news edu var comp
syria
syria.jpg
مساهمات القراء
عودة إلى الصفحة الرئيسية
 
الأرشيف
أرشيف المساهمات القديمة
قصص قصيرة
المواطن ... والقداحة العجيبة ...بقلم : أسد عبد الكريم القصار

.. في هذا الزمان .. ذات يوم بائس من أيامنا في سوريا .. في مساء  باهت من مسائتنا ..  في غرفة حقيرة  على احد أسطح الأبنية في دمشق .. استعصى النوم على المواطن ..  كم الأفكار  والاديلوجيات والاطروحات والوقائع والشخوص التي تدور في عقله لتطحن خلاياه الدماغية دون أن يصل إلى  ضالته ... ثورة , نظام , حصار  , لاجئين , قصف , سكود ,هاون , نصرة ,قاعدة ,  شبيحة ..كيماوي , حزب الله , جيش حر,  جيش الإسلام , جيش الكفار  ,جنيف1 ,جنيف2 , قدري جميل !!!... الكهرباء مقطوعة , الماء مقطوع , الإنسانية مقطوعة , حتى الهواء يبدو انه مقطوع


حينها قرر المواطن أن يشعل سيجارة , عل الأفكار تنتظم مع دخان التبغ .. اخرج علبة السجائر من جيب قميصه ,

فتحها , وتناول السيجارة  الأخيرة بإصبعيه ... تفقد جيوبه ... أين القداحة ؟ (المواطن يسال نفسه ) ..

ويبدأ المواطن رحلته المقدسة للبحث عن النار ... ليخوض مغامرة بحثية بين كراكيبه وأكياس القمامة وعلب السردين

الفارغة والأوراق المتناثرة والملابس الملقاة هنا  وهناك ... تعود الكهرباء فجأة ... وتدب الحرارة في التلفاز القديم ..

وفي ما يبدو أنها مقابلة فنية, تقول الفنانة سلاف فواخرجي : انتو ليش زعلانين والله سوريا بخير!!!  ... انقطعت الكهرباء

 

.. وصل المواطن بعد بحث وحركشة  الى مرحلة اليأس .. كما وصل الكثير  من ابناء جلدتنا

 .. فقرروا الرحيل او الهرب او النزوح الى المجهول .. ارتدى المواطن بنطاله البالي  ونزل الى الشارع ,  ظلام دامس ,لا احد .. فراغ رهيب , محلات مغلقة, حتى قطط  الشوارع متوارية عن الأنظار ... لا احد سوى الفراغ  ودوي المدافع  وقرقعة الرصاص  ... وفجـأة  يخرج دخان ذا لمعة من مسافة قريبة ,ويقبل عليه شيخ طاعن في السن , ابيض الشعر تكسوه حلة بيضاء ... استغرب المواطن .. ورغم استغرابه قرر أن لا يخرج من حالة الامبالة التي اتخذها مؤخرا نبراسا في حياته حتى يقدر على البقاء في  بلد مثل بلدنا

 

... تذكر المواطن شغفه لتدخين سيجارة .. اقترب من الشيخ ... , حجي .. هل معك قداحة .. ( يقول المواطن))

 ودون ان يهمس ببنت شفة   وبحركة خفيفة في الهواء ظهرت في يد الشيخ  قداحة عتيقة  مرسوم عليها

لا تترك حقك ورائك  كما فعل الكثيرون ... ابتسم الشيخ واختفى وتوارى  كما اقبل .. في سحابة من الدخان

 

... عاد المواطن الى الغرفة  وهو في قمة الدهشة  .. لكنه اصر على موقفه الاول والدائم ان يبقى لا مباليا

وان لا يسأل او يستفسر فليست هذه لا اول ولا آخر واقعة يعجز المنطق عن تفسيرها في سوريا ...

