news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
صور من الأزمة ...بقلم : مرح العرنجي

طلاء أظافرها الأحمر لا ينفع للبهرجة بعد، بل حملته أصابع تمسح الدموع من العيون التي رأت نفسها بمشهد النجاة من مجزرة، والضحايا حولها من كل الجهات. يداه المتشققتان من أعمال الحقل، لم تعد تجني محصول تعبها، بل جنت طفلته ذات الأشهر مفارقة للحياة. حجابها الذي تشبثت به وهي تروي قصتها للعيان، لم يعد وسيلة للحشمة، بل لفضح عهر واقعها.


مقهى الجامعة، لم يعد مكان لقاء الأصدقاء بعد المحاضرات، ولا مكان احتساء القهوة الرخيصة، بل هو مكان رشف ذكرى آخر رؤية للزملاء الذين رحلوا نهائياً ولا مجال للقائهم مجدداً ولا مجال لمعرفة كم من القهوة ارتشفوا بآخر لقاء لهم، فمزيج الدم والقهوة، يذكرك أن الرشفة الأخيرة من عمر الكثير من الشعوب يمكن أن تكون أفضل مشروب لمجهولين أو شبه مجهولين لا يمكن للكرامة أن تفضحهم.

 

سلم حجري صغير ذو الخمس درجات، لا يمكن أن يستخدم مقعداً عشقياً بعد، أو زاوية لالتقاط قبلة بريئة قبل النزول إلى الشارع، فحجارته كسر بعضها، والذاكرة تنسف كل مشاهد الغرام وتبقي مشهدها الأخير الدامي، وكل مار من أمامه يتساءل، ترى هل كان المفقودان عشاقاً أم لا؟

 

سيارة بلون السماء التقى عند أحد جوانبها لون النفط ولون الدم وسالا معاً، تحت سمائهم الزرقاء، مشهد عربي اقتصر بحطام هذه السيارة.

بألوان قوس قزح، قمصان وأثواب، ارتصفت بعضها بجانب بعض، لا لتلعب معاً ولا لتنتظر العيد، بل لتتوارى في قبرها الجماعي، بعد أن يصورها مجرم ليصفّي به غريمه المجرم.

 

طلاب ينتظرون بمدخل مدرستهم في منطقة ساخنة، لا لكسر القواعد ولا من مدرّسة تمنعهم، فالمدرّسة تقف خلف الباب لا للتأنيب، بل لتعرف كم من الطلاب نزح، وكم منهم رحل، وكم منهم أنهى دراسته قسراً، بعد أن ينهي الأطفال تفقد بعضهم بعضاً والدخول مع رنة جرس بداية الدرس، ليجبر كلاً منهم على التفكير بدرس وطنهم.

 

ظلام وشتاء وشاب وفتاة، يركضان معاً والصوت يعلو، لم تكن ضحكتها التي تعلو بل بكاؤها ونواحها، لم يكونا عاشقين، بل قد يكونان مشروع عشق خائف مفلس، أو قد تكون مشروع عاهرة، فهي التي خرجت راكضة من بيتها الذي يهدم، إلى الشارع، وهو الذي يبعدها عن المكان لتتأكد أنها بخير، ولكنه لا يضمن لها إلى متى!

 

كأس من الشاي أمام باب البيت، وتحيات تؤدى، وصورة بيد الوالد، هي لم تكن صورة عروس لابنه، فما من رد على تحيات الجيران، والجلوس لمنتظر ينتظر ابنه الذي بعمر الزواج المخطوف من سنتين، يخاف أن ينسى صورة ابنه، فيطالع صورته كل خمس دقائق. شباب ناضج يسهر في مقهى دمشقي، لا لينشد الشعر ولا ليحلم ويطمح، بل لينتظر، أن تكون الحياة في سورية صالحة للشباب، وصالحة للإنسان

 

2013-09-14
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)