوات اجعل اليوم سعيدا وكثير البركات فمن أنا؟
اذا كنت لازلت أبحث عن محل ملابس الجينز : (حنا صليبا ) لالتقاط احدى الصور بجانبه فقط لأنني كنت أتغنى أمام رفاقي بالمدرسة وباللهجة السورية باعلانه التجاري والذي لازلت أحفظه عن قلب:
شوفوا شوفوا شو جبلا خطيبا هدية من حنا صليبا حنا صليبا يا حياتي عنده جينز لكل اخواتي فمن أنا؟
اذا كنت قد سطرت بقلب مذكراتي المدرسية ذلك الاعلان التجاري لشيبس لذيذة(لزيزة):
بوسة لبابا بوسة لماما بوسة لجدو بوسة سنيورا تيتا بدي لزيزة بابريكا كاتشب بيتزا لزيزة طيبة وهمهمهمهم
لا لا زي زي زة زة شيبس لزيزة فمن أنا ؟
اذا كنت لازلت أحتفظ ببقايا من غلاف لعلكة كلاس وكذلك زجاجة مندرين فارغة والقليل من بن زرزور والمتة وجوزة المتة وغلاف من سيرياتيل وام تي ان فمن أنا؟
اذا كنت أهرب من المدرسة وانا لازلت بالصف الرابع فقط من أجل متابعة برنامج طلائع البعث باغنيته الحبيبة :
جينا جينا بأمانينا نبدع فجرا بأغانينا نحلم بالايام الأحلى والمستقبل في أيدينا يا هلا يا هلا يا هلا هيييه
نمضي نمضي للمستقبل ندرس نحفظ نبدع نعمل يا وطني أبدا لن نقبل الا الأول في مواقعنا يا هلا يا هلا يا هلا هييه
فمن أنا ؟
اذا كنت لازلت أبحث بين ثنايا كتب التاريخ والانترنت عن تاريخ الملكة زنوبيا والذي كنت قد دونت بعضا من قصتها عندما كنت أشاهد ذلك المسلسل السوري والذي كان يعرض على شاشة التلفزيون الاردني في شهر رمضان : الموت القادم الى الشرق وأنا لازلت بالصف التاسع فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الذهاب الى دمشق في رمضان فقط من أجل أن أسترق النظر وأعيش حياة الدمشقيين والسوريين الرمضانية فمن أنا؟
اذا كنت أعشق التسكع في كل ساعة وفي أي مكان من دمشق لأتعايش مع حياة الناس من كل جانب:تارة طلبة المدارس وتارة طلبة الجامعة وتارة حياة الموظفين وتارة الحياة ما بعد العصر من صولات وجولات أو احتساء القهوة باحدى المقاهي او على البلكونة فمن أنا؟
اذا كنت اعشق الذهاب الى دمشق في رمضان فقط من اجل تناول طعام الافطار بالمسجد الأموي ومعايشة ذلك الجو الرمضاني جو الابتهالات الذي كنت ولازلت اعيشه عل أثير شاشة التلفزيون العربي السوري قبل الافطار بدقائق فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الذهاب الى دمشق في العشر الأواخر من رمضان فقط من أجل التسكع في أسواق دمشق القديمة لمعايشة اجواء التحضير للعيد حيث أتذكركيف وقفت بالبزورية أسترق النظر الى احدى السيدات الدمشقيات المسنات وهي تسأل البائع عن أسعار الشوكولاته والتوفي والملبس وكنت قد اشتريت نفس الكمية والنوع الذي كانت قد اشترته فمن أنا؟
اذا كنت أعشق دخول باب سريجة جيئة وذهابا فقط من اجل مشاهدة المعروضات وبالذات الاسماك والمعلبات فمن أنا؟
اذا كنت اعشق الجلوس في النوفرة او نعنع او الروضة فقط لتدوين نشاطي اليومي في دمشق الحبيبة فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الصعود الى قاسيون والذي توج بسبعة مرات فقط من أجل مشاهدة احدى رحلات طلبة المدارس والتي بالفعل شاهدت احداها وكان ذلك بالمرة الخامسة عام 2009 فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الوصول الى ساحة يوسف العظمة فقط لالقاء السلام على القائد الشهيد فمن أنا؟
اذا كنت أعشق الذهاب الى بلودان والزبداني فقط حتى لا تفوتني فرصة للشرب من مياه بقين فمن أنا؟
والماء يبدأ من دمشق فحيثما أسندت رأسك جدول ينساب
والدهر يبدأ من دمشق وعندها تبقى اللغات وتحفظ الأنساب
لنا لقاء قريب يا دمشق