 

اخرج السيجارة مرة اخرى .. وهم بتشغيل نار القداحة ... فاذا به دخان يملأ الغرفة  ويحجب الرؤية .. لم يفزع المواطنن

فقد مر خلال ما يقارب الثلاث سنوات  بتجارب  انفجار واختناق اكثر رعبا ... انجلى البخار عن عفريت نصف عاري

صاح العفريت بالمواطن بصوت جهوري كالطبل مرعب كالبغل وقال : مرحباااااااااا

المواطن : اهلين

المواطن : لا والله  .. ولكني  محتار .. ملامحك لبنانية او عراقية او افغانية او ايرانية او مغاربية   والله ما عدنا نقدر على التمييز من كثرة الغرباء على كل حال اهلا وسهلا بك

 

العفريت : ماذا  تهرتل وتخرف ؟ انا عفريت من الجن كنت محبوس داخل القداحةة

المواطن :  آها .. فهمت , فهمت ..سلامات  .. مالسبب ؟

المواطن :  آها  ... لكن حسب علمي ان الاتفاق الاخير بين  الجيش الحر والنظام يقضي باطلاق المعتقلات مقابل الاسرى اللبنانيين ..لم يذكر احد العفاريت .. ربما شملتك الاتفاقية في بروتوكول سري غير معلن ؟ اليس كذلك ؟

 

العفريت :  لا تخرجني عن طوري .. مالي ومال اتفاقياتكم  ونظامكم.. انا خرجت لانك اشعلت القداحة .. انت سبب حريتي , انت من حررني , وانت صاحب الفضل , لذلك سأحقق لك أمنية , امنية واحدة ... اطلب وتمنىى

المواطن :  تعني مثل الافلام  ؟ ذهب والماس وياقوت ومرجان  وخاروف كامل يشوى على السيخ وجواري .. الخ ؟

المواطن : حسنا ...اممم .. اريد شنطة كبيرة مليئة بالدولارات فئة المئة دولار

 

العفريت : ابصق من فمك يارجل ... لا مستحيل  لا يمكن ان اضرك ..  في الشارع الذي تقيم فيه 7 حواجز امنن

تخيل انك وقفت على احد الحواجز وهذا امر محتوم .. وتم تفتيشك .. وهذا امر محتوم ايضا  .. ووجدوا معك الدولارات

تخيل !!! سوف تكون كما شربة الماء .. وربما يضعونك في قداحة مثلي .. ولكنها غير قابلة للفتح .. هات غيرها

في حي الخطيب مثلا .. يا سلام ..  حي جميل راقي في منتصف الشام  .. واملك فيه عمارة باكملها .. هيا حقق لي الامنية

 

العفريت : صبرا جميل وبالله المستعان على عقل هذا المواطن .. خلفك الامن السياسي وعلى يسارك امن الدولةة

وفي مقابلك شعبة التجنيد  وعلى بعد خطوات منك فرع المخابرات الجوية .. بغض النظر عن لطافة جيرانك المعهودة

او قد تسكن فيه لايام  .. لكنك لن تكاد تنعم بالهناء الا وجائتك قذيفة هاون طائشة من الجيش الحر مالت عن هدفها لتستقر في عمارتك ..  لا لا يارجل ...  هات غيرها

 

المواطن : فعلا  .. فعلا ... ولا ينوبني حينها الا حرقة القلب ... اممم .. حسنا .. سيد عفريت .. سمعت ان السويد او النرويج تستقبل السوريين وتمنحهم منازل جيدة ولجوء وطبابة وتعليم وراتب مجزي امن لي السفرة واكون لك من الشاكرينن

العفريت : أرني جوازك من فضلك .... يا لطيف  الطف بنا .. اسمك مطلوب على الحدود ايها المواطن ... لا لا لن ادعك تذهب الى المطار لا لن ارمي بك الى بيت خالتك .. قصدي التهلكة,  هات غيرها

المواطن : هل تعلم ... اه ... لا اريد شيئا مما سبق ... اريد وطن .. وطن فقط  .. هل هذا  ممكن؟

العفريت : اه .... اشعل سيجارتك  ودخنها ثم  اخلد الى النوم  .. هذا افضل ما استطيع ان اقدمه لك ايها المواطن .

2013-10-28
أكثر المساهمات قراءة
(خلال آخر ثلاثة أيام)