عزيزتي:
لم يراودني الشكُّ يوماً أنك ستغدرين بي، ولكن هاأنتِ تفعلين ما فعلَ الآخرون!!!
ها أنتِ تديرين ظهركِ لي تاركةً وراءك ذكرياتنا الجميلة هباءً تذروه الرياح ، هازئةً بحبي، ضاربةً عرض الحائط بمشاعري!!!
أنا الذي لم أخنكِ يوماً منذ نعومة أظفارنا؛؛؛
حتى في العيد حين كانت اللحمة تزور بيتنا كنتِ أنتِ من يشاطرها الصحن ، بل كان لك النصيب الأكبر من "الطبخه" حتى كنتُ لا أرى في الصحن سواك!
كنتُ أحسبُ علاقتنا أشبهَ بزواج كاثوليكي لا يفرّق عماده إلّا الموت! لكن هيهات! هراء و أحلام يقظه!
ها أنتِ تمعنين في الغلاء حتى أصبح الباعة يزينون بك دكاكينهم وأصبحتِ كغيرك ضيفاً يغادر منزلنا في الأسبوع الأول من الشهر ولا يعود إلّا مع هلال الشهر المقبل!
بعد أن كان البيت كله لك ولم يكن فيه سواك, لستُ ألومكِ على ما فعلتِ، بل و أقدّر لكِ وقوفكِ بجانبي حين هجرني الجميع... اعذريني إن كنتُ أؤنبكِ، فهي لوعة العاشق، يعضُّ حبيبه و يقبّله بآنٍ واحد.
إني حين أكثر عليك اللوم ، فلأني أجد ُ نفسي وحيداً.
بالأمس ودَّعْنا صديقتنا" البندوره" التي نشأت و كبرت ـ مثلكِ ـ في حارتنا، وها هي اليوم تحزم أمتعتها لتسكن في الأحياء الراقيه و تصبح نديمةَ الأ غنياء.
تعلمين يا صديقتي أنَّ حارتنا ـ رغم ترامي أطرافها ـ لم تكن يوماً وجهةً للسلع الفاخرة فالموز لا نراهُ إلّا في كتب العلوم، و اللحوم ـ على الرغم من أننا نحن من يرعى الأ غنام و يطعمها ـ لا نراها إلّا خلف زجاج الحافظات في محلات الجزاره...
للتفاح حكايةٌ عجيبة فهو متورّد الخدّين مفعمٌ بالحياة في حارات الأغنياء، عليلٌ جافٌ مجعّد الجلد في حارتنا. عزيزتي: بحقّ الصداقة أدعوكِ للعوده، و ليكن حاضراً في ذهنكِ أننا لم نكن أصدقاء بالصدفة، وأنّ الفقر ليس وحده ما يجمعنا، فهناك أمورٌ أخرى كثيرة، فأنتِ و البرغل وأنا أقدر الناس على التحمل وأصبرهم على البلاء، نتحمل التخزين و نقاوم الجفاف،، لكن ما لا نستطيع تحمله ياعزيزتي هو الوحدة، هل رأيتِ يوماً حبة برغل وحيدة؟ إني كذلك لا أستطيع العيش بدونك!
صديقتي رفيقة الفقراء: لن نستطيع اللحاق بكِ بل عودي أنتِ إلينا